الغارديان: تفاصيل جديدة عن تورط وحدة إسرائيلية في إعدام المسعفين في غزة ودفنهم جماعيًا
كشفت تقارير صحفية، مدعومة بشهادات شهود عيان ومصادر عسكرية، عن تفاصيل مروعة تتعلّق بمجزرة ارتكبتها قوات الاحلال الإسرائيلية بحق 15 من المسعفين وعمال الإنقاذ الفلسطينيين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أواخر آذار/ مارس الماضي، حيث استهدفت قافلتين من سيارات الإسعاف بإطلاق نار مباشر، ثم دفنت جثامين الضحايا في قبر جماعي اُكتشف لاحقًا.
وبحسب اعترافات الجيش الإسرائيلي، نُفذت العملية على يد جنود من لواء “جولاني”، أحد أبرز ألوية المشاة في الجيش، تحت قيادة لواء المدرّعات الاحتياطي الـ14، التابع لفرقة يقودها العميد يهودا فاخ، المعروف بتصريحاته المتطرفة والتي قال فيها سابقًا: “لا يوجد أبرياء في غزة”، وفقًا لتحقيق نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
مجزرة مروعة في رفح: استهداف مباشر لقافلتي إسعاف
وأفاد مصدر رفيع في الاستخبارات العسكرية لصحيفة الغارديان بأن عناصر من وحدة “504” المتخصصة في جمع المعلومات من الميدان – والمعروفة بتاريخها باستجواب الأسرى تحت ظروف قاسية – كانت حاضرة أثناء تنفيذ الهجوم، فيما رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق رسميًا على مشاركتها.
وقعت المجزرة في 23 آذار/ مارس، عندما أُطلق النيران بكثافة على سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، ما أسفر عن مقتل أفراد الطواقم، بينهم موظف في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وبعد العملية، دفنت قوات الاحتلال جثث الضحايا في قبر جماعي، اكتشفته فرق تابعة للأمم المتحدة.
وأشارت تقارير الطب الشرعي، إضافة إلى روايات شهود عيان ممن ساهموا في انتشال الجثامين، إلى أن عددًا من الضحايا أُعدموا من مسافة قريبة بطلقات في الرأس والصدر، وبعضهم وُجد مكبّل اليدين أو القدمين، ما يناقض الرواية الإسرائيلية التي زعمت أن سيارات الإسعاف لم تكن تحمل إشارات طبية واضحة أو تستخدم الأضواء أثناء استهدافها.
الناجي الوحيد يروي: ضرب واستجواب ميداني بوسائل تعذيب
وأكد الناجي الوحيد من المجزرة، المتطوع في الهلال الأحمر منذر عبد (27 عامًا)، أن قوة إسرائيلية ترتدي زيًّا يشبه القوات الخاصة، مزودة بأشعة ليزر خضراء ونظارات للرؤية الليلية، أخرجته من السيارة، ثم جرّدته من ملابسه، وقيّدته، واعتدت عليه بالضرب والتهديد خلال استجواب ميداني استمر عدة ساعات.
وفي وقت لاحق، اعترف الجيش الإسرائيلي بتنفيذ العملية، لكنه ادّعى أن بعض المسعفين “مرتبطون بحركة حماس”، دون تقديم أدلة. وقد شملت قائمة الضحايا ثمانية من كوادر الهلال الأحمر، وستة من الدفاع المدني، إضافة إلى موظف من وكالة أونروا. ولم يكن أي من الضحايا مسلحًا، بينما لا يزال أحد أفراد الطواقم في عداد المفقودين.
العميد يهودا فاخ، الذي كان يتولى القيادة الميدانية خلال العملية، سبق أن وُجّهت إليه انتقادات من ضباط إسرائيليين بسبب ما وصفوه بـ”غياب الانضباط العملياتي”، وقيادته عمليات شملت ما أُطلق عليه “مناطق قتل غير رسمية”، استُهدِف فيها مدنيون بشكل عشوائي.
مؤسسة هند رجب توثق الانتهاكات وتقدّم شكاوى قانونية
وتتزايد المطالب بفتح تحقيقات موسعة حول سلوك لواء جولاني، الذي سبق أن وُجهت إليه اتهامات بارتكاب جرائم حرب في غزة، بما في ذلك قتل مدنيين، والتنكيل بجثامين الشهداء، وتدمير البنية التحتية المدنية، إضافة إلى التحريض العلني على الإبادة الجماعية.
من جهتها، وثّقت مؤسسة “هند رجب”، وهي منظمة حقوقية مقرّها بلجيكا، العديد من الانتهاكات الإسرائيلية بحق الطواقم الإنسانية في غزة، مستندةً إلى صور ومقاطع نشرها الجنود أنفسهم على منصات التواصل الاجتماعي، وقدّمت شكاوى قانونية تطالب بمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب.
ومع تصاعد الضغوط الدولية، أمر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هليفي، بفتح تحقيق موسّع ثانٍ في الحادثة، التي وصفتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بـ”جريمة حرب مكتملة الأركان”، داعيةً إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة.
تجدر الإشارة إلى أن استهداف الطواقم الطبية والإنسانية في غزة بات أمرًا متكررًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، إذ استشهد المئات منهم خلال العام ونصف العام الماضيَين، أبرزهم سبعة من موظفي منظمة “وورلد سنترال كيتشن” في أبريل 2024.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
6°C
