آلاف البريطانيين يتظاهرون أمام داونينج ستريت للمطالبة بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل

تجمع آلاف المتظاهرين البريطانيين يوم الجمعة أمام مقر رئاسة الحكومة البريطانية في 10 داونينغ ستريت، في تظاهرة حاشدة طالبت بوقف فوري لصادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، وذلك على خلفية استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما خلفه من آلاف الضحايا.
ورفع المتظاهرون شعارات قوية مناهضة للسياسات الحكومية، أبرزها: “احتجاج طارئ -أوقفوا تسليح إسرائيل- الكلمات لا تكفي”، و”الأطفال يُقتلون في غزة”، و”المدارس والمستشفيات تُقصَف”.
وجاءت هذه التظاهرة بتنظيم مشترك من ائتلاف دعم فلسطين، من بينها “حملة التضامن مع فلسطين” (PSC)، التي أكدت أن هذه التظاهرات تأتي في وقت تشهد فيه غزة “كارثة إنسانية غير مسبوقة”، وأنه لا بد من تحرك فوري من الحكومة البريطانية لوقف التواطؤ فيما وصفته بـ”الإبادة الجماعية” بحق الشعب الفلسطيني.
مواقف رسمية متأخرة
جاءت التظاهرة بعد أيام قليلة من تصريحات لافتة صدرت عن رئيس الوزراء كير ستارمر ووزير الخارجية ديفيد لامي، وصفا فيها الهجوم الإسرائيلي على غزة بـ”الشائن”، ومعاناة الفلسطينيين بـ”المروعة”.
لكن تلك التصريحات، على الرغم من قوتها النسبية، قوبلت بتشكيك كبير من المحتجين، الذين أكدوا أن “الكلمات وحدها لا تكفي”، وأن المطلوب هو اتخاذ خطوات سياسية ملموسة لوقف دعم إسرائيل عسكريًّا.
وفي خطاب أمام الحشود، قال الناشط السياسي والصحفي البريطاني جون ريس: “لقد خسر ستارمر هذه البلاد فيما يخص موقفه من فلسطين. قبل صدور هذا البيان كنت أعلم أن ستارمر منافق، وأن لامي كاذب. وبعد البيان، لم يتغير شيء. نطالبهم بتحويل أقوالهم إلى أفعال حقيقية. أوقفوا تسليح إسرائيل”.
وأضاف: “لم يكونوا ليقولوا تلك الكلمات، ولم تكن مواقفهم لتنهار تمامًا، لولا استمرارنا في التظاهر أسبوعًا بعد أسبوع، وشهرًا بعد شهر، وسنة بعد سنة. والآن، السؤال هو: هل يمكننا فعل المزيد دفاعًا عن فلسطين؟”.
دعوات لوقف التراخيص العسكرية
بحسَب بيانات وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 أكثر من 54 ألف فلسطيني، وأصيب عشرات الآلاف بجروح، في قصف متواصل أودى بحياة الأطفال والنساء والمرضى وحتى الطواقم الطبية.
وعلى الرغم من هذا الدمار الواسع، لا تزال الحكومة البريطانية مستمرة في منح تراخيص تصدير أسلحة ومكونات عسكرية، منها أجزاء تُستخدم في الطائرات المقاتلة الأمريكية من طراز (F-35)، التي تعتمد عليها إسرائيل في هجماتها على غزة.
في هذا السياق، أكد ائتلاف التضامن مع فلسطين أن استمرار تزويد اسرائيل بالسلاح يجعل بريطانيا “شريكًا مباشرًا في جرائم الحرب”، وطالب بوقف فوري لجميع التراخيص العسكرية.
كوربين: الحكومة زادت صادرات السلاح رغم التعليق الجزئي
شارك في التظاهرة أيضًا زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيرمي كوربين، الذي ألقى كلمة حذر فيها من التناقض الصارخ بين التصريحات الحكومية والسياسات الفعلية.
وقال كوربين: “منذ التعليق الجزئي، ارتفعت صادرات الأسلحة إلى إسرائيل بموجب التراخيص الأخرى. هذا أمر غير مقبول. نطالب بالحقيقة، ونطالب بالعدالة للشعب الفلسطيني”.
وكشف عن عزمه التقدم بمشروع قانون في مجلس العموم البريطاني في الـ4 من حَزيران/ يونيو المقبل، تحت عنوان “مشروع قانون تحقيق عام مستقل في غزة”، يستهدف فتح تحقيق رسمي في مدى تورط بريطانيا في جرائم حرب محتملة ارتكبت في القطاع.
ضغوط قانونية على الحكومة ودعوى قضائية تطالب بالمساءلة
وعلى الرغم من التصريحات الأخيرة الصادرة عن الحكومة، يرى النقاد أن الموقف البريطاني ما زال مدفوعًا بحسابات سياسية، لا بتحول حقيقي في السياسة الخارجية.
ويشير محللون إلى أن تغير نبرة الخطاب الحكومي قد يكون ناتجًا عن الضغوط القانونية المتزايدة، حيث رفع ناشطون دعاوى قضائية ضد الحكومة متهمين إياها بانتهاك القوانين المحلية والدولية عبر تصدير أسلحة قد تُستخدم في انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، ويشمل ذلك جرائم الإبادة.
ومع أن القضية تركز أساسًا على تصدير مكونات طائرات “إف-35″، فإنها تطالب أيضًا بتعليق فوري لجميع تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرة إلى “الخطر الواضح” بأن المكونات المصنعة في بريطانيا تُستخدم في تسهيل ارتكاب جرائم حرب.
ومع نهاية التظاهرة، تعهد العديد من المشاركين بمواصلة الحملة الشعبية ضد السياسات البريطانية الداعمة لإسرائيل، مؤكدين أن “الضغط الشعبي هو ما دفع الحكومة لإصدار تصريحاتها الأخيرة”، وأن “المعركة من أجل العدالة لفلسطين لا تزال طويلة”.
المصدر: الأناضول
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇