التوظيف في بريطانيا يشهد ارتفاعًا ملحوظًا في يناير 2025
شهد سوق العمل في بريطانيا انتعاشًا مفاجئًا في كانون الثاني/ يناير 2025، مع تسجيل أول زيادة في معدلات التوظيف منذ تموز/ يونيو الماضي، وفقًا لأحدث الأبحاث الصادرة عن مؤسسات بحثية واقتصادية بارزة.
يأتي هذا التحسن في وقت بدأت فيه ثقة المستهلكين بالارتفاع، ما يشكل دفعة قوية للمستشارة المالية البريطانية راشيل ريفز، التي تسعى مع الحكومة إلى رصد مؤشرات على عودة النمو الاقتصادي.
ارتفاع ثقة المستهلك يعزز الآمال الاقتصادية
أظهرت بيانات مؤشر ثقة المستهلك الصادرة عن شركة أبحاث السوق (GfK) تحسنًا ملحوظًا، حيث ارتفع المؤشر من -22 في يناير إلى -20 في شباط/ فبراير، في إشارة إلى ازدياد تفاؤل الأسر البريطانية بشأن أوضاعها المالية والتوقعات المستقبلية للاقتصاد.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا التحسن يعود إلى تراجع معدلات الفائدة التي خفضها بنك إنجلترا مؤخرًا إلى 4.5%، ما ساهم في تخفيف الأعباء المالية على الأسر وتحفيز الاستهلاك.
زيادة ملحوظة في معدلات التوظيف
وفقًا لمسح منفصل أجراه اتحاد التوظيف والتوظيف البريطاني (REC)، فقد زادت الشركات البريطانية من عمليات التوظيف في كانون الثاني/ يناير لأول مرة منذ تموز/ يونيو 2024.
وأظهر التقرير أن عدد الوظائف المُعلنة ارتفع بنسبة 7.2% مقارنة بالشهر السابق، ليصل إلى 1,516,535 وظيفة.
استفادت المناطق البريطانية كافة من هذه الزيادة، حيث سجلت منطقة شرق ميدلاندز (East Midlands) أعلى نسبة نمو بلغت 11.7%، فيما سجلت لندن (London) أدنى نسبة نمو بلغت 3.4%.
ويُعد هذا الانتعاش مؤشرًا على تعافي سوق العمل، الذي كان يعاني في الأشهر السابقة من تباطؤ ملحوظ بفعل الضغوط الاقتصادية المتزايدة.
تضارب في المؤشرات الاقتصادية الرسمية
تتعارض هذه النتائج الإيجابية مع التقارير الرسمية الأخيرة الصادرة عن جهات حكومية وجمعيات أعمال، والتي أظهرت تدهورًا في بعض جوانب سوق العمل.
وأعربت الشركات عن قلقها من زيادة تكاليف التأمين الوطني لأصحاب العمل، وارتفاع الحد الأدنى للأجور الوطني المقرر تطبيقه في نيسان/ أبريل المقبل، بالإضافة إلى التحسينات المرتقبة في حقوق العمال.
هذه التغييرات دفعت العديد من المؤسسات والشركات الخيرية إلى التفكير في تسريح الموظفين أو تجميد التوظيف.
تحسن في المؤشرات المالية الشخصية
أشار نيل بيلامي، مدير رؤى المستهلكين في (NIQ GfK) إلى أن المستهلكين أصبحوا أكثر تفاؤلاً بشأن أوضاعهم المالية الشخصية، بفضل الانخفاض الأخير في أسعار الفائدة.
وأضاف أن التباين بين كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير كان واضحًا، حيث سجلت جميع المؤشرات الخمسة الرئيسية لثقة المستهلكين تحسنًا في شباط/ فبراير، مقارنةً بتراجعها الجماعي في الشهر السابق.
ورغم هذا التحسن، لا يزال المؤشر عند مستويات منخفضة مقارنة بما كان عليه قبل جائحة كورونا.
فمنذ بداية الوباء في عام 2020، وصل المؤشر إلى أعلى نقطة له عند -7 في تموز/ يوليو 2021، بينما سجل أدنى مستوى له عند -49 في أيلول/ سبتمبر 2022. وكانت آخر مرة سجل فيها المؤشر قيمة إيجابية في عام 2016.
استمرار الضغوط الاقتصادية على الأسر
ورغم التحسن الملحوظ، لا تزال الأسر البريطانية تعاني من ضغوط مالية كبيرة، خصوصًا مع استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات فوق الهدف الذي وضعه بنك إنجلترا.
ولا تزال فواتير الغاز والكهرباء تمثل تحديًا كبيرًا للأسر ذات الدخل المحدود، حيث ارتفعت تكاليف الطاقة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
زيادة لافتة في الوظائف الجديدة
كشف تقرير (REC) أن عدد الإعلانات عن الوظائف الجديدة بلغ 738,040 وظيفة في كانون الأول/ يناير، بزيادة ملحوظة بلغت 34.4% مقارنة بشهر كانون الأول/ ديسمبر.
وتُعد هذه النسبة تحسنًا كبيرًا مقارنة بزيادة 27.9% المسجلة في كانون الأول/ يناير 2024، وهو ما يُشير إلى انتعاش واضح في الطلب على الوظائف.
وقالت كيت شوسميث، نائبة الرئيس التنفيذي لـ (REC)، إن هذه النتائج تبعث على التفاؤل، رغم المحادثات الصعبة التي تشهدها مجالس الإدارة بشأن التكاليف الإضافية المرتبطة بالتضخم وارتفاع الضرائب.
وأكدت أن “الزيادة الكبيرة في الوظائف الجديدة تمثل علامة واضحة على أن أصحاب العمل يواصلون التوظيف حينما تستدعي الحاجة”، مشيرة إلى أن هذا التحسن يعكس مرونة قطاع الأعمال في مواجهة الضغوط المحلية والدولية.
تباين في الثقة بين المستهلكين والشركات
على الرغم من التحسن الذي سجله مؤشر (GfK)، أظهر مسح أجرته جمعية تجارة التجزئة البريطانية (BRC) بالتعاون مع شركة Opinium أن ثقة المستهلكين البريطانيين تراجعت بشكل حاد منذ الصيف الماضي، وهو ما يعكس حالة من التباين بين التفاؤل السائد في بعض الدراسات والقلق الذي تشعر به فئات أخرى من المستهلكين.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
8°C
