عرب بريطانيا يكرّمون سفير جنوب إفريقيا في لندن
كرّم وفد من الجالية العربية في بريطانيا الأربعاء 24 يناير المفوض السامي لجمهورية جنوب إفريقيا في المملكة المتحدة جيريميا نياماني مامابولو.
بزيارة نظمتها منصة العرب في بريطانيا (AUK)، تعبيرًا عن امتنان الجالية العربية في بريطانيا لجمهورية جنوب إفريقيا بعد أن أحالت أوراق الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال في غزة إلى محكمة العدل الدولية (ICJ) وقدم الوفد درعًا تقديرًا للسفير ولوحة تذكارية مشغولة يدويًا لصورة المسجد الأقصى المبارك.
وفي هذا اللقاء أعرب السفير مامابولو عن التزام بلاده الراسخ بالدفاع عن حقوق الإنسان والقضايا العادلة، لا سيما القضية الفلسطينية، مستحضرًا تجربة جنوب إفريقيا النضالية ضد الفصل العنصري. وأكد مامابولو على أهمية هذا الدور في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، التي شهدتها الأيام الـ109 الماضية.
وعبر أعضاء الوفد عن اعتزازهم وتقديرهم للمواقف النبيلة لحكومة جنوب إفريقيا وشعبها، مشيدين بدعمهم المتواصل للقضية الفلسطينية وللقضايا العادلة حول العالم.
لقاء مع سفير جنوب إفريقيا
في كلمته المؤثرة، أشاد السفير مامابولو بالمبادرة التي قادها العرب في بريطانيا، مشيرًا إلى القيم المشتركة التي تجمع بين منصة العرب في بريطانيا وشعبه، خاصة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان والوقوف ضد أي انتهاكات لها مستشهدًا بعبارات من الموقع الرسمي للمنصة.
وقال مامابولو: هناك تعبير لفت انتباهي جدًا في موقع منصة العرب في بريطانيا AUK يؤكد على وحدة الهدف والمبدأ: “بعيدًا عن القضايا الخلافية، نحن نجمع ولا نفرق، نتكاتف ولا نفترق، نتعاون ولا ننفرد، نندمج بالمجتمع البريطاني ولا نذوب، ونحافظ على خصوصية الهوية العربية ولا ننعزل” وأضاف: هذا ما نؤمن به ونفعله تمامًا في جمهورية جنوب إفريقيا الديمقراطية.
وتابع السفير، مستعرضًا مسيرة جنوب إفريقيا نحو الديمقراطية من رماد نظام الفصل العنصري، مؤكدًا على الدور الريادي الذي لعبه الرئيس نيلسون مانديلا في النضال لأجل فلسطين وجنوب إفريقيا على حد سواء.
كما أضاف سعادته قائلاً: “لقد كان الجميع يقول لنا لا فائدة مما تفعلونه ويطالبونا بالرضوخ للاستعمار، لكننا قلنا للجميع مهما دمرتم وقصفتم لن تتنصروا، وانتصرنا في النهاية كما سينتصر الشعب الفلسطيني المناضل، قد لا يعجب البعض اجتماعنا اليوم لكننا نؤكد أن مبادئنا لا تتجزء ولا بديل لنا عن الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، فالعالم أجمع يقف إلى جانبهم”.
ونيابة عن الوفد، تحدث الدكتور أنس التكريتي، معبرًا عن الأبعاد العالمية لهذا اللقاء التكريمي لجنوب إفريقيا: “نحن هنا اليوم، نمثّل أكثر من عشرين دولة، تمتد من شرق الوطن العربي في العراق والكويت ودول الخليج، إلى أقصى غربه في المغرب وموريتانيا. تجمعنا هذه المناسبة التي نظمتها منصة العرب في بريطانيا، لنقف معًا ونعرب عن عميق امتناننا وتقديرنا للموقف الإنساني والنبيل الذي اتخذته جمهورية جنوب إفريقيا وشعبها تجاه الإبادة الجماعية التي يشهدها العالم في غزة منذ نحو أربعة أشهر”.
وأضاف التكريتي: “هذا الموقف يكتسب أهمية استثنائية في ظل ما يبدو من شلل في المجتمع الدولي أمام المأساة المستمرة التي تشهدها غزة، حيث تتكشف المشاهد المروعة لا بالأيام بل بالساعات. والواقع المرير أن العالم الذي ينادي بالإنسانية والكرامة، يقف صامتًا، بل ويشجع على استمرار الجرائم، في الوقت الذي يذهب فيه الأبرياء من أطفال ونساء ومسنين ومرضى ضحايا كل يوم في غزة. إن موقف جنوب إفريقيا يضيء شمعة أمل في ظلام هذا الصمت الدولي”.
بدوره أشاد عضو الوفد صباح المختار رئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا بالوثيقة التي قدمتها جنوب إفريقيا إلى المحكمة الدولية للعدل، معتبرًا إياها وثيقة تاريخية تسجل الجرائم ضد الشعب الفلسطيني وتمثل أملًا في تحقيق العدالة، وهي من أرقى ما كتب في المرافعات الحقوقية بمثل هذا النوع من القضايا على حد تعبيره، بحيث لا تضع “إسرائيل” تحت المحك فحسب بل حتى نزاهة هذه المؤسسة الدولية.
وأعقب ذلك نقاش موسع بين السفير والوفد الذي ضم نخبة من الحضور من المجتمع العربي في بريطانيا، وشارك فيه إضافة للتكريتي ومختار رئيس منصة العرب في بريطانيا عدنان حميدان ونائبه صلاح عبد الله وكل من المرشحة البرلمانية عن حزب الخضر منى آدم والناشطة السياسية سمية أحمد والدكتور محمد حسن ورئيس تحرير صحيفة عربي21 فراس أبو هلال والفنان المعروف لوكي والدكتور عمر عبد المنان والإعلاميان إبراهيم خضرة وكاتيا يوسف والمتحدثة باسم المنتدى الفلسطيني في بريطانيا لجين عبد الله والأكاديمية زينب كمال.
من ناحيته تحدّث الطبيب عمر عبد المنّان نيابةً عن الكوادر الطبية قائلاً: إن زملاءه يتعرضون يومياً للاستهداف الممنهج من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد فقد العديد منهم حياته أثناء تأديه واجبه الإنساني، ومن بقي على قيد الحياة يتعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب لأنه يعمل ضمن الكوادر الصحية.
زينب كمال الأخصائية التربوية قالت: “من الضروري جداً صنع التاريخ الآن، وها نحن ذا نصنع التاريخ بدعمٍ من جمهورية جنوب أفريقيا، السؤال اليوم ليس ما إذا كانت “إسرائيل” ترتكب إبادةً جماعية، فهي تفعل ذلك علناً، لكن السؤال هل سنعود إلى وطننا ونعيش في دولة فلسطين الحرة المستقلة، هذا ما سنعلمه لأولادنا كي يكونو هم أيضاً جزءاً من صناعة التاريخ عندما يكبرون”.
السفير مامابولو اختتم حديثه منبهًا لقلقه العميق إزاء الوضع في فلسطين: “ما نشهده اليوم من إبادة جماعية في فلسطين، وتجويع ممنهج لشعبها، يعكس استمرار نظام الفصل العنصري بصورة أخرى، ويشير إلى ضرورة العمل على تعريف جديد لمفهوم الإبادة الجماعية في ظل التقاعس الدولي”.
وفي ختام الزيارة جرى نقاش موسع بين السفير والوفد الذي ضم نخبة من الحضور من المجتمع العربي في بريطانيا.
يذكر أن جمهورية جنوب أفريقيا عانت من الاحتلال ونظام العزل العنصري منذ العام 1806م حتى 1910م، والذي خلّفَ موجاتٍ من الهجرة والشتات لأصحاب الأرض، حتى بدأت ثورتهم في عام 1879م والتي استمرت حتى نيل الاستقلال عن الاستعمار البريطاني وفلول الاحتلال الهولندي، لتشهدَ بعد ذلك ثورةً أخرى على مستوى إعادة إعمار ما دمرته الحرب وتطوير البلاد، حتى صارت إحدى أهم الدول على مستوى العالم بمختلف المجالات.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
23°C
