جامعة بريطانية تسحب تأشيرة طالب مؤيد لفلسطين وتعرّضه لخطر الترحيل
اتهمت تقارير إعلامية جامعة كينغز كوليدج لندن (KCL)، وهي إحدى جامعات مجموعة راسل المرموقة، بتعريض حياة أحد طلابها للخطر بعد سحب رعايتها لتأشيرته الدراسية، إثر ضغوط من جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل.
الطالب أسامة غانم، البالغ من العمر 21 عامًا ويدرس تخصص العلاقات الدولية، أُبلغ من قبل الجامعة بأنه سيتعين عليه مغادرة المملكة المتحدة والعودة إلى مصر، بعد مشاركته في احتجاجات مؤيدة لفلسطين داخل الحرم الجامعي.
خطر حقيقي على حياته في حال الترحيل

كانت الجامعة على علم بأن غانم قد يواجه السجن والتعذيب في مصر، إذ سُجن هو ووالده وشقيقه عام 2020 بسبب معارضتهم للنظام المصري. وقد تعرض غانم وهو في السادسة عشرة من عمره للتعذيب والمعاملة القاسية، ما أدى إلى إصابته باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وهي حالة وثقتها الجامعة منذ تسجيله فيها.
رسالة من جمعية مؤيدة لإسرائيل وراء القرار
كشفت صحيفة نوفارا ميديا أن الجامعة اتخذت قرار تعليق دراسة غانم وإلغاء تأشيرته بعد تلقيها رسالة من منظمة “الحملة ضد معاداة السامية” (CAA) في مارس الماضي، طالبت فيها باتخاذ إجراءات ضد الطلاب المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين.
الرسالة، الموقعة من قبل مدير التحقيقات في الجمعية ستيفن سيلفرمان، دعت رئيس الجامعة شيتج كابور إلى فتح تحقيق شامل وفرض عقوبات على المحتجين، بحجة حماية “الطلاب اليهود” وضمان “بيئة تعليمية آمنة وشاملة”.
ثلاثة إجراءات تأديبية ضد غانم
تعرض غانم منذ يونيو 2024 لثلاثة تحقيقات تأديبية منفصلة بسبب مشاركته في فعاليات احتجاجية داخل الجامعة، من بينها:
- احتجاج في حفل جوائز الخريجين في يونيو 2024.
- احتجاج خلال ندوة بعنوان “من الصراع إلى التواصل: الإسرائيليون والإيرانيون” في فبراير 2025.
- احتجاج في مؤتمر الدفاع في لندن في مايو 2025.
وكانت الندوة الثانية — التي وُصفت بأنها الأقل شهرة — هي التي أدت إلى تعليقه عن الدراسة إلى أجل غير مسمى، بعد تدخل الـCAA بشكل مباشر.
اتهامات بالتحريض ومعاقبة حرية التعبير
زعمت الجمعية أن المحتجين “هاجموا” المتحدثة فائزة علوي، وهي باحثة مؤيدة لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأجبروها على مغادرة القاعة، كما اتهمتهم بالهتاف “من النهر إلى البحر، فلسطين حرة”، واعتبرت ذلك “هتافًا معاديًا للسامية”.
في المقابل، يؤكد غانم أن الجامعة “تدّعي حماية حرية التعبير” لكنها في الواقع “عاقبته بسبب استخدامها”، واصفًا سلوكها بأنه “استبدادي شبيه بأنظمة ترامب”.
تعليق وتأشيرة ملغاة رغم الخطر

أوقفت الجامعة غانم في 22 مايو 2025 إلى أجل غير مسمى، على أن يُراجع القرار في أغسطس 2026، وأبلغته أن رعايته التأشيرية ستُسحب بموجب القوانين البريطانية.
وأظهرت المراسلات أن اللجنة التأديبية كانت مدركة لكونه سيضطر إلى العودة إلى مصر، رغم علمها بالمخاطر التي تهدد حياته هناك.
كتب غانم في استئنافه: “من الغريب أن اللجنة كانت على علم بوضع إقامتي الدولي لكنها تجاهلت الظروف المهددة لحياتي، التي ناقشتها مع الجامعة مرارًا.”
وأشار إلى أنه أوضح في طلبه للالتحاق بالجامعة أن والده وشقيقه تعرضا للاعتقال والتعذيب في مصر، مؤكدًا أن عودته “ستعني تعرضه وعائلته مجددًا للتعذيب”.
دعوى قضائية ومراجعة قضائية في المحكمة العليا
بعد رفض استئنافه في يوليو، رفع غانم دعوى قانونية ضد الجامعة بتهم تشمل انتهاك حقوق الإنسان والتمييز والتحرش، وقدم طلب مراجعة قضائية أمام المحكمة العليا في 3 أكتوبر.
وثبّت تقرير طبي من طبيب نفسي بارز تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة، وأشار إلى أن سلوك موظفي الأمن في الجامعة والإجراءات التأديبية فاقمت حالته النفسية.
دعم قانوني من منظمة “كيج إنترناشونال”
تحظى قضية غانم بدعم من منظمة CAGE International، التي وصفت قرار الجامعة بأنه “قمع مبني على سياسات عنصرية ومعادية للإسلام”.
وقالت نايلة أحمد، رئيسة الحملات في المنظمة: “من المخزي أن إحدى أبرز مؤسسات التعليم في بريطانيا تختار تعليق طالب إلى أجل غير مسمى وتعريضه للترحيل إلى بلد يُعرف بانتهاكاته لحقوق الإنسان.”
اعتصام طلابي من أجل غزة
كان غانم قد لعب دورًا قياديًا في اعتصام طلابي تضامني مع غزة أقيم في مايو 2024، للضغط على الجامعة كي تقطع علاقاتها مع المؤسسات الإسرائيلية وتسحب استثماراتها من شركات الأسلحة المشاركة في العدوان على الفلسطينيين.
تستثمر KCL أكثر من 11.9 مليون باوند في شركات متورطة في الإبادة بغزة، وقرابة 19.4 مليون باوند في شركات تدعم الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري.
ورغم إعلان الجامعة لاحقًا وقف استثماراتها في الشركات المصنعة للأسلحة المثيرة للجدل، فإنها ما زالت تستثمر في الأسلحة التقليدية ومكوناتها.
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن قضية أسامة غانم تثير تساؤلات جوهرية حول ازدواجية معايير حرية التعبير في الجامعات البريطانية، خاصة حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.
وتؤكد المنصة أن الدفاع عن حرية الرأي يجب أن يكون مبدأً ثابتًا لا يخضع لضغوط سياسية أو جماعات ضغط، وأن ترحيل طالب مهدد بالتعذيب يمثل تقويضًا خطيرًا للقيم الإنسانية والديمقراطية التي يفترض أن الجامعات البريطانية تتمسك بها.
المصدر: novaramedia
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
