تقرير: النمو الاقتصادي في بريطانيا قد يتعثر لعامين
حذر تقرير صادر عن مجموعة EY ITEM Club من احتمال تعثر النمو الاقتصادي في بريطانيا لمدة عامين، وسط مزيج معقد من الضغوط أبرزها الحرب التجارية العالمية، واستمرار التضخم، وارتفاع حالة عدم اليقين. وأكد التقرير أن خفض أسعار الفائدة قد يسهم تدريجيًا في تحسين الأوضاع الاقتصادية.
وتستخدم EY ITEM Club نماذج وزارة الخزانة الاقتصادية، وقد خفضت توقعاتها للنمو في عامي 2025 و2026، مشيرة إلى تعرض الاقتصاد البريطاني لضربات مباشرة بسبب تصعيد دونالد ترامب للحرب التجارية، إلى جانب الضغوط الداخلية الناتجة عن ارتفاع مستويات الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن العامل الأكثر تأثيرًا يتمثل في تراجع ثقة المستهلكين والشركات، مع تصاعد حالة الغموض التي تلقي بثقلها على النمو العالمي، بفعل فرض رسوم جمركية واسعة النطاق.
ويُفرض حاليًا رسم أساسي بنسبة 10% على معظم الواردات القادمة إلى المملكة المتحدة، فيما تخضع الصادرات البريطانية من الصلب والألمنيوم والسيارات لرسوم جمركية تبلغ 25%. ويُوجه عادةً نحو 16% من إجمالي الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة، لكن التقرير رجّح تراجع هذه النسبة في ظل ضعف الطلب العالمي.
ضغوط إضافية على الاقتصاد البريطاني
توقعت EY ITEM Club أن يسجل الاقتصاد البريطاني نموًا بنسبة 0.8% خلال العام الجاري، بانخفاض عن التوقع السابق الذي بلغ 1% قبل ثلاثة أشهر. كما خُفضت التوقعات لعام 2026 إلى 0.9%، أي بتراجع قدره 0.6 نقطة مئوية.
وتعد هذه الأرقام أدنى من تقديرات صندوق النقد الدولي الأخيرة، مما يشكل تحديًا إضافيًا أمام الحكومة البريطانية، التي تضع تحقيق النمو الاقتصادي في صدارة أولوياتها.
وقد تعرضت الحكومة لانتقادات متزايدة، بعد دخول زيادات ضريبية على الشركات حيز التنفيذ مع بداية الشهر الجاري، وهي خطوة رآها مراقبون بمثابة “هدف ذاتي” بالنظر إلى تداعياتها السلبية على مناخ الأعمال.
في المقابل، تواجه الأسر البريطانية ضغوطًا معيشية متزايدة، مع تصاعد فواتير الطاقة والمياه وضريبة المجلس المحلي، مما يهدد بتراجع القوة الشرائية وزيادة الأعباء الاقتصادية على المواطنين.
وكشفت بيانات حديثة عن تراجع حاد في مؤشرات ثقة المستهلك، إضافة إلى ارتفاع عدد الشركات التي دخلت في مرحلة “الضائقة المالية الحرجة” أو تقدمت بطلبات إفلاس.
التجارة العالمية تفرض واقعًا صعبًا
أوضح التقرير أن البيئة الاقتصادية العالمية المتقلبة، إلى جانب حالة عدم اليقين المتصاعدة، سيواصلان الضغط على العائلات والشركات البريطانية. ولفت إلى أن المزاج الاستهلاكي لا يزال “حذرًا”، في ظل استمرار الضغوط على الميزانيات الأسرية، مما يحد من الإقبال على شراء السلع الكبرى.
وفي الوقت نفسه، تتزايد الشكوك بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة تجارية مع الولايات المتحدة، إذ اعتبر وزير مكتب مجلس الوزراء البريطاني، بات مكفادين، أن التوصل إلى اتفاق “ممكن” لكنه “غير مؤكد”.
إشارات تفاؤل مشروطة
رغم الصورة القاتمة، رصد التقرير بعض المؤشرات الإيجابية، حيث أشارت آنا أنتوني، الشريكة الإدارية الإقليمية لشركة EY في المملكة المتحدة وأيرلندا، إلى أن الاقتصاد البريطاني أظهر أداءً فاق التوقعات خلال الأشهر الأولى من عام 2025.
وقالت أنتوني: “على الرغم من أن الاضطرابات في التجارة العالمية، واستمرار حالة عدم اليقين، والتضخم المرتفع قد تؤجل عودة بريطانيا إلى مستويات نمو أكثر استقرارًا، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي تدعو للتفاؤل.”
وأضافت: “الشركات تعتمد على بيئة مستقرة لتحقيق النمو، لذلك فإن الأسواق العالمية غير المستقرة تقوض مستويات الاستثمار على المدى القصير. ومع ذلك، يتوقع أن يستمر اقتصاد المملكة المتحدة، المدفوع بقطاع الخدمات، في تحقيق نمو خلال هذا العام، فيما من المرجح أن تساهم التخفيضات التدريجية في أسعار الفائدة في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري.”
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن “التقلبات العالمية قد تتيح لبريطانيا، مع مرور الوقت، فرصة لإعادة التموقع كوجهة مستقرة وجذابة للاستثمار الأجنبي.”
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
10°C
