العرب في بريطانيا | الجارديان: “أشم رائحة الموت”.. شهادات مروّعة من...

1447 جمادى الأولى 4 | 26 أكتوبر 2025

الجارديان: “أشم رائحة الموت”.. شهادات مروّعة من داخل حصار الفاشر في السودان

الخرطوم
رجاء شعباني October 15, 2025

تواجه مدينة الفاشر—آخر معاقل الجيش السوداني في غرب البلاد—حصارًا خانقًا منذ 549 يومًا على يد قوات «الدعم السريع»، وسط قصف مدفعي وغارات بطائرات مُسيّرة، وانقطاع شبه كامل للمساعدات والاتصالات. وتكشف معطيات طبية وإنسانية حديثة عن تدميرٍ واسع للمنازل، وانتشار سوء تغذية حاد، ودفع السكان—نحو 250 ألف شخص—إلى «حافة البقاء على قيد الحياة».

مدينة «غير صالحة للعيش» على خط النار

تُظهر شهادات جمعها الشهر الماضي فريق «مِدغلوبال» (MedGlobal) من نحو 900 شخص فرّوا حديثًا من الفاشر أنّ أكثر من 90% من الأسر أبلغت عن تدمير أو إتلاف أو نهب منازلها قبل الفرار، فيما ربع الأسر فقدت فردًا واحدًا على الأقل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ثلاثة أرباع الفارّين قالوا إنهم «نادراً أو لا يحصلون» على طعام بسبب الحصار، ونصفهم أفاد بندرة الوصول إلى الماء. وتؤكد المنظمة أنّ «تدمير المنازل والبنى الصحية جعل الفاشر غير صالحة للعيش». وتتفاقم الأخطار مع ازدياد القصف المدفعي وغارات المسيّرات؛ إذ أصاب قصفٌ نهاية الأسبوع الماضي مأوىً للنازحين وأودى بحياة ما لا يقل عن 57 شخصًا—بينهم 22 امرأة و17 طفلًا—كما تعرّض المستشفى الأخير العامل في المدينة (السعودي) للقصف، ما أسفر عن مقتل 13 شخصًا. 81% من السكان قالوا إنهم «لا يشعرون بالأمان» أثناء التنقّل داخل المدينة، وثلاثة أرباعهم اضطروا لتبديل أماكن سكنهم ثلاث مراتٍ على الأقل. وإلى جانب العنف المباشر، يشتكي الأهالي من تعتيمٍ شبه تام على الاتصالات؛ 86% أبلغوا عن «انعدام أو ندرة» الوصول إلى الهاتف أو الإنترنت.

جوعٌ مُمنهج.. وأدلة على «تجويع الأطفال»

الفحص الطبي للواصلين إلى مدينة الدَبّة في الولاية الشمالية بعد مسيراتٍ شاقة كشف مستويات حادّة وواسعة من سوء التغذية: واحدٌ من كل خمسة أطفال دون الخامسة يعاني سوء تغذية حادًا، وترتفع النسبة بين من هم دون 18 شهرًا إلى 27.5%. كما سُجّل سوء تغذية لدى 38% من الحوامل والمرضعات، مع نسبٍ هي الأعلى بين المراهقات (15–19 عامًا) حيث تبلغ 60% في ما تصفه «مِدغلوبال» بـ«الهزال». ويروي الناجون تفاصيل تهزّ الضمير: «في الفاشر أشمّ رائحة الموت لا رائحة الحياة والأمل»، تقول إحدى النساء. ويؤكد عاملون إنسانيون أنّ المدينة تُحاصَر بمتاريس ترابية ضخمة تعيق الفرار، فيما قادت محاولةٌ أمريكية—تحدّث عنها مستشار رئاسي بالاشتراك مع الإمارات—إلى آمالٍ خاطفة بإدخال مساعدات قبل أن تتلاشى مع تشديد الحصار. وفي منعطفٍ نادر، نفّذ الجيش السوداني إسقاطات جوية غذّت خطوط الدفاع مؤقتًا، لكنّ الغذاء بقي شحيحًا، والخدمات الصحية متهالكة. على الجانب الحقوقي، دان مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك القتل المستمر للمدنيين في الفاشر، فيما تُوجَّه اتهاماتٌ أيضًا للجيش السوداني بارتكاب انتهاكات، بينها هجومٌ بطائرة مُسيّرة شرق المدينة أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 16 شخصًا. ووصف «مركز راؤول وولنبرغ لحقوق الإنسان» النزاع بأنه «حرب على الأطفال»، محذّرًا من تعرّضهم لتجويعٍ جماعي وتهجير قسري وهجمات متعمّدة، ومشيرًا إلى مسؤولياتٍ دولية قد يطالها قانون الإبادة.

مسؤولية دولية ومساعدات بريطانية

الخرطوم

تؤكد المنظمات الحقوقية والإنسانية أنّ منع الوصول الإنساني وتجويع المدنيين يرقى إلى جرائم حرب. وفي تقريرٍ حديث، أثنت «لجنة التدخل في المساعدات» البريطانية (ICAI) على أولوية الحكومة للأزمة في السودان ومضاعفة الدعم إلى أكثر من 230 مليون باوند العام الماضي، غير أنّ الميدان يكشف عن فجوةٍ ضخمة بين الاحتياجات والتمويل والوصول، في ظلّ حصارٍ يُحكِم خناقه على المدينة ويحوّلها إلى جيوبٍ سكانية محاصرة تحت القصف.

ترى المنصّة أنّ الفاشر تمثّل اختبارًا قاسيًا لضمير العالم: فكّ الحصار وضمان ممرّاتٍ إنسانية وحماية البنية الصحية والمدنية يجب أن تتصدر أولويات الأمم المتحدة وشركائها، مع مساءلة كل الأطراف التي تُسهم في تجويع المدنيين واستهدافهم. لا يمكن ترك مدينة «على حافة البقاء» رهينةً للجوع والقصف؛ المطلوب ضغطٌ دبلوماسي وإنساني عاجل، وتمويلٌ مُستدام، وآليةُ وصولٍ تحمي الناس قبل أن يبتلعهم الموت بصمت.

المصدر: الغارديان 


إقرأ أيضا

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
10:31 pm, Oct 26, 2025
temperature icon 11°C
broken clouds
90 %
1003 mb
17 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 75%
Visibility 10 km
Sunrise 6:43 am
Sunset 4:45 pm

آخر فيديوهات القناة