الجدل حول شقة أنجيلا راينر: كيف بدأت القصة؟

اعترفت نائبة رئيس الوزراء البريطانية، أنجيلا راينر، للمرة الأولى بأنها دفعت ضريبة دمغة أقل من المستحق عند شرائها شقة في مدينة هوف بقيمة 800 ألف باوند خلال الصيف. راينر سدّدت الضريبة وفق المعدل القياسي المقدر بنحو 30 ألف باوند، بينما كان عليها دفع معدل أعلى باعتبارها تملك منزلاً آخر، وهو ما قد يصل إلى 70 ألف باوند. الخطأ – بحسب روايتها – ارتبط بنقل حصتها في منزلها العائلي في أشتون-أندر-لاين إلى صندوق ائتماني باسم أطفالها، ما جعلها تعتقد أنها لم تعد مالكة له وبالتالي يمكن اعتبار الشقة الجديدة مسكنها الوحيد. لكن خبراء الضرائب أشاروا إلى أنّ القوانين أكثر تعقيدًا، وأن منزل مانشستر ظل يحتسب مسكنًا رئيسيًا لها ولأسرتها.
أين منزلها الرئيسي؟
بالنسبة للغالبية العظمى من تعاملاتها الرسمية، تعتبر راينر منزلها في أشتون-أندر-لاين مسكنها الأساسي، إذ يعيش فيه أبناؤها ويضم أغلب ممتلكاتها، كما تُسجَّل فيه أوراقها الرسمية والمالية. لكن في ملف ضريبة الدمغة فقط، جرى التعامل مع شقة هوف على أنها منزلها الرئيسي، وهو ما فتح بابًا لاتهامات بـ”النفاق”. وتملك راينر أيضًا شقة حكومية مخصصة لها في وايتهول، لكنها لا تدفع ضرائب عليها.
مصدر الأموال وصندوق الائتمان
أوضحت راينر أنها باعت حصتها في منزل مانشستر للصندوق الائتماني في يناير 2025، واستخدمت الأموال لشراء شقة هوف. الصندوق أُنشئ عام 2020 بعد حصولها على تعويض مالي إثر حادث صحي خطير لابنها المولود مبكرًا. وبهذا أصبح الصندوق يملك حصة المنزل فيما تملكت راينر الشقة الجديدة عبر رهن عقاري.
حياتها الأسرية والانتقادات
لراينر ثلاثة أبناء: اثنان من زوجها السابق مارك، وواحد من علاقة سابقة. وبعد طلاقها عام 2023، اعتمدت وزوجها السابق نظام “التناوب” في المنزل، بحيث يبقى الأطفال فيه بشكل دائم فيما يتنقل الوالدان داخله وخارجه. هذه الترتيبات زادت من تعقيد الوضع القانوني للعقار وأدت إلى المزيد من التساؤلات حول تعاملها الضريبي.
قالت راينر إنها لم تكشف تفاصيل الصندوق الائتماني من قبل بسبب أمر قضائي منعها من ذلك، مؤكدة أنها تحررت من هذا القيد مؤخرًا، ما سمح لها بنشر بيان كامل حول القضية. ويشير هذا إلى أنّ غياب الشفافية المبكرة هو ما ساعد في تفاقم الأزمة.
ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها راينر أسئلة حول ممتلكاتها. العام الماضي خضعت لتدقيق بشأن ضريبة الأرباح الرأسمالية بعد بيعها منزلًا سابقًا في 2015، لكن مصلحة الضرائب خلصت آنذاك إلى أنها لم تكن مطالبة بالدفع. أما هذه المرة، فإن تداعيات الأزمة تبدو أخطر، خاصة مع استعداد حزب العمال لزيادة الضرائب العقارية في الموازنة المقبلة.
مستقبلها السياسي على المحك
رئيس الوزراء كير ستارمر منح راينر دعمه العلني، واصفًا إياها بأنها “شخصية استثنائية ونائبة لرئيس الوزراء”، لكنه معروف بصرامته تجاه أي إخفاقات أو نقص في الشفافية. في حال خلص مستشار معايير السلوك الوزاري إلى أنّ راينر انتهكت المدونة الوزارية، قد يضطر ستارمر لإقالتها من مناصبها الحكومية. غير أنه لا يملك سلطة إزاحتها من منصبها كنائبة لزعيم الحزب، وهو ما قد يخلق حالة انقسام داخل قيادة حزب العمال إذا بقيت في موقعها الحزبي بعد خسارة مناصبها الوزارية.
ترى العرب في بريطانيا أنّ قضية راينر تتجاوز خطأً ضريبيًا فرديًا لتكشف عن مأزق أكبر يواجه الطبقة السياسية في البلاد: كيف يمكن إقناع المواطنين بزيادة الضرائب العقارية في حين يتهم كبار الساسة أنفسهم بالتهرّب أو سوء الإدارة؟ هذه الفضيحة، سواء انتهت باستقالة أو ببقاء راينر في منصبها، تسلط الضوء على أزمة الثقة المتفاقمة بين الناخبين والقيادة السياسية البريطانية.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇