خطط الإفراج المبكر عن آلاف السجناء في بريطانيا تثير المخاوف
أثارت خطط الحكومة البريطانية للإفراج المبكر عن آلاف السجناء، التي ستدخل حيّز التنفيذ هذا الأسبوع، مخاوف واسعة النطاق من تفاقم مشكلة التشرد وارتفاع معدلات ارتكاب الجرائم. ويأتي هذا البرنامج في إطار جهود الحكومة لتخفيف الضغوط عن نظام السجون وتوفير مساحات إضافية.
وفي بيان لها أكدت الحكومة أنها “ورثت نظامًا قضائيًّا مأزومًا”، لكنها تواجه انتقادات بشأن مصير السجناء الذين سيجدون أنفسهم دون مأوى بعد الإفراج عنهم. ألان، وهو سجين سابق قضى سنوات في شوارع برايتون بعد إطلاق سراحه، قال: “تجد نفسك مضطرًّا إلى إحداث المشكلات عمدًا للعودة إلى السجن؛ لأنها ليست حياة يختارها الكثير منا”.
انتقادات ومخاوف حول ظروف المفرج عنهم
وأوضح ألان أنه واجه صعوبات بالغة في التأقلم مع الحياة خارج السجن، مشيرًا إلى أن “الخروج كان صعبًا للغاية”، وبخاصة في ظل عدم توفر الدعم الاجتماعي المناسب. وأضاف: “عندما تخرج من السجن، تجد أن العالم قد تغير”. ودعا إلى ضرورة توفير أماكن إقامة ملائمة للسجناء المفرج عنهم، مؤكدًا: “يجب أن نجد المكان المناسب لنا، لا يمكن تركنا في الشارع”.
وابتداء من يوم الثلاثاء، ستُطلِق الجهات المختصة سراح السجناء الذين يقضون “أحكامًا محددة” بعد قضاء 40 في المئة فقط من مدة عقوبتهم. وتتوقع وزارة العدل الإفراج عن نحو 5500 شخص خلال شهري سبتمبر وأكتوبر. وتكشف البيانات أن 8355 شخصًا في إنجلترا وويلز -أي ما يعادل 12 في المئة من السجناء المُفرَج عنهم- وجدوا أنفسهم بلا مأوى بعد الإفراج عنهم العام الماضي، بزيادة قدرها 2310 عن العام السابق. كما أظهرت الأرقام أن أكثر من 3000 شخص ما زالوا يعيشون في الشوارع بعد مرور ثلاثة أشهر على إطلاق سراحهم.
تحذيرات من تفاقم مشكلة التشرد
وبهذا الشأن أعرب نيك هاردويك، الرئيس السابق لمفتشي السجون، عن مخاوفه من أن العديد من السجناء المُفرَج عنهم سيواجهون خطر التشرد؛ نظرًا إلى عدم وجود أماكن إقامة كافية. وأشارت الدراسات إلى أن السجناء الذين يتمتعون بسكن مستقر بعد الإفراج عنهم يكونون أقل عرضة لمعاودة ارتكاب الجرائم بنسبة 50 في المئة.
بدوره حذر تشارلي تايلور، كبير مفتشي السجون في إنجلترا وويلز، من أن “التدفق المفاجئ” للسجناء المُفرَج عنهم قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة التشرد. وقال في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC): “مع زيادة عدد السجناء المفرج عنهم في وقت واحد، قد يواجهون صعوبة في العثور على سكن مناسب”.
كما أشار تايلور إلى العلاقة الوثيقة بين التشرد ومعاودة ارتكاب الجرائم، قائلًا: “كثير من السجناء المُفرَج عنهم يعودون إلى الشوارع، وسرعان ما يجدون أنفسهم مجددًا داخل السجون خلال أيام قليلة”. من جانبه عبّر نيك، الذي حصل على سكن بعد الإفراج عنه، عن قلقه من عدم توفر أماكن كافية لاستيعاب السجناء، الذين سيُطلَق سراحهم قريبًا. وقال: “عندما تُعيد الناس إلى الشوارع، فإنهم قد يعودون إلى المخدرات أو الكحول، أو يرتكبون الجرائم مجددًا للعودة إلى السجن؛ لأنه يوفر لهم مأوى”.
وأضاف نيك، الذي ينحدر من سيفورد: إنه فكر في ارتكاب الجرائم مرة أخرى للعودة إلى السجن، مشيرًا إلى أن الحياة داخل السجن كانت “أسهل بكثير”، حيث يحصل على ثلاث وجبات يوميًّا، ويُدفع له مقابل توزيع الصحف، ويستمتع بحمام ساخن!
نقص الدعم الاجتماعي والخيبة
من جانبها أكدت هيلين بيريسفورد، من مؤسسة “ناكرو” للعدالة الاجتماعية أن بعض السجناء يُفرَج عنهم دون توفير الدعم أو السكن المناسب، ما يعرّضهم لخيبة الأمل. وأشارت إلى أن نقص السكن الاجتماعي ورفض بعض المُلّاك تأجير الشقق لمن لديهم سجل جنائي يزيدان من صعوبة العثور على مكان للإقامة بعد الإفراج عنهم.
وفي هذا السياق أكد ستيفن، المتطوع مع جمعية “دعم المشردين في ساسكس” من برايتون، أن دورة التشرد التي يعاني منها السجناء بعد الإفراج عنهم، ثم عودتهم إلى السجن، تتكرر باستمرار. وقال: “يدخل هؤلاء إلى السجن دون أي شيء، ويخرجون منه دون أي شيء، ما يجعلهم بلا أي شيء في نهاية المطاف!”.
المصدر بي بي سي
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇