العرب في بريطانيا | مدينة بريطانية منعت الهواتف للأطفال تحت 14.. ما...

1447 محرم 6 | 02 يوليو 2025

مدينة بريطانية منعت الهواتف للأطفال تحت 14.. ماذا حدث بعد عام من القرار؟

مدينة بريطانية منعت الهواتف للأطفال تحت 14.. ماذا حدث بعد عام من القرار؟
خلود العيط May 8, 2025

تحوّلت مبادرة تربوية انطلقت بهدوء من إحدى مدارس مدينة “سانت ألبانز” البريطانية إلى حركة وطنية تُعيد النظر في علاقة الأطفال بالهواتف الذكية، بعدما كشف تقرير نشرته صحيفة التلغراف أن عددًا من المدارس في المدينة دعا أولياء الأمور إلى تأجيل منح أطفالهم هواتف ذكية حتى سن الـ14، بدعوى أن هذه الأجهزة “تسرق الطفولة” وتؤثر سلبًا على نمو الدماغ والسلوك.

البداية من مدرسة بريطانية… ماذا حدث بعد عام؟

اسكتلندا تتجه لحظر شبكات التواصل الاجتماعي على الأطفال

بدأت المبادرة في ربيع 2024 عندما وجّه المدير ماثيو تافيندر والمديرة التنفيذية جوستين إلبرن-كلود رسالة إلى أولياء الأمور في المدارس الابتدائية تُحذّر من الآثار السلبية للهواتف الذكية المتصلة بالإنترنت. وأكدت الرسالة أن هذه الأجهزة تؤثر على تطور دماغ الطفل، وتحرمه من عيش طفولة طبيعية، داعية إلى التعاون بين العائلات لتقليل ضغط الأقران.

المبادرة أثارت تفاعلًا كبيرًا محليًّا ودوليًّا، بعد أن تناولتها صحيفة (St Albans Times)، قبل أن تُسلّط عليها الأضواء على الصعيدَين الوطني والعالمي، في ظل اهتمام من أستراليا إلى جنوب إفريقيا بفكرة “مدينة خالية من الهواتف الذكية لمن هم دون سن الـ14”.

وبعد عام واحد فقط، بدأت النتائج تظهر. ففي ديسمبر 2023، كان 75 في المئة من طلاب الصف السادس في مدرسة (Cunningham Hill) يمتلكون هواتف ذكية. أما في ديسمبر 2024، فانخفضت النسبة إلى 12 في المئة فقط. وفي الصف الخامس، تراجعت النسبة من 30 في المئة إلى أقل من 5 في المئة. وسجّلت مدارس أخرى في سانت ألبانز مؤشرات مشابهة، ما يشير إلى نجاح مجتمعي نادر في مواجهة مشكلات التقانة.

ويرى تافيندر أن الكتاب الشهير (The Anxious Generation) لجوناثان هايدت أسهم إسهامًا بارزًا في توعية الأهالي، ولا سيما أنه يربط تصاعد أزمات الصحة النفسية لدى المراهقين بالاستخدام المبكر والمفرط للهواتف الذكية. ويستشهد ببيانات تظهر ارتفاعًا بنسبة 131 في المئة في حالات الانتحار بين الفتيات الأمريكيات بين سن الـ10 والـ14.

مشكلات داخل الفصول: تشتت، وقلق، وانعدام مرونة

بريطانيا تفرض حظرًا دائمًا على "مثبطات البلوغ" لحماية الأطفال

ويرى المدرّسون أن الأطفال باتوا يواجهون صعوبة في التركيز، فيما يصف تافيندر هذه الظاهرة بـ”عقلية التيك توك”، حيث تضطر المدارس إلى تقسيم الدروس إلى وحدات قصيرة؛ لتفادي فقدان الانتباه. كما يشير إلى تراجع مرونة الطلاب في التعامل مع المهمات الدراسية، واعتيادهم على “التمرير” السريع لكل ما لا يعجبهم، ما يجعلهم أكثر عرضة للرفض والقلق.

ويضيف تافيندر، الذي يعترف بإدمانه لهاتفه، أنه ندم على منحه ابنته هاتفًا ذكيًّا عند دخولها المدرسة الثانوية. ويروي موقفًا قال: إنه كشف له خطورة العادة: “كنا جالسين في المنزل، أنا على هاتفي، وزوجتي على جهازها اللوحي، وابنتي على جهاز (Chromebook)، ولم نتحدث طيلة ساعتين. علينا أن نكون قدوة أفضل”.

وشهدت المبادرة اجتماعًا حاشدًا في مايو 2024، حضره أولياء الأمور، وبينما اتهم بعض الناس المدرسة بـ”العداء للتكنولوجيا”، رحّب أغلب الحاضرين بالمبادرة باعتبارها استجابة لمخاوف طال أمدها. أعقب الاجتماع خطاب مشترك من مديري المدارس الابتدائية في سانت ألبانز، يحث على تأجيل اقتناء الهواتف الذكية و”تطبيع” هذا القرار.

ورغم دعم كثير من الأسر، واجهت الحملة اعتراضات، بعضها بلغ حد استدعاء الشرطة عندما رفض بعض الأهالي إعادة ممتلكات مدرسية صودرت خلال مصادرة هواتف أطفالهم. لكن الأهالي المؤيدين للحملة، مثل جوليا لورانس وغراهام ديل، قالوا إن: المبادرة سهّلت عليهم رفض الهواتف الذكية لأبنائهم، وفتحت نقاشًا أعمق بشأن الطفولة وزمن الشاشة.

النموذج يتوسّع: من سانت ألبانز إلى إيتون ونيجيريا

ومنذ انطلاقها، بدأت المبادرة تنتشر في مدن ومناطق أخرى: ففي ساوثوارك، بدأت 18 مدرسة ثانوية من أصل 20 بالتعاون للحدّ من استخدام الهواتف حتى الصف العاشر. أما في بارنت، فحظرت أكثر من مئة مدرسة ابتدائية الهواتف تمامًا داخل الحرم المدرسي. ومدرسة إيتون العريقة بدأت تزويد طلابها الجدد بهواتف تقليدية غير ذكية.

وفي بداية 2025، باتت حركة (Smartphone Free Childhood) تضم 32 فرعًا حول العالم، من نيجيريا إلى كازاخستان.

ورغم هذا الزخم، يبقى تافيندر حذرًا. فمدارس المرحلة الثانوية في سانت ألبانز لم تنضم رسميًّا بعد إلى الحملة. ويؤكد أنه لا يزال يرى المراهقين في المقاهي يحملون حقائبهم وهواتفهم الذكية في آن معًا. ويقول أحد العاملين في متجر (Three) للهواتف: إن “الطلب على الهواتف غير الذكية ما زال مقتصرًا على كبار السن”.

ويعوّل بعض التربويين على قانون الأمان الإلكتروني البريطاني، الذي أُقرّ في عام 2023 وسيدخل حيّز التنفيذ في يوليو 2025، لتنظيم المحتوى الضار للأطفال. لكن تافيندر يرى أن على الأهالي التحرك قبل صدور التشريعات، منبّهًا إلى أن الثقة المجتمعية والتكاتف الأسري أقوى من أي قانون.

ومع أن المبادرة تبدو حتى الآن أكثر تأثيرًا في مناطق ميسورة مثل سانت ألبانز وودبريدج في سافوك، فإن وعي الأهل المتزايد بمخاطر التقنية قد يدفع هذا التغيير للانتشار أوسع.

ويختم تافيندر حديثه قائلًا: “لقد بدأنا بداية حقيقية… وأعتقد أننا أثبتنا أن التغيير ممكن”.

المصدر: الغارديان 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
3:13 am, Jul 2, 2025
temperature icon 20°C
scattered clouds
79 %
1014 mb
6 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 34%
Visibility 10 km
Sunrise 4:48 am
Sunset 9:20 pm