العرب في بريطانيا | متى يجيز الإفتاء الأوروبي شراء منزل عن طريق الب...

1446 ربيع الأول 10 | 14 سبتمبر 2024

متى يجيز الإفتاء الأوروبي شراء منزل عن طريق البنك الربوي؟

-يجيز-الإفتاء-الأوروبي-شراء-منزل-عن-طريق-البنك-الربوي؟-2-scaled
فريق التحرير September 8, 2023

يجيز المجلس الأوروبي للإفتاء (ECFR) شراء المنازل بقرض بنكي ربوي للمسلمين في أوروبا عند عدم وجود بديل شرعي، وأن يكون البيت هو مسكنه الأساسي، وألا يكون لديه بيت آخر يغنيه، وألا يكون عنده من فائض المال ما يمكّنه من شرائه بغير هذه الوسيلة.

وقد أصدر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث فتوى بهذا الخصوص، حيث أجمع على حرمة الربا، وأنه من السبع الموبقات، ومن الكبائر التي تُؤْذِن بحرب من الله ورسوله، وقد قررت المجامع الفقهية الإسلامية أن فوائد البنوك من الربا الحرام.

ولكن قد يضطر المسلم إلى سلوك هذه السبيل في بعض الحالات، وفي هذا السياق نذكر لكم عدة اعتبارات بين يدي هذه الفتوى لا يعرفها كثير من المقيمين خارج الدول الغربية، من أبرزها:

  1. معظم أصحاب المنازل في الغرب يرفضون تأجير منازلهم لمن يكون عندهم أربعة أطفال فصاعدًا.
  2. استئجار المنزل ليس متاحًا دائما، فهو في الغالب بعقد إيجار سنوي لا يتجدد تلقائيًّا ويملك صاحب المنزل صلاحية رفع الأجرة كل مرة.
  3. يملك صاحب المنزل الحق في طلب إخلاء المنزل، ويمكنه إحضار أمر قضائي بذلك.
  4. معظم أصحاب العقارات في الغرب يشترون منازل عن طريق البنوك ويُؤجِّرونها، فيصبح المستأجر عمليًّا هو من يسدد القسط الشهري عن صاحب المنزل.
  5. تُعَد إيجارات المنازل مرتفعة في الأعم الأغلب، ويكون القسط الشهري للشراء أقل من الإيجار الشهري.
  6. قبل ارتفاع معدلات الفائدة الربوية في السنوات الأخيرة بحكم الأزمة المالية، كان معدل الفائدة الربوية لبيع المنازل لا يتجاوز 2 في المئة، وهذا ما يراه كثيرون أقرب لكونه رسوما إدارية لا فوائد بنكية.

شراء منزل في بريطانيا

متى يجيز الإفتاء الأوروبي شراء منزل عن طريق البنك الربوي
الفتوى في شراء المنازل باستخدام البنوك الربوية (أنسبلاش)

وعليه ورغبة بتمكين المسلمين من الإقامة والاستقرار ومع ضرورة السكن وارتفاع تكاليف شراء المنازل، حيث يحتاج المنزل الصغير في لندن الذي يحتوي على ثلاث غرف نوم إلى ما لا يقل عن نصف مليون باوند في المتوسط، جاءت هذه الفتوى للتيسير على المسلمين مع مراعاة عدة شروط، من أبرزها:

  1. أن يكون المنزل للسكن لا للاستثمار.
  2. ألا يكون لدى الشخص مالٌ يكفي لسداد ثمن المنزل كاملا.
  3. ألا يكون لديه منزلٌ يغنيه في بلد إقامته.
  4. ألا يكون هناك نظام تمويل إسلامي مناسب في البلد الذي يقيم فيه يمكّنه من شراء منزل.
  5. أن ينوي الاستقرار الدائم في البلد الغربي، وليس الإقامة المؤقتة.
  6. ألا يكون المنزل أكبر من حاجته.

وهنا نضع بين أيديكم النص الكامل للفتوى؛ لتوضيح ما سبق ولبيان الأدلة التي استند إليها المجلس بفتواه رقم 2852 الصادرة في الـ6 من يوليو 2017: نظر المجلس في القضية التي عمت بها البلوى في أوروبا وفي بلاد الغرب كلها، وهي قضية المنازل التي تُشْتَرى بقرض ربوي بواسطة البنوك التقليدية.

وقد قُدِّمت إلى المجلس عدة بحوث في الموضوع، ما بين مؤيد ومعارض، قرئت على المجلس، ثم ناقشها جميع الأعضاء مناقشة مستفيضة، وانتهى بعدها معظم أعضاء المجلس إلى ما يلي:

  • يؤكد المجلس ما أجمعت عليه الأمة من حرمة الربا، وأنه من السبع الموبقات، ومن الكبائر التي تُؤْذِن بحرب من الله ورسوله، ويؤكد ما قررته المجامع الفقهية الإسلامية من أن فوائد البنوك من الربا الحرام.
    ويناشد المجلس مسلمي أوروبا أن يجتهدوا في إيجاد البدائل الشرعية، التي لا حرمة فيها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، مثل (بيع المرابحة) الذي تستخدمه البنوك الإسلامية، ومثل تأسيس شركات إسلامية تنشئ مثل هذه البنوك بشروط ميسرة مقدورة لجمهور المسلمين، وغير ذلك.
  • كما يدعو المؤسسات الإسلامية في أوروبا إلى أن تفاوض البنوك الأوروبية التقليدية؛ لتحويل هذه المعاملة إلى صيغة مقبولة شرعًا، مثل “بيع التقسيط” الذي يزاد فيه الثمن مقابل الزيادة في الأجل، فإن هذا سيجلب لها عددًا كبيرًا من المسلمين يتعامل معها على أساس هذه الطريقة، وهو ما يجري به العمل في بعض الأقطار الأوروبية، وقد رأينا عددًا من البنوك الغربية الكبرى تفتح فروعًا لها في البلاد الإسلامية تتعامل وفق الشريعة الإسلامية، كما في البحرين وغيرها.
  • وإذا لم يكن هذا ولا ذاك ميسرًا في الوقت الحاضر، فإن المجلس في ضوء الأدلة والقواعد والاعتبارات الشرعية، لا يرى بأسًا من اللجوء إلى هذه الوسيلة، وهي القرض الربوي لشراء بيت يحتاج إليه المسلم لسكناه هو وأسرته، بشرط ألا يكون لديه بيت آخر يغنيه، وأن يكون هو مسكنه الأساسي، وألا يكون عنده من فائض المال ما يمكّنه من شرائه بغير هذه الوسيلة.

“الضرورات تبيح المحظورات”

متى يجيز الإفتاء الأوروبي شراء منزل عن طريق البنك الربوي؟
صعوبة شراء منزل لمسلمي بريطانيا وأوروبا (أنسبلاش)

والمرتكز الأساس للمجلس في فتواه هو البناء على قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات): وهي قاعدة متفق عليها، مأخوذة من نصوص القرآن في خمسة مواضع، منها قوله تعالى في سورة الأنعام: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، ومنها قوله تعالى في السورة نفسها بعد ذكر محرمات الأطعمة: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 145]، ومما قرره الفقهاء هنا: أن الحاجة قد تُنزّل منزلة الضرورة، خاصة كانت أو عامة.

والحاجة هي التي إذا لم تتحقق يكون المسلم في حرج وإن كان يستطيع أن يعيش، بخلاف الضرورة التي لا يستطيع أن يعيش دونها، والله تعالى رفع الحرج عن هذه الأمة بنصوص القرآن كما في قوله تعالى في سورة الحج: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وفي سورة المائدة: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6].

وحيث يعتمد المجلس قاعدة الضرورة أو الحاجة التي تنزّل منزلة الضرورة، فإنه لا يُغْفِل القاعدة الأخرى الضابطة لها، وهي أن: ما أبيح للضرورة يُقَدَّر بقَدْرِها، فلا يُتَجاوَز بها قدر الحاجة.

والمسكن بلا شك ضرورة للفرد وللأسرة المسلمة، وقد امتن الله بذلك على عباده حين قال: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} [النحل: 80]، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم السكن الواسع عنصرًا من عناصر السعادة الأربعة[1].

والمسكن المستأجر لا يلبي كل حاجة المسلم، ولا يشعره بالأمان، فهو على ما فيه من كُلْفة الإجارة فإنه عرضة للإخراج من هذا المسكن في أي وقت، كما لو كَثُرَ عياله أو كثر ضيوفه، وأشد من ذلك إذا كبرت سنه أو قلَّ دخله أو انقطع وهو لا يجد ملجأ يصير إليه.

وهناك إلى جانب هذه الحاجة الفردية لكل مسلم، الحاجة العامة للمسلمين الذين يعيشون أقلية في أوروبا، والتي تتمثل في تحسين أحوالهم المعيشية حتى يرتفع مستواهم في المجتمع، ويكونوا أهلًا للانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس، ويغدوا صورة مشرقة للإسلام أمام غير المسلمين، كما تتمثل في أن يتحرروا من الضغوط الاقتصادية عليهم؛ ليقوموا بمقتضيات المواطنة الصالحة تجاه دينهم ومجتمعهم ويُسهِموا في بناء المجتمع العام، وذلك يقتضي أن لا يظل المسلم يَكُدُّ ويَنْصَب طول عمره من أجل دفع قيمة إيجار بيته ونفقات عيشه، ولا يجد فرصة لتعلّم دينه وخدمة مجتمعه.

ويُقَوِّي القول بالجواز على الصفة المذكورة، أن المسلم عند اللجوء إلى هذا العقد فإنه لا يأكل الربا وإنما يُؤْخَذ منه، والأصل في التحريم مُنْصَبٌّ على (أكل الربا) كما نطقت به آيات القرآن، وهو محرم لذاته لا يجوز بحال، لكن تحريم الإيكال الذي وردت به السنة إنما هو لسد الذريعة إلى أكل الربا، كما حُرِّمت الكتابة له والشهادة عليه، وهذا من باب تحريم الوسائل لا تحريم المقاصد. ومن القواعد المشهورة هنا: أن ما حُرِّم لذاته لا يباح إلا للضرورة، وما حُرِّم لسد الذريعة يباح للحاجة، وأن محرمات الوسائل تبيحها المصلحة الراجحة.

وقد نص على ذلك الفقهاء، فأجازوا الاستقراض بالربا للحاجة إذا سُدَّت في وجهه أبواب الحلال.
————————————————————-
[1] صح من حديث سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء. وأربع من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء”. أخرجه ابن حِبَّان في “صحيحه” (رقم: 4032) وإسناده صحيح.

رابط حلقة كاملة عن الموضوع:

 

المصدر: المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

خريجو AUK

loader-image
london
London, GB
4:33 pm, Sep 14, 2024
temperature icon 19°C
overcast clouds
Humidity 54 %
Pressure 1029 mb
Wind 9 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 96%
Visibility Visibility: 0 km
Sunrise Sunrise: 6:34 am
Sunset Sunset: 7:17 pm