علاقتي الجديدة بالكتب الصوتية
للمرة الأولى أجلس في الطائرة، وأستمع إلى كتاب “رسائل في بريد صاحب الظل الطويل” للكاتبة أروى خميّس. أنزلت الكتاب وتأكدت أنه سوف يعمل (offline) بلا إنترنت عند تفعيل وضع الطائرة على الجوال.
إنها المرة الأولى التي أقترف فيها خطيئة أن لا أجلب معي كتابًا ورقيًّا عند السفر. شعورٌ عارمٌ بالذنب، ولكن آن الأوان لأن تأخذ الكتب الصوتية مجراها في حياتي؛ وذلك لسببين: أولهما شخصي، وهو أنني شخصٌ سمعي. وثانيهما أن مسألة طباعة الكتب أصبحت تُحيِّرني.
“بداية رحلتي مع الكتب الصوتية”
فما دمنا وصلنا إلى هذا التطور التقني، وأصبحت الكتب الصوتية مألوفة ويمكن الاستماع إليها من جهاز محمول وسمّاعة أذنين، فلماذا لا نزال نقطع الأشجار من أجل صنع الورق؟!
أليس من التحضّر الفكري والثقافي أن نُسدي معروفًا إلى الأشجار ونتوقف قدر ما نستطيع عن الإساءة إليها وقطعها؟ أعرف أنني سأجد من يعارض كلامي، وهناك من سيقول لي: إن دولًا بأسرها لا تتمتع بخدمة الإنترنت طوال الوقت بعد، إلا أنني أراهن أن هذه الدول لا تشكل إلا نسبة ضئيلة فحسب، أما القاعدة البيئية فيمكن أن تشمل بقية الدول، فما المانع بعد ذلك؟
كانت تلك بداية رحلتي مع الكتب الصوتية، وقد دوَّنت ذلك في فقرة عابرة لحلقة بودكاست كانت تتحدث عن تجربة شخصية لي مع العزلة. لكني اكتشفت بعد سنة من كتابة تلك الحلقة، أن الكتب الصوتية قد أصبحت لصيقتي فعلًا، وأنني صرت على التزامٍ كبير بالكتب، فلم يَعُد مغتفرًا أن أركب سيارة “أوبر” -مثلًا- أو أشرع في رحلة برية أو جوية دون أن تكون قائمة من الكتب تزاحم التطبيق الصوتي الذي أشترك به.
على الأقل أستمع إلى كتاب أو كتابين على مدار رحلة من 5 إلى 7 أيام سفر. وكتاب واحد أستطيع إنهاءه على مدار أسبوعين في وضعي الاعتيادي، وهو ما لم يحدث سابقًا مع الكتب الورقية، إذ كنت أنهي في الأسبوع 12 صفحة من الكتاب على أعلى تقدير!
فضلًا عن التكلفة المادية؛ فلو أردنا أن نُجرِي حسابًا سريعًا بالورقة والقلم، لتبيَّن لنا أنه إن زرت معرض الكتب مرة واحدة في السنة واشتريت 10 كتب لسنة كاملة، وكانت تكلفة الكتاب بين 5 و12 دولارًا، فإنك في المحصلة تحتاج إلى 120 دولارًا. أما إن اشتركت في تطبيق شهري بـ7 دولارات، فإن ذلك سيكلفك 84 دولارًا سنويًّا، وبلا ريب فإن عدد الكتب أكبر. وأعيد وأكرر: هذا عند الالتزام وتَوَقان النفس ورغبتها بالقراءة.
ولا أخفيكم سرًّا أنني ما زلت أحنّ إلى الكتب الورقية وملمسها ورائحتها، لذلك ما أزال أذهب إلى المعارض السنوية، أنتقي كتابًا أو اثنين، من أجل نقاهتي الروحية. من أجل الذكريات والعِشرة. من أجل الاستمتاع باللحظة. لكن الحلول العملية لا بد أن تحضر في حياتنا اليومية. والترف له وقته وجماله.
اقرأ أيضًا
الرابط المختصر هنا ⬇
التعليقات
اترك تعليقا
أخبار ذات صلة
15°C
ما احلاكي 😍 ابدعتي حبيبتي تقى ❤️