هل يتوقف العدوان على غزة مع بداية 2024؟
يطلّ علينا عام 2024، فيما لا يزال العدوان الشرس على قطاع غزة مستمرًا، وأعداد الشهداء والجرحى تناهز 80 ألفًا، في الوقت الذي يواصل أهل القطاع صمودهم الأسطوري، وتواصل مقاومتهم إرهاق الاحتلال واستنزافه على نحو لم يعرفه ولم يتخيّله طوال تاريخه.
أسدل الستار على 2023 وآمالنا معلقة على توقف هذه الإبادة، ومنع العقاب الجماعي وخطط التطهير العرقي التي تمضي فيها تل أبيب بضوء أخضر أمريكي،
بالإضافة إلى محاسبة مجرمي الحرب والمتواطئين معهم في هذا العالم المتخاذل.
ولكن متى يمكن أن يتوقف إطلاق النار ومتى ينتهي العدوان؟ وهل سيبقى هناك قطاع اسمه غزة وقد أبيد أكثر من نصفه وهُجّر أكثر من ثلثي سكانه رغم بقائهم داخله، ودُمّرت بنيته التحتية بما فيها من مدارس ومستشفيات وخدمات؟ أسئلة معقّدة رغم بساطتها، ولا يملك أحد جوابًا شافيًا لها.
السنة الجديدة في غزة
هناك معادلات وقواعد علمنا إياها التاريخ وبرهنت عليها التجربة العملية منذ السابع من أكتوبر، ولّدت عندي قناعة شبه ثابتة أن قطاع غزة لا يمكن أن يستسلم مهما أثخن فيه المحتل، وأن من بناه بالأمس القريب غير مرة بعد أكثر من حرب – مع فارق كبير بين المرات السابقة وهذه المرة – قادر على إعادة بنائه من جديد، رغم الفاتورة الباهظة التي تدفع حاليًا من دماء أهلنا وشعبنا، لكن معارك التحرّر كانت كذلك دائمًا، والمحتل لا يتقن غير هذا ومخيمات الضفة الغربية المحتلة شاهدة على همجيته بغض النظر عن طبيعة الخصم والجغرافيا وأدوات القتال أو المسببات للمواجهة.
العدوان الحالي على قطاع غزة يكلّف الاحتلال وداعميه أكثر من 260 مليون دولار يوميًا، فضلًا عن الفاتورة الأمنية والبشرية والاجتماعية والسياسية التي تدفعها وستدفعها إسرائيل كلما طال أمد المواجهة. ويرى مراقبون أن نتنياهو يبحث راهنًا عن أي مخرج يحفظ ولو قليلًا من ماء الوجه، فيما تتعالى أصوات الرفض لاستمرار الحرب، حتى من الأوساط الإسرائيلية وداعميها في أمريكا والغرب.
يحيلنا هذا الأمر إلى الجهود الشعبية الضاغطة لوقف إطلاق النار، والتي يجب أن تستمر ولا تُحبط مهما طال أمد العدوان، فالمحتل يراهن أيضًا على اعتياد الناس على مشاهد القتل والتدمير، وعلى يأسهم من فعل شيء بأدواتهم النضالية المشروعة من المظاهرات والإضرابات والأشكال المختلفة للاعتصامات والاحتجاجات، والتي باتت مصدر قلق حقيقي له وللمتواطئين معه، بخاصة في أمريكا والغرب، وهي أدوات تُستهدَف بكل الوسائل لوقفها. ولعلها مناسبة أن نشير هنا إلى دعوات جديدة لمظاهرة عالمية حاشدة في الثالث عشر من يناير تذكّر بالحراك العالمي الذي جرى لنصرة العراق في فبراير 2003.
غزة الصمود
إن الاحتلال وأدواته خارج فلسطين سيواصلون تشويه الاحتجاجات ووسمها بالكراهية ومعاداة السامية والتحريض على المشاركين بتنظيمها، لكن ذلك لا ينبغي أن يُحبط عزيمة الأحرار، بل يجب أن يذكّرهم بأهمية أصواتهم في مطاردة العدوان وصولًا إلى وقفه.
المحتل متألم جدًا من استمرار المعركة رغم تصريحاته الإعلامية عن استعداده للمضي قدمًا بها عدة أشهر أخرى، لكن واقع الخسائر المادية والبشرية والسياسية والهجرة العكسية يقول خلاف ذلك، وعليه فالمواجهة أشبه بسياسة العض على الأصابع وكل طرف ينتظر بفارغ الصبر توقف الآخر، الأول حرصًا على ما تبقى له من حضور سياسي والثاني منعًا لمزيد من التدمير وقتل النساء والأطفال.
لم يعد التوقف المؤقت لإطلاق النار هدفًا بأي حال، وهو لا يعني أكثر من إعادة ترتيب الصفوف لقتل المزيد من المدنيين والأبرياء من أهل القطاع ومن معهم من الأسرى.
الخلاصة أن التوقف التام عن العدوان على غزة هو المطلوب، ويجب أن يبقى كذلك، حتى ولو قالت المعطيات الحالية غير ذلك.
أما أهل غزة، فلا يمكن لأي أحد المزايدة عليهم، فهم يتحمّلون ما لا يمكن لأحد أن يتحمّله، وليس بوسعنا سوى احترام كل القرارات التي يأخذونها، لا سيما بعد أن أثبتوا للقاصي والداني أنهم كابوس حقيقي لمشروع المحتلين في فلسطين وعموم المنطقة.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇