لا مكان لأعياد الميلاد في غزة
أكثر من ألف مسيحي تحتضنهم ثلاث كنائس في غزة، لن يعرفوا شكل عيد الميلاد لهذا العام،بعد أن دمرت كنائسهم – واحدة منها تُعدُّ من الأقدم تاريخيًا- و قضى من قضى نحبه منهم، فضلًا عن جيرانهم وأصدقائهم من المحيطين بهم من جملة أكثر من عشرين ألف شهيد في غزة خلال أقل من ثلاثة أشهر، في الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على مرأى من العالم ومسمع.
لا جديد في هذا كله والذي أصبح معروفًا لكل من يتابع، ولكن صيحات استهجان أخرى رافقته ضد قساوسة شذوا عن الطريق التي رسمها أمثال الأب مانويل مسلم، وذهبوا للقاء رئيس دولة الاحتلال وكأن لا شيء يحدث لكنائسهم أو أبناء دينهم ناهيك عن أبناء وطنهم في غزة.
إن الخيانات بشعة ولكن التوقيت والتفاصيل الأخرى تجعلها أكثر بشاعة، فكيف لهؤلاء أن يضعوا وجوههم في وجوه أتباعهم ورعاياهم في كنائسهم وهم يصافحون قاتل أبنائهم ومدمر كنائسهم بل وطنهم بأكمله.
غزة لا تعرف الأعياد
غزة اليوم لا تعرف سوى الإبادة والعقاب الجماعي والتطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال، وقد انطفأت أصوات أجراس كنائسها، وغابت شجرة الميلاد التي اعتاد مسيحيو غزة إضاءتها في أكثر من مكان ومن أبرز تلك الأماكن جمعية الشبان المسيحية والتي لم تسلم من القصف أيضًا وهي تؤوي 300 نازح، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
حتى أن بابا الفاتيكان البابا فرانسيس تحدث عن ذلك في “صلاة التبشير الملائكي” في الفاتيكان قائلًا: “ما زلت أتلقى من غزة أنباء مؤلمة وبالغة الخطورة. يُستهدَف مدنيون عزّل بقصف وإطلاق نار. قتلت أم وابنتها وأصيب أشخاص آخرون برصاص قناصين”.
وأضاف “هذا الأمر حصل حتى داخل رعية العائلة المقدسة حيث ليس هناك إرهابيون، بل عائلات وأطفال ومرضى ومعوقون”.
شهود العيان قالوا إن الدبابات الإسرائيلية التي تحاصر حي الزيتون في مدينة غزة تستهدف أي شخص يتحرك داخل ساحة الكنيسة.
هذا ليس أول عيد ميلاد يحرم فيه الاحتلال مسيحيي غزة من الفرح به، ففرحتهم منقوصة منذ احتلال غزة عام 1967 وزادت سوءًا مع سنوات الحصار التي جاوزت 17 عامًا وفي عدوان تكرر في 2008 و 2012 و 2014 و 2021 والآن هو في أبشع أشكاله في 2023.
أضواء عيد الميلاد تنهمر من السماء
في حملة وصفتها صحيفة الاندبندنت البريطانية نقلًا عن خبراء عسكريين باعتبارها من بين أكثر الحملات دموية وتدميرًا في التاريخ”؛ حيث ينتقم الاحتلال من النساء والأطفال والمدارس والمستشفيات بشكل همجي ووحشي، تاركًا الجرحى ينزفون بلا علاج مستهدفًا كل من يتحرك بالإعدام الميداني حتى لو كان من بني جلدته كما حدث مع الأسرى الثلاثة الذين رفعوا الرايات البيضاء ومع ذلك قتلهم بدم بارد، ليرى العالم وحشية هذا المحتل.
أصبحنا في بريطانيا نرى يومًا إثر يوم كيف تتضاءل سردية تل أبيب أمام صدقية الرواية الفلسطينية، وبات إعلاميون معروفون بانحيازهم لها من أمثال نيك فراري و بيرس مورغان وغيرهما ينتقدونها علانية، خصوصًا بعد استهداف مسيحيي غزة.
والد الطفل البريطاني الفلسطيني الأصل يحيى يصف كيف تعاملت إدارة المدرسة مع ابنه البالغ من العمر 8 سنوات كمجرم بسبب دعمه #فلسطين وتذكر أقاربه الذين استشهدوا في #غزة#العرب_في_بريطانيا AUK pic.twitter.com/cdsHXCyH15
— AUK العرب في بريطانيا (@AlARABINUK) December 23, 2023
نعم غزة لم ولا ولن تعرف الأعياد ما دام هذا الاحتلال موجودًا، وهو يتمتع بالرعاية المطلقة من واشنطن ولندن، ولكن المقدمات كلها على فظاعتها وقسوتها لا تشي بأن الأمور ستبقى كذلك، وهي تحمل في داخلها الكثير من المبشرات بانتهاء الاحتلال وعودة الحق لأصحابه، رغم ارتفاع الكلفة، ولكن هكذا هي طبيعة الصراعات وهذا بلا شك ثمن مضاعف إثر الخذلان والتخلي الرسمي الذي تعيشه فلسطين في محيطها العربي والإسلامي، ” والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
تبرع الآن لدعم أهل غزة وحاول تخفيف معاناتهم بالضغط هنا.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇