فاجعة عراقية في بريطانيا.. طفلة تفارق الحياة بسبب إخفاقات NHS

فقد زوجان من أصول عراقية طفلتهما حديثة الولادة بسبب إخفاقات جسيمة في رعاية هيئة الصحة الوطنية البريطانية (NHS)، ما تركهما في صدمة وحزن عميقين، ودفعهما لرفع قضية قانونية ضد المستشفى المعني، بهدف منع تكرار هذه المأساة مع أي أسرة أخرى.
هازها وبهروز غفور، المقيمان في مدينة برمنغهام، كانا يحلمان بتكوين عائلة كبيرة، وقد خاضا رحلة شاقة مليئة بالمحاولات الطبية لتحقيق هذا الحلم.
بعد عدة جولات من التلقيح الصناعي، أنجبا طفلهما الأول في عام 2022، وعندما حملت هازها بشكل طبيعي في عام 2023، غمرتهما الفرحة، معتقدين أن رحلتهما نحو الأبوة قد أصبحت أكثر سلاسة، إلا أن هذه الفرحة تحولت إلى صدمة مأساوية عندما وُلدت طفلتهما مايلي ميتة بوزن 6.4 أرطال في مستشفى برمنغهام للنساء في 27 أيلول/ سبتمبر 2023.
دموع على القبر وخوف من تكرار المأساة
هازها، البالغة من العمر 39 عامًا، والتي تجاوزت الآن الأسبوع العشرين من حملها الجديد، تعيش حالة من الخوف المستمر، ليس فقط على حياتها، بل على حياة جنينها أيضًا. وتعبر عن معاناتها بقولها: “لا أستطيع فعل شيء سوى البكاء عند قبرها. كوني حاملاً مرة أخرى، أشعر بالرعب على حياتي وحياة طفلي الذي لم يولد بعد، لم يستمعوا إليّ عندما كنت بحاجة إلى المساعدة، ونتيجة لذلك فقدنا طفلتنا.”
عقبات لغوية وإهمال طبي قاتل
هازها، التي تنحدر من العراق، لا تتحدث الإنجليزية بطلاقة، ما جعلها تعتمد على خدمات الترجمة طوال فترة حملها.
ولكن عندما دخلت المستشفى قبل الولادة، واجهت صعوبة كبيرة في التواصل مع الطاقم الطبي، خاصة بعد أن طُلب من زوجها بهروز مغادرة المستشفى ليلاً.
هذا القرار كاد أن يتركها وحدها في أكثر لحظات حياتها خطورة، غير قادرة على إيصال مخاوفها وآلامها بشكل صحيح.
رفضت هازها الانصياع لهذا القرار، وأصرت على بقاء زوجها معها، خوفًا من أن تموت إن بقيت وحيدة. وبدوره، تحدث بهروز عن هذه اللحظات الصعبة، قائلًا: “لم يكن هناك أحد يقاتل من أجلها عندما كانت بأمسّ الحاجة إلى المساعدة. كانت تتألم، وكانت خائفة، وكان عليّ أن أقاتل من أجل البقاء بجانبها، لأتأكد من أن صوتها مسموع.”
تحذيرات متكررة لم تؤخذ على محمل الجد
كانت حالة هازها تصنف على أنها “حمل عالي الخطورة”، فقد عانت في السابق من حملين خارج الرحم، بالإضافة إلى تاريخ مرضي من الإصابة بمقدمات الارتعاج وسكري الحمل، إلى جانب مضاعفات أخرى.
رغم هذه العوامل الخطيرة، ورغم ترددها المتكرر على المستشفى بسبب مخاوفها بشأن قلة حركة الجنين وزيادة آلامها، لم تتعامل المستشفى مع حالتها بالجدية المطلوبة، حسب قولها، ولم تُتخذ الإجراءات الطبية اللازمة في الوقت المناسب.
وفي النهاية، توفيت الطفلة مايلي نتيجة انفصال المشيمة، وهي حالة كان يمكن اكتشافها والتعامل معها في وقت مبكر، مدما كان سيمنح الطفلة فرصة للبقاء على قيد الحياة.
تحقيق يكشف عن إخفاقات جسيمة
بعد وقوع المأساة، أُجري تحقيق مستقل كشف عن وجود إخفاقات خطيرة في الرعاية الصحية داخل المستشفى. ومن بين الأخطاء التي تم تحديدهاحُدِدت:
- عدم استكمال بعض أفراد الطاقم الطبي للتدريب الإلزامي على مراقبة الأجنة.
- عدم الاستجابة بالسرعة المطلوبة لحالة هازها، رغم التحذيرات المتكررة.
- ضعف التواصل وعدم تقديم دعم ترجمة كافٍ للمرضى الذين لا يتحدثون الإنجليزية بطلاقة.
واعترف مستشفى برمنغهام للنساء والأطفال، التابع لهيئة الصحة الوطنية، بأن الرضيعة مايلي كان من الممكن أن تنجو لو تلقت والدتها الرعاية المناسبة في الوقت المناسب.
تحرك قانوني لمحاسبة المسؤولين
قرر الزوجان اتخاذ إجراءات قانونية ضد المستشفى، وكلفا مكتب المحاماة “لايم سوليسيتورز” بالتحقيق في الإهمال الطبي الذي أدى إلى وفاة طفلتهما، بالإضافة إلى الأضرار النفسية والصحية التي لحقت بهازها نتيجة هذه المأساة.
وقالت المحامية ويوليتا دفوراك، المتخصصة في قضايا الإهمال الطبي، والتي تتولى القضية بمساعدة الباراليجال تارا بوني: “هذه كانت مأساة يمكن تفاديها تمامًا، لقد عبّر بهروز وهازها عن مخاوفهما مرارًا وتكرارًا، ومع ذلك لم يتم الاستماع إليهما. المستشفى نفسه اعترف بأن مايلي كان يمكن أن تبقى على قيد الحياة لو تلقت والدتها الرعاية الصحيحة، وهذا ببساطة غير مقبول، لا ينبغي لأي أسرة أن تعيش مثل هذا الألم.”
وأشارت إلى أن قضايا الإهمال الطبي في أقسام الولادة أصبحت أكثر شيوعًا في بريطانيا، قائلة: “للأسف، نشهد المزيد والمزيد من هذه الحالات في جميع أنحاء البلاد. خدمات الأمومة تعاني من ضغط هائل، وتفتقر إلى التمويل، وفي بعض الأحيان تكون غير كافية بشكل خطير، نشهد أنماطًا متكررة من الإخفاقات، تشمل: تجاهل العلامات التحذيرية، وضعف التواصل، ونقص الكوادر المدربة بشكل جيد.”
رد المستشفى وخطوات تحسين الخدمة
من جانبه، قدم دالجيت أثوال، رئيس قسم التمريض والقبالة في مستشفى برمنغهام للنساء والأطفال، تعازيه للعائلة، قائلاً: “نود أن نعبر مرة أخرى عن تعازينا العميقة للعائلة لفقدان ابنتهم، ولا تزال فرقنا تقدم لهم الدعم. لقد حافظنا باستمرار على الامتثال لمعايير التدريب الوطنية على مدار السنوات الست الماضية.”
وأضاف أنه بعد هذه الحادثة، اتخذ المستشفى إجراءات جديدة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء، ومنها:
- إلزام جميع الموظفين العائدين من الإجازات باستكمال تدريب محدّث قبل استئناف العمل في الأقسام الحساسة.
- تحسين إجراءات معالجة الفحوصات العاجلة خارج أوقات الدوام الرسمي.
- تعزيز خدمات الترجمة، حيث أصبح يُنصح الآن بشدة جميع العائلات التي لا تعد الإنجليزية لغتهم الأولى بالاستفادة من خدمات الترجمة المتاحة على مدار الساعة، سواء وجهًا لوجه أو عبر الفيديو.
أمل في تحقيق العدالة ومنع المآسي المستقبلية
بالنسبة لهازها وبهروز، فإن الحياة لن تعود كما كانت أبدًا بعد فقدان طفلتهما، لكنهما مصممان على تحويل مأساتهما إلى دافع لإحداث تغيير حقيقي في نظام الرعاية الصحية، حتى لا يضطر أي والد آخر إلى المرور بنفس المعاناة.
وفي هذا السياق قال بهروز: “بالطبع، نرغب فقط في استعادة طفلتنا، لكننا لا نستطيع. لذا، فإن أقل ما يمكننا فعله هو رفع الوعي، لضمان عدم تكرار هذه المأساة مع أي أسرة أخرى.”
المصدر: Birmingham Live
اقرأ ايضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇