أي المدن البريطانية تبتلع أكبر نسبة من الدخل في الإيجار؟
لطالما نصح الآباء والأجداد بعدم إنفاق أكثر من 30% من الراتب الشهري على الإيجار، قاعدة تبدو منطقية على الورق، لكنها اليوم باتت حلمًا بعيد المنال للشباب تحت سن الثلاثين، الذين يواجهون ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الإيجارات في بريطانيا.
وأظهرت بيانات حديثة أن هذه القاعدة لم تعد قابلة للتطبيق، بعد مقارنة متوسط الأجور المنشورة من مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS) مع متوسط الإيجارات للغرف في 50 مدينة بريطانية تتمتع بأعلى عرض للإيجارات، وفق تحليل موقع SpareRoom.
فجوة متزايدة بين رواتب الشباب وإيجارات المعيشة في بريطانيا

يبلغ متوسط الراتب السنوي قبل الضرائب للشباب بين 18 و 21 عامًا 22,001 باوند، أي ما يعادل 1,833 باوند شهريًا، بينما تصل الفئة العمرية بين 22 و 29 عامًا إلى 31,200 باوند سنويًا، أي 2,600 باوند شهريًا.
وفق قاعدة 30%، يفترض أن يدفع الشباب بين 18 و 21 عامًا 550 باوندًا كحد أقصى للإيجار، وللفئة العمرية من 22 إلى 29 عامًا 780 باوندًا شهريًا. إلا أن الواقع المالي مختلف تمامًا: في لندن وحدها، بلغ متوسط إيجار الغرفة في الربع الثالث من 2025 {995 باوندًا} ، ما يتطلب راتبًا شهريًا قبل الضرائب قدره 3,317 باوند (39,804 باوند سنويًا) لتغطية الإيجار بشكل مريح.
وبناءً على ذلك، فإن من يتقاضى 31,200 باوند سنويًا ينفق 38% من راتبه على الإيجار، بينما تصل النسبة إلى 45% لمن يحصل على 26,600 باوند، و 54% لمن يكسب 22,001 باوند.
الوضع ليس أفضل في إدنبرة، حيث بلغ متوسط الإيجار 887 باوندًا، ما يتطلب راتبًا سنويًا قدره 35,480 باوند لتغطية الإيجار بشكل مريح، بينما من يكسب 22,001 باوند ينتهي به المطاف لدفع 48% من راتبه. بالمقابل، توفر مدن مثل برادفورد بعض الراحة المالية، حيث يدفع من يكسب 31,200 باوند نحو 18% من راتبه، أي 470 باوند شهريًا.
تأثير الإيجار المرتفع على الشباب

يشير مات هاتشينسون، مدير SpareRoom إلى أن قاعدة 30% لم تعد واقعية منذ فترة طويلة: “عندما يصل الإيجار إلى 40% أو 50% من الدخل، يصبح تغطيته صعبًا، وتوفير دفعة أولى لشراء منزل أمر بعيد المنال. وهذا لا يؤخر فقط خطط الحياة، بل يزيد من احتمالية التعرض للديون، ويؤثر سلبًا على الصحة النفسية والشعور بالوحدة. المشكلة لا تقتصر على المستأجرين فحسب، بل تمتد لتؤثر على الاقتصاد والمجتمع بأكمله.”
وأضاف هاتشينسون أن ارتفاع الإيجار ليس العقبة الوحيدة أمام الشباب: ليس كل شخص قادرًا على توفير دفعة أولى تعادل خمسة أسابيع إيجار، ولا كل الأهل قادرين على دعم الأبناء ماليًا من خلال ما يُعرف بـ”بنك الأم والأب”.
مشروع قانون حقوق المستأجرين والتحديات القائمة

وأشار مات هاتشينسون أيضًا إلى أن مشروع قانون حقوق المستأجرين يسعى لحظر طلب الإيجار مقدمًا لفترات طويلة قد تصل أحيانًا إلى 12 شهرًا، في خطوة تهدف إلى تحقيق قدر أكبر من العدالة في السوق.
وأضاف أن القانون يتيح للمستأجرين الاعتراض على زيادات الإيجار السنوية، ويمكن تعديلها إذا تبين أن الإيجار المقترح يتجاوز قيمته السوقية. ومع ذلك، لفت هاتشينسون إلى أن التحدي الأكبر لا يزال يكمن في أن الإيجارات السوقية نفسها مرتفعة للغاية.
تشير الأرقام إلى أن الشباب في بريطانيا يواجهون أزمة حقيقية في القدرة على تحمل تكاليف الإيجار، خصوصًا في المدن الكبرى مثل لندن وإدنبرة. من الضروري عند البحث عن مسكن تقييم الدخل الشهري مقابل الإيجار المتوقع، مع الأخذ في الاعتبار التكاليف الأخرى مثل الفواتير والصيانة.
كما يُنصح بالاستفادة من التشريعات الجديدة مثل مشروع قانون حقوق المستأجرين لضمان دفع إيجار عادل، مع التخطيط المالي طويل المدى لتجنب الدخول في الديون. وفي ظل ارتفاع الإيجارات، يمثل اختيار المدن الأقل تكلفة خيارًا استراتيجيًا للشباب للحفاظ على استقرار مالي نسبي، مع البحث عن حلول مبتكرة لتخفيف العبء المالي وتحقيق توازن بين الحياة الشخصية والمسؤوليات المالية.
المصدر : Metro UK
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
