مسلمو بريطانيا: لم نحصل على حقنا من الحكومة بشأن شغب اليمين المتطرف

يعتقد مسلمو بريطانيا أنهم لم يحصلوا على حقهم من الحكومة بعد أعمال الشغب التي أثارها اليمين المتطرف مؤخرًا. وعلى الرغم من اعتقال عدد كبير من المتورطين واستعادة الهدوء، يشعر كثيرون أن الحكومة لم تتعامل بجدية مع الأسباب التي أشعلت هذه الاضطرابات، والتي شهدت موجة من الهجمات العنصرية والإسلاموفوبيا استهدفت المساجد وأفراد الأقليات العرقية.

وشهدت المدن البريطانية في أواخر يوليو وأوائل أغسطس فوضى عارمة، نتيجة انتشار شائعات مضللة عبر الإنترنت بعد حادثة طعن أودت بحياة ثلاثة أطفال في مدينة ساوثبورت. انتشرت الشائعات بسرعة مدعية أن الجاني كان مسلمًا ومهاجرًا غير شرعي. وتلك الادعاءات المغلوطة أثارت موجة من الهجمات العنصرية، حيث استُهدفت المساجد والفنادق التي تؤوي طالبي اللجوء، واعتُدي على أفراد الأقليات العرقية بشكل عنيف. حتى أن بعض المحلات التجارية المملوكة للمهاجرين اضطرت لإغلاق أبوابها خوفًا من التعرض للاعتداءات.

ووردت السلطات بحملة أمنية واسعة، أدت إلى اعتقال أكثر من ألف شخص، ووجهت التهم إلى أكثر من نصفهم. وحُكِمَ على المئات بتهمة المشاركة في أعمال الشغب، بما في ذلك بعض المسلمين الذين ردوا على هجمات اليمين المتطرف. ورغم ذلك، يشعر العديد من المسلمين أن الحكومة لم تتطرق بشكل كافٍ إلى الأسباب الجذرية التي تسببت في اندلاع تلك الفوضى.

مسلمو بريطانيا يخافون من تفاقم الأوضاع

وقالت ليلى تاميه، وهي طالبة دكتوراه من ليفربول تعمل على بحث عن “الإسلاموفوبيا في قطاع التعليم”، إنها لم تشعر بالأمان منذ اندلاع أعمال الشغب. وأوضحت أنها انضمت إلى وقفة سلمية أمام مسجد الشيخ عبد الله كويليام في ليفربول مع أفراد المجتمع المحلي، بينهم غير مسلمين، لحماية المسجد من هجمات متوقعة من اليمين المتطرف. إلا أن الوقفة تطورت إلى حوار حاد مع بعض المتظاهرين الذين جاؤوا للاحتجاج. وقالت: “لم تكن النقاشات مثمرة بشكل كبير، لكنها كانت بالتأكيد مهمة”، مشيرة إلى أن المشاركين في الشغب لم يكونوا جميعهم من المتطرفين، بل كان بينهم من لديهم مخاوف بشأن الإسلام والهجرة، وآخرون من الشباب المتورطين بشكل عشوائي.

وأضافت: “نحن لسنا قلقين من الأشخاص الذين يسرقون المنتجات، بل من أولئك الذين يهاجموننا فقط لكوننا مسلمين”. واعتبرت أن الحكومة لم تقم بما يكفي لتعزيز الشعور بالأمان لدى المسلمين، داعية إلى تمويل مشاريع مجتمعية تعزز التفاهم بين الفئات المختلفة بدلًا من الاعتماد فقط على فرض المزيد من الصلاحيات الأمنية.

نقص في التفاعل مع المسلمين

وأشاد عبدي أحمد، وهو طالب سياسي يبلغ من العمر 21 عامًا من ليفربول، بالدور “الحاسم” الذي لعبه قادة المجتمع المحلي والمساجد في جمع الناس وتوحيدهم. ولكنه انتقد استجابة الحكومة واصفًا إياها بأنها “غير كافية”. وأشار إلى أنه لم يكن هناك تفاعل مباشر كافٍ مع المجتمعات المسلمة، مضيفًا أن الجهود الحكومية لمكافحة الإسلاموفوبيا “سطحية” للغاية.

ودعا أحمد إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل تعزيز حماية المساجد وسن تشريعات أكثر قوة وحزن ضد جرائم الكراهية، وأكد على أهمية إشراك المسلمين في الحوار السياسي لضمان عدم تكرار هذه الأحداث.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن 75% من المسلمين يشعرون الآن بالقلق على سلامتهم، مقارنة بـ16% فقط قبل اندلاع أعمال الشغب. فيما أكد حوالي 20% من المسلمين أنهم تعرضوا لمواقف عدائية منذ حادثة الطعن في ساوثبورت.

وفي برمنغهام، قالت حمدة محمد، 25 عامًا، إن حياتها تغيرت بشكل كبير بعد الشغب. وأوضحت أنها شعرت بالخوف من الخروج من المنزل خلال فترة انتشار أعمال الشغب.

وأشادت حمدة أيضًا بدعم بعض الأشخاص غير المسلمين الذين خرجوا للتضامن مع المسلمين ضد اليمين المتطرف، مشيرة إلى أن ذلك “منحها بعض الطمأنينة”. ورغم ذلك، ما زالت تشعر بالقلق من عودة الاضطرابات مجددًا إذا استمرت الحكومة في تجاهل مشاعر المجتمعات المحلية.

وترى حمدة محمد أن الإجراءات الحكومية لا تعالج جذور المشكلة. وقالت: “دون مواجهة الأسباب الحقيقية وراء هذه الهجمات الإسلاموفوبيا، فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لن تكون سوى حل مؤقت”. وأشارت إلى أن الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، بما في ذلك تراجع خدمات الصحة وتدني الأجور، أدى إلى حالة من الإحباط لا يمكن علاجها بين ليلة وضحاها. وأضافت: “لا يجب أن نلوم بعضنا البعض أو نستخدم المهاجرين ككبش فداء لفشل الحكومة”.

انتقادات للخطاب السياسي

واجهت الحكومة انتقادات بسبب طريقة تعاملها مع أحداث الشغب. النائب المستقل شوكت آدم وصف الشغب بأنه “نتيجة لخطاب سياسي وإعلامي معادٍ للمسلمين استمر لعقود”.

وحذر آدم من أن استمرار الحكومة في تجاهل هذه القضايا سيؤدي إلى مزيد من الشغب مستقبلًا. ودعا إلى اتخاذ إجراءات جادة، مثل تعيين مستشار مستقل لمكافحة الإسلاموفوبيا على غرار المستشار المعني بمعاداة السامية.

———————————————————————

اقرأ أيضًا

طالبو اللجوء في بريطانيا معرضون لخطر الهجوم من الجماعات اليمينية المتطرفة

73 في المئة من البريطانيين قلقون من اليمين المتطرف

اعتقال أكثر من ألف من المتورطين في أعمال شغب اليمين المتطرف