تسريبات صادمة: تحقيق يكشف عن عنف موظفي السجون ضد السجناء في بريطانيا

كشفت تسريبات حديثة عن رسائل صادمة تداولها موظفون في سجن “بارك” (HMP Parc) الواقع في جنوب ويلز، تضمنت إشارات إلى استخدام العنف ضد السجناء، وعبارات تهكمية تجاه محاولات انتحار وحالات إيذاء النفس داخل السجن، في وقت يشهد فيه هذا السجن أعلى معدلات الوفيات في بريطانيا لعام 2024.
رسائل داخلية تحتفي بالعنف

وجاء في إحدى الرسائل: “فلان فتح الباب، فقاموا بضربه في الحمّام، ههه”، ليرد أحد المشاركين في المحادثة قائلاً: “جيد! آمل أن يكونوا قد آلموه أيضًا”. وفي رسالة منفصلة، وُصف أحد الضربات الموجهة لأحد السجناء بـ”اللكمة الموجهة له بعد أن عضّني، وهذا يُغلق الموضوع”، مع إرفاق رمز تعبيري ضاحك.
وظهرت في تلك الرسائل نكات حول أحد السجناء الذين وُصفوا بأنهم معرضون لخطر الانتحار، إلى جانب استهزاء بحالة سجين آخر يُعاني من إيذاء نفسي وجسدي خطير.
شهد سجن “بارك”، الذي تديره شركة G4S الخاصة، وفاة 17 نزيلاً منذ بداية عام 2024، وهو العدد الأعلى على مستوى جميع السجون البريطانية لهذا العام، ما أثار مخاوف متصاعدة بشأن ظروف الاحتجاز وسوء المعاملة داخل هذا المركز الإصلاحي.
الحكومة على علم والتحقيقات جارية

وفي رسالة رسمية وُجهت إلى لجنة العدل والشؤون الداخلية في البرلمان البريطاني في أكتوبر 2024، أكد وزير السجون جيمس تيمبسون أن وحدة مكافحة الفساد التابعة لمصلحة السجون البريطانية تتابع التحقيق في الانتهاكات داخل السجن.
وكانت شرطة جنوب ويلز قد اعتقلت أربعة من ضباط السجن في سبتمبر الماضي بشبهة التورط في حالات اعتداء وسوء سلوك في الوظيفة العامة، بعد ورود تقارير بشأن حوادث متكررة داخل سجن بارك. وأُفرج عنهم لاحقًا دون توجيه تهم، بحسب بيان صادر عن الشرطة.
وفي يناير 2025، أُطلقت مرحلة جديدة من التحقيقات، وشملت اعتقال ستة أشخاص آخرين: رجل يبلغ من العمر 36 عامًا من لانيللي أُفرج عنه قيد التحقيق، إلى جانب خمسة آخرين – رجل من بريدجند (35 عامًا)، وآخر من سوانزي (40 عامًا)، وثالث من باري (38 عامًا)، ورجل من تايباخ (50 عامًا)، وامرأة من كارديف (23 عامًا) – وجميعهم أُفرج عنهم بكفالة حتى نهاية أبريل 2025 بانتظار استكمال التحقيقات.
أعلنت شركة G4S أن ثلاثة من بين الموظفين الأربعة الذين اعتُقلوا سابقًا جرى فصلهم من العمل، بينما لا يزال الرابع موقوفًا عن العمل ريثما تنتهي الإجراءات التأديبية بحقه.
وأوضحت المتحدثة باسم الشركة أن “الغالبية العظمى من موظفينا ملتزمون ويؤدون واجبهم بنزاهة”، مؤكدة التزام الشركة “باجتثاث أي سلوك مخالف” داخل المؤسسة.
وفي ردّها على التسريبات، شددت الشركة على أن “جميع العاملين ملزمون بمعاملة السجناء بكرامة واحترام، ولدينا سياسة صارمة تقوم على عدم التسامح مطلقًا مع أي سلوك ينتهك معاييرنا الأخلاقية والمهنية”.
مشهد عام يثير القلق

وتُظهر صور من محيط سجن HMP Parc مبنى رمادي اللون محاطًا بسياج معدني، تتوزع على واجهته الخارجية خطوط حمراء ونوافذ مفتوحة من خلال مفصلات، في مشهد يوحي بطابع أمني صارم.
وفي تصريح أدلى به كبير مفتشي المباحث في شرطة جنوب ويلز، دين تايلور، أوضح أن التحقيق “لا يزال مفتوحًا”، مشيرًا إلى استمرار التعاون مع شركة G4S لمتابعة القضية وكشف جميع الملابسات.
وتأتي هذه القضية في سياق تزايد القلق الحقوقي داخل بريطانيا بشأن تعامل المؤسسات الإصلاحية مع النزلاء، لا سيما مع تكرار حالات الوفاة والانتحار داخل السجون، وتنامي المخاوف من غياب الرقابة على سلوكيات الموظفين، لا سيما في السجون التي تُدار عبر القطاع الخاص.
يُذكر أن هذه الحادثة ليست الأولى التي تُسلّط الضوء على سجن بارك، لكنها قد تمثل مؤشرًا على أزمة أعمق في منظومة العدالة الجنائية البريطانية، في ظل غياب الشفافية والمساءلة الفعلية داخل مرافق الاحتجاز.
الرابط المختصر هنا ⬇