كيف أصبح جيريمي هانت أقوى شخصية سياسية في بريطانيا خلال أيام؟
دخل جيريمي هانت مجلس النواب بتاريخ 17 تشرين الأول/أكتوبر بعد تعيينه وزيرًا للمالية، وخاطب أعضاء البرلمان والمستثمرين قائلًا: “إن دولتنا تفي بالتزاماتها المالية وتسدد ديونها”.
فكيف تحول هانت إلى أقوى شخصية سياسية في بريطانيا وأكثرها تأثيرًا في حزب المحافظين؟
وقد شخّص جيريمي هانت في خطابه الأول أمام البرلمان البريطاني بوصفه وزيرًا للمالية المشكلات التي تواجه الاقتصاد، و هو من يتولى مقاليد الحكم في الواقع، ويدير السياسة الاقتصادية للبلاد.
هانت يعيد استقرار الأسواق ويكرّس نفسه كأقوى شخصية سياسية في البلاد
استعاد جيريمي هانت خلال أسبوعه الأول في المنصب الجديد نحو 32 مليار باوند من الأموال التي خصصت لتمويل كل من التخفيضات الضريبية والإصلاحات المالية التي نفذتها ليز تراس، والتي أثارت اضطرابات وفوضى مالية في الأسواق، وأدت إلى تراجع شعبية حزب المحافظين.
وقد يكشف هانت في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الحالي عن زيادة في الضرائب، وتخفيض في الإنفاق قد يعودان على خزينة الدولة بـ40 مليار باوند.
يمتلك هانت مسيرة سياسية حافلة، حيث شغل منصب وزير الصحة، وهو أحد أصعب المناصب الحكومية، وأثبت كفايته وحنكته في إدارة وزارة الصحة.
ما المناصب التي شغلها هانت سابقًا؟
كما شغل منصب وزير الخارجية، وهو أسهل منصب وزاري في الحكومة عادة، وأصبح مقربًا جدًّا من بقية مسؤولي حزب المحافظين، وكان ضمن الأسماء القليلة المرشحة لخلافة كواسي كوارتنج بعد إقصائه في 14 تشرين الأول/أكتوبر.
تتمثل مهمة هانت التي تبدو صعبة بتصحيح الأخطاء التي ارتكبها سلفه كواسي كوارتنج، ويعتقد بعض الناس أن هانت مؤهل لأداء هذه المهمة، وقد يعتمد في ذلك على نهجه العملي والتكنوقراطي (التكنوقراطيا: هي اختيار صانعي القرار على أساس خبرتهم في مجالٍ معينٍ، وخصوصًا فيما يتعلق بالمعرفة العلمية أو التقنية. ولا يعني بالضرورة تجاهل الممثلين المنتخبين، بل إن الأمر يعتمدُ بالأساس على المعرفة والأداء بدلًا من الانتماءات السياسية).
وقد شبه أحد السياسيين جريمي هانت بالوزير السابق فيليب هاموند الذي يُعَد من أقوى وزراء المالية في تاريخ بريطانيا.
ويبدو أن الاختلاف الكبير بين هانت وكوارتنج هو أن كوارتنج كان على خلاف مع المؤسسات التكنوقراطية في بريطانيا، في حين بنى هانت مسيرته السياسة على العمل مع هذه المؤسسات.
على سبيل المثال: تولى السير سيمون ستيفنز إدارة هيئة خدمات الصحة الوطنية في إنجلترا أثناء تولي هانت منصب وزير الصحة، وعلى الرغم من تبعية هيئة خدمات الصحة الوطنية للحكومة، فإنها تدار ضمنيًّا بوصفها منظمة غير حكومية، ولا يتمتع وزراء الصحة بسلطة مباشرة على هيئة خدمات الصحة الوطنية.
ويمكن للوزراء تحديد الاستراتيجية العامة للمؤسسات، لكنهم بعيدون بطبيعة الحال عن المشكلات اليومية التي تواجهها المؤسسات، وقد سمح هانت للسير سيمون بإدارة بعض الملفات في هيئة خدمات الصحة الوطنية، مثل سلامة المرضى وأجور الأطباء وتحسين ظروف العمل، وقد نجحت الشراكة بينهما إلى حد ما.
وكان الوزير السابق كواسي كوارتنج قد وعد بتغيير السياسة المالية التقليدية المتعلقة باستقرار العملة، والموازنة بين الديون والأرباح، لكن يبدو أن أن الوزير هانت سيكرس هذه السياسة.
وبينما تجاهل كوارتنج توقعات مكتب تدقيق ومراقبة الميزانية، سيأخذ هانت هذه التوقعات على محمل الجد.
ما النهج الاقتصادي الذي يتبعه جيريمي هانت؟
‘This is a landmark policy supporting millions of people through a difficult winter.’
Chancellor Jeremy Hunt announces the Government is scrapping plans to reduce the basic rate of income tax to 19%. pic.twitter.com/vanRjhXr0t
— GB News (@GBNEWS) October 17, 2022
وفيما تجاهل كواسي كوارتنج تصريحات بنك إنجلترا، فإن هانت سيعمل بالتنسيق معه، ويبدو أنه لن يسمح بتحويل الاقتصاد البريطاني إلى حقل تجارب بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن جيريمي هانت لا يأبه برضا زملائه، كما أنه لن يحاول كسب رضا الناس على حساب سياساته.
على عكس رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق بوريس جونسون الذي كان يحاول كسب الناس بأسلوبه الدبلوماسي، وتجنب الصدام مع الآخرين.
لكن يبدو أن هانت يتبع سياسة معاكسة تمامًا، فقد سبق أن انتقد حرية الإعلام في بعض الدول الحليفة لبريطانيا في أوروبا الشرقية، كما ألغى عقود بعض الأطباء والممرضات رغم قوة تأثير القطاع الطبي.
ويبدو أن سياسة هانت القائمة على زيادة الضرائب وخفض الإنفاق لجمع 40 مليار باوند، لن تحظى بشعبية كبيرة، لكنه ماضٍ في تنفيذها.
وعُرِف الوزير هانت بكونه غريب الأطوار، وخصوصًا عندما شغل منصب وزير الثقافة عام 2010، فقد أشار بعض الصحفيين إلى أنه اختبأ خلف الأشجار أثناء حضوره حفلة برفقة جيمس مردوخ ابن رجل الأعمال روبرت مردوخ، لكن هانت نفى الحادثة.
وعُرِف عنه أيضًا تصريحاته المثيرة للجدل؛ فقد قارن هانت الاتحاد الأوروبي بالاتحاد السوفيتي عندما كان وزيرًا للخارجية، على الرغم من الحملة التي قادها سابقًا للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
بالنسبة إلى كثيرين تبدو سياسات هانت مثالًا للسياسات المالية المحافظة، لكن تجدر الإشارة إلى أن هانت اقترح خفض الضرائب المفروضة على الشركات إلى نسبة 12.5 في المئة خلال حملته الانتخابية لقيادة حزب المحافظين عام 2019.
وعلى الرغم من إظهار هانت بأنه سياسي وسطي معتدل، فإنه يُعَد من أبرز المؤيدين لسياسات مارغريت تاتشر، وهو ما يتقاطع فيه مع ليز تراس.
لكن هانت سياسي ذكي بما يكفي ليختار السياسات المناسبة للوقت الحالي، حتى لو كانت مخالفة لنهجه السياسي!
15 شخصية قادت بريطانيا في عهد الملكة إليزابيث الثانية
الرابط المختصر هنا ⬇