أيّها المغتربون العرب: حافظوا على صلة أبنائكم بعائلاتكم الممتدّة
إنّ شهرًا واحدًا يقضيه الطفل المغترب مع عشيرته الممتدّة في ربوع بلده الأصلي أو أي بلد آخر تجتمع فيه الأسر مع أقاربها، ويلتقي فيه الطفل بأجداده ومن تيسر لقاؤه من بني عمومته وأخواله، ليعادل سنة كاملة من وحشة الاغتراب وضياع الهويّة وفقدان البوصلة.
نصيحتي لأحبّتنا المغتربين:
حافظوا على عائلاتكم الممتدة وتمسكّوا بوشائج القربى وصِلوا أرحامكم، فهذا مفيد لكم أولًا (فضلًا عن كونه واجبًا شرعيًا)، قبل أن يكون نافعًا لأبنائكم، وهو بالغ الأهمية في تعزيز ارتباط أطفالكم بهويّتهم وحضارتهم وإثراء مخزونهم من لغتهم الأم، وسينعكس بالضرورة إيجابًا على دينهم ورصيد قيمهم التربوية، ناهيك عن البركة التي تحلّ علينا بحسن صلتنا بأرحامنا وكسب رضا ذوي الفضل علينا من آباء وأمهات وأعمام وأخوال ومن في حُكمهم من ذوي القربى.
إن إيجابيات التواصل العائلي الممتد على مستوى العشيرة وذوي القربى من الأهل، لتتفوق من وجهة نظري على ما يمكن أن يسرده بعضنا من سلبيات من الصعب تجنّبها أحيانًا، والحكمة تقتضي انتقائية تعميق العلاقة مع بعض أطراف العائلة أكثر من غيرهم، فأصابع اليد الواحدة تتفاوت في نفعها وكذلك الأمر داخل العائلة الممتدة، فبعض أفرادها أصلح للتواصل وتعميق العلاقة من غيرهم.
هناك من نكتفي معهم بالحد الأدنى من الصلة، وهناك آخرون نتمنّى صحبتهم لأبنائنا اليوم بأكمله لما فيهم من صلاح وخير، وفي النهاية يجب أن يعلم أبناؤنا أن لكل مجتمع سلبيات وإيجابيات، وأن الغرب لم يكن ليتفوق علينا لولا أنهم أخذوا أفضل ما لدينا وأعطونا أسوأ ما لديهم، وهناك مظاهر سلبية كثيرة في مجتمعاتنا علينا إنكارها والسعي لإصلاحها، ويُركَّز عليها أحيانًا كدليل على سوء أوضاعنا وتخلّفنا، مع أن أسبابها تتصل بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي لا تنسجم مع قيمنا الأصلية التي جسّدناها قرونًا طويلة حين كانت أمّتنا في صدارة الأمم، وقبل أن تتعرّض لهجمات خارجية نالت منها على كل صعيد، بما في ذلك العبث بقيمها.
نشير هنا إلى أن إجازة صيف هذا العام قد تميّزت بحضور حالة التضامن مع غزة – على تفاوت بين بلادنا العربية – وسريان ثقافة المقاطعة، وحضور مشاهد الانتصار لفلسطين حتى في أفراح الناس ومناسباتهم، وهذا كله يستحق أن نلفت نظر الأبناء إليه وتعزيز روحيته فيهم.
إن تذكير الأبناء بهذه التفاصيل وهم يكبرون عامًا إثر عام مهمٌّ جدًّا، قبل أن يصلوا إلى مرحلة لا ينفع معها النُصح أو يقلّ تأثيره، ونجد أنفسنا أمام جيل لا يرتبط بهويّته ودينه سوى بالاسم، مع أن هذا الأخير قد يتغيّر أيضًا، فيصبح محمّد “مو” وجمال أو جميل “جيمي”.. والقائمة تطول.
إن مسؤولية تربية الأبناء لا تقتصر على توفير الطعام والشراب والمسكن اللائق والتعليم النوعي الجيّد، لا سيما أن ذلك كله ميسور في دول الغرب، وإنما تُترجم قبل ذلك وبعده بتوثيق ارتباطهم بدينهم وثقافتهم وتأكيد اعتزازهم بهويّتهم دون انغلاق أو تعصب، بل بروح “رسالية” تجعلهم نماذج حيّة لتلك الهويّة التي تساهم في تعريف الناس بها وجذبهم إليها.
شاركونا ملاحظاتكم بشأن المقال في التعليقات أدناه.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇