نواب في حزب العمال ينتفضون ضد خفض معونات ذوي الإعاقة
في تطور سياسي جديد يعكس تصاعد التوتر داخل أروقة حزب العمال، أعرب أكثر من 40 نائبًا عن رفضهم القاطع لخطة حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر الرامية إلى خفض معونات ذوي الإعاقة، معتبرين أن هذه الإجراءات “لا يمكن دعمها”، ومطالبين بإعادة النظر فيها قبل عرضها للتصويت في مجلس العموم الشهر المقبل.
ووفقًا لما جاء في رسالة وقّعها 42 نائبًا من الحزب، يمثلون مختلف الاتجاهات السياسية داخله من اليسار والوسط، ويشملون نوابًا من ذوي الخبرة وأخرى من الوجوه البرلمانية الجديدة، فإن هذه الخطة تمثل هجومًا غير مسبوق على نظام الرعاية الاجتماعية في البلاد منذ حقبة التقشف في عهد وزير الخزانة الأسبق جورج أوزبورن، بحسب وصفهم.
تحذيرات من تداعيات كارثية
وحذّر النواب الموقعون على الرسالة من أن هذه التخفيضات، التي قد تصل إلى أكثر من 7 مليارات باوند، ستؤثر سلبًا على أكثر من 3 ملايين مواطن من الفئات الأكثر فقرًا وتهميشًا، وذلك في ظل أزمة معيشية متفاقمة تعاني منها البلاد.
وأشاروا إلى أن التعديلات المقترحة على معونات الإعاقة – وعلى رأسها تشديد شروط الأهلية للحصول على مدفوعات الاستقلال الشخصي (PIP) – من شأنها أن تزيد من معاناة الأسر المحتاجة بدلاً من تحسين ظروفها.
وتعتمد الخطة الحكومية التي وضعتها وزيرة العمل والمعاشات، ليز كيندال، على تعديل شروط الاستحقاق بحيث يُشترط تسجيل أربع نقاط على الأقل في أحد أنشطة الحياة اليومية ليصبح الفرد مؤهلاً للحصول على بدل الاستقلال الشخصي.
كما تشمل الخطة رفع الحد الأدنى لمعدل “يونيفرسال كريديت” لمن هم في سن العمل بمقدار 15 باوند أسبوعيًا اعتبارًا من نيسان/ أبريل 2026، في الوقت الذي يُخفض فيه أو يُجمّد بدل العجز للأشخاص الذين يُقيّمون على أنهم غير قادرين على العمل.
مخاوف من زيادة الفقر والعزلة
وبحسب تقديرات وزارة العمل والمعاشات، فإن نحو 700 ألف أسرة تعيش بالفعل تحت خط الفقر ستكون من بين المتأثرين مباشرة بهذه التعديلات.
وقد أعرب النواب عن استيائهم من سعي الحكومة لتمرير هذه التغييرات دون تقديم تقييمات واضحة لتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي، ما يثير الشكوك حول مدى وعي البرلمان بالنتائج المحتملة قبل التصويت عليها.
وجاء في نص الرسالة: “رغم أن الحكومة قد تكون شخصنت بشكل صحيح أزمة النظام الحالي وفشل سوق العمل في استيعاب ذوي القدرات المختلفة، فإن العلاج المقترح خاطئ تمامًا. التخفيضات لا تخلق وظائف، بل تعمّق الفجوة الاجتماعية وتزيد من المعاناة”.
دعوة لإعادة التفاوض مع منظمات الإعاقة
طالب النواب بتأجيل اتخاذ أي قرارات لحين إجراء تقييمات شاملة لآثار هذه التخفيضات، داعين الحكومة إلى فتح حوار جاد مع منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة لإعادة تصميم نظام أكثر عدالة وبساطة، يوفر دعمًا حقيقيًا ويتعامل مع العقبات الحقيقية التي تواجه هذه الفئة في الحصول على فرص العمل والحفاظ عليها.
وتضمنت الرسالة كذلك دعوة صريحة للاستثمار في خلق وظائف حقيقية، وتعزيز القوانين التي تحمي العاملين من ذوي الإعاقة من التمييز في سوق العمل، معتبرين أن استمرار الحكومة في هذا المسار سيجعل من المستحيل على النواب دعم الورقة الخضراء المطروحة للتصويت.
تمرد برلماني محتمل
ومن بين الموقعين على الرسالة أسماء بارزة مثل ديان أبوت وكيم جونسون من الجناح اليساري، إلى جانب نواب وسطيين، وبعض الوجوه البرلمانية الجديدة مثل لورين بيفرز وكات إيكلز وتيري جيرمي وبيتر لامب وسايمون أوفر، في إشارة إلى أن المعارضة تتجاوز الانقسامات التقليدية داخل الحزب.
ويعد هذا التكتل من النواب أكبر تمرّد يواجهه ستارمر منذ توليه رئاسة الوزراء، وهو ما قد يضعف موقعه داخل البرلمان، خاصة وأن حكومته لم تواجه حتى الآن سوى معارضات محدودة، كان أبرزها في تموز/ يوليو الماضي عندما صوّت سبعة نواب لصالح تعديل من الحزب الوطني الاسكتلندي لإلغاء الحد الأقصى لطفلين في معونات الأطفال، ما دفع داونينغ ستريت إلى تعليق عضويتهم في الحزب.
رد الحكومة: نهدف إلى تمكين المواطنين من العمل
من جانبها، ردت وزارة العمل والمعاشات على الانتقادات بالتأكيد على أن جوهر هذه الإصلاحات هو دعم المواطنين للاندماج في سوق العمل. وقال مصدر في الوزارة: “ندرك أن هناك مخاوف، والوزيرة تواصل الحوار مع الزملاء لشرح كيف أن هذه الإصلاحات ستحدث تحولًا إيجابيًا في حياة الكثيرين”.
وأضافت الوزيرة كيندال أن وزارتها تخطط لإنفاق ما يصل إلى مليار باوند سنويًا على برامج تهدف إلى دعم المواطنين للعودة إلى سوق العمل.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
10°C
