هل تهتم بعملك أكثر مما ينبغي؟ 4 علامات تحذيرية

في عصر يتداخل فيه العمل بالحياة الشخصية بفعل النموذج الهجين والضغط المتصاعد على الإنجاز، تتزايد حالات التورط العاطفي المفرط في المهنة، ما يترك أثرًا نفسيًا واجتماعيًا عميقًا لدى العاملين، خاصة أولئك الموصوفين بـ”المثابرين الحساسين”.
في هذا السياق، تبرز تجربة “كاي”، موظف موهوب أحب عمله بصدق، واستفاد من مشاريع مثيرة وفريق داعم وتعويضات مجزية. لكنه وجد نفسه غارقًا في التعلّق العاطفي إلى درجة بدأت تؤثر على قدرته على اتخاذ قرارات متوازنة، وتهدد سلامته النفسية.
الارتباط العاطفي بالعمل ليس مشكلة بحد ذاته، بل قد يكون مصدرًا للدافعية والإنجاز. غير أن الإفراط في هذا الارتباط يُفضي إلى استنزاف داخلي، ويُحوّل الالتزام إلى عبء يهدد التوازن النفسي.
وفي بيئة بات فيها العمل يحدد جزءًا كبيرًا من الهوية الذاتية، يصبح من الضروري الوقوف على علامات التحذير التي تشير إلى أن العلاقة بالعمل قد تجاوزت حدودها الصحية.
إليك أربع مؤشرات رئيسية:
1. النقد يُفسَّر كإهانة شخصية

حين تتلقّى ملاحظة نقدية وتبقى عالقًا في دوامة من الإحباط والقلق لأيام أو أسابيع، فربما تكون تأخذ الأمور على محمل شخصي يفوق المألوف.
ربما شعرت مرةً بأن تعليقًا بسيطًا من مديرك زعزع ثقتك بنفسك، أو راودك شعور بأن ملاحظات الآخرين تكشف عن خلل داخلي في كفاءتك. في هذه اللحظة، يتحول النقد من أداة تطوير إلى مرآة تعكس أسوأ مخاوفك.
لمواجهة هذا الشعور، حاول الفصل بين تقييم العمل وتقييم الذات. استخدم تمرينًا بسيطًا: قسّم ورقة إلى أربعة أعمدة، واكتب في الأول نص الملاحظة كما وردت. في الثاني، سجّل ما تعتبره غير دقيق فيها. في الثالث، استخرج أي قيمة بنّاءة يمكن الاستفادة منها. وفي العمود الأخير، حدد خطوتك القادمة: هل ستطلب توضيحًا؟ هل ستجري تعديلًا؟ أم أنك ستتجاهلها وتمضي قدمًا؟
2. العمل يحتل مساحة تفكيرك بالكامل
إذا لاحظت أن العمل لا يغادر عقلك حتى في الأوقات المخصصة للراحة أو العائلة، فهذه علامة واضحة على أنك أصبحت عاطفيًا مرتبطًا به إلى درجة غير صحية.
قد تعمل ساعات إضافية فقط لتشعر أنك “قدمت ما يكفي”، أو تلجأ إلى إنجاز زائد لتثبت قيمتك. هذه العقلية تؤدي إلى انهيار الحدود بين الحياة الشخصية والمهنية، وتجعل الانفصال عن العمل أمرًا مستحيلًا.
لكن البقاء دائم التشغيل لا يعني التزامًا، بل إنهاكًا يُضعف الفعالية على المدى الطويل. خصّص وقتًا للتعافي، واعتبره جزءًا من مسؤوليتك المهنية.
جرب الاستراتيجيات التالية:
- اضبط منبهًا يعلن نهاية يوم العمل.
- أغلق الأجهزة المهنية بالكامل.
- ضع قائمة مهام للغد لتفريغ ذهنك.
3. الميل المفرط إلى إرضاء الآخرين

الأشخاص الذين يسعون دائمًا لإرضاء من حولهم غالبًا ما يقعون في فخ تحميل أنفسهم ما يفوق طاقتهم، سواء في العمل أو العلاقات.
كاي، مثلًا، شعر بأن عليه حل جميع الأزمات، حتى لو كان ذلك على حساب راحته النفسية.
يتجلى هذا الميل في أشكال متعددة: امتصاص مشاعر الآخرين، تكييف الآراء لتجنّب الخلاف، أو الامتناع عن طلب المساعدة خوفًا من الظهور بمظهر الضعيف.
ورغم أن ذلك قد يبدو شكلًا من أشكال الدعم، إلا أنه يؤدي إلى إنهاك داخلي وتفكك في الحدود الصحية داخل بيئة العمل.
الخطوة الأولى هي الوعي الذاتي: راقب متى تتحمّل مسؤوليات لا تخصك مباشرة، وانتبه لمشاعر الاستياء، فهي مؤشّر على أنك تهمل احتياجاتك لصالح الآخرين.
4. هويتك أصبحت مرهونة بوظيفتك

حين تُعرّف نفسك فقط من خلال مهنتك، تصبح في موقع هش، لأن فقدان الوظيفة سيعني فقدان الإحساس بالجدوى أو القيمة الذاتية.
تُعرف هذه الحالة في علم النفس بمفهوم ضعف تعقيد الهوية، أي أن الفرد يستمد كل تعريفه لذاته من مجال واحد فقط من الحياة.
لفك هذا الارتباط، لا يعني الأمر الانفصال عن العمل أو “الاستقالة الصامتة”، بل يعني بناء هوية متعددة الأبعاد.
اسأل نفسك: من أكون بعيدًا عن لقبي الوظيفي؟
مارس هوايات لا ترتبط بعملك، وطور اهتمامات جديدة.
أحد العملاء بدأ تنسيق الزهور بعد احتراق نفسي، وآخر تعلّم الفيزياء الفلكية، وثالث تطوع في مأوى للحيوانات.
كل هؤلاء استطاعوا إعادة تشكيل هويتهم خارج العمل، ما عزّز مرونتهم النفسية.
المصدر سيكولوجي توداي
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇