وداعًا يا غزة التي أعرفها
ما يقتلني ألمًا أنني أعرف هذه الشوارع جيدًا .. وأعرف تلك الساحات..جباليا الشامخة التي نشأ فيها والدي و تزوجت فيها أمي و عاش فيها عمي و عمتي وأولادهم ما زالت تُدك حتى اللحظة .. الأخبار المشؤومة تتوارد من هناك تخبر أن الأزقة مُحيت والشوارع اختفت والبيوت هُدِّمت على ساكنيها..
فقدت في هذه الحرب المجنونة مراتع الطفولة و مدرستي وجامعتي و صديقاتي ومحيت كل الذكريات..حتى بقايا البيوت القائمة أصبحت مهجورة بعد أن ملأناها بالمسرات يومًا و كثير من الأحلام و الآمال..
غزة العزة في ذكرياتي
انصرم أسبوعان و لم أسمع صوت والدي و والدتي و قد اعتدت ألا يمضى يوم دون سماع دعواتهما.. سامحني يا ربي فقد كنت اخترع القصص السعيدة والحكايات المبهجة التي لم تحدث حتى يطول الحوار و تعلو الضحكات.. أتمنى أن يكتب الله لهما عمرًا و عوضًا و كثيرًا من الجبر و الأجر..
صحيح أن غربتي أكلت من قلبي خمسة عشر عامًا و لكنني ولأول مرة أشعر أنني لاجئة.. نعم ! فما اللجوء إلا أن تكون طريدًا وبلا وطن تعود إليه! أنا اليوم كذلك!
وقبل أن تكذبوا وتقولوا إنها حجارة و ستبنى تذكروا أن الكذب حرام!! فحتى لو عادت غزة العزة مثل ما كانت و أفضل إن شاء الله فإنها ستبقى غريبة عني! فلا الدكان الذي أنعطف بعده لأجد وجهتي موجود.. ولا الشجرة الوارفة التي نسكن بجوارها باقية.. ولا الجيران الذين كنا نستتر عن رجالهم عاشوا.. الكل اختفى ولم تبق لي إلا الآهات و الدموع و كثير كثير من الحسرات..
وداعًا يا غزة التي أعرفها.. وداعًا يا حلوتي.. يارب عوضني خيرًا..
تبرع الآن لأجل غزة وحاول تخفيف معاناتها بالضغط هنا. |
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇