بالأرقام.. كيف تؤثر غزة على الانتخابات المقبلة في بريطانيا
في ظل اقتراب الانتخابات العامة المرتقبة في بريطانيا، والتي تشير آخر التوقعات إلى إجرائها في نوفمبر 2024، تصدّر النزاع في غزة المشهد بوصفه قضية مؤثرة قد ترسم ملامح الواقع السياسي وتوجهات الناخبين.
استطلاعات الرأي الأخيرة تقدم صورة معقدة عن مواقف الرأي العام، مشيرة إلى أن تداعيات العدوان الشرس على غزة قد تمتد لتؤثر كثيرًا في الحياة السياسية المحلية للبلاد.
التحول في مواقف المسلمين في بريطانيا
شهد الدعم السياسي للمسلمين البريطانيين، الذين كانوا يميلون في العادة إلى حزب العمال، تحولًا كبيرًا بفعل مواقف الأحزاب البريطانية الكبرى من الأزمة في غزة.
وقد كشف استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة الإحصاء الإسلامي (Muslim Census UK) وشمل 30 ألف مشارك، انخفاضًا حادًّا في نسبة من يدعمون حزب العمال، من 71 في المئة في انتخابات 2019 إلى 5 في المئة فقط في بداية 2024.
حزب المحافظين كذلك واجه انخفاضًا في الدعم من هذه الفئة، إذ انحسر إلى أقل من 1 في المئة من المشاركين، مقارنة بـ9 في المئة في الانتخابات السابقة. ويُبرِز هذا التحول حجم الاستياء من مواقف الحزبين الرئيسَين إزاء النزاع في غزة، والتوجه المحتمل نحو المرشحين المستقلين.
القلق العام والمطالبة بحظر الأسلحة
وتُبرِز نتائج استطلاع يوغوف الأخيرة (مارس 2024) توافقًا متزايدًا في الرأي العام البريطاني مع الحاجة إلى موقف أكثر صرامة من الحكومة تجاه ممارسات إسرائيل في غزة. إذ يكشف الاستطلاع أن:
- 56 في المئة من الناخبين يؤيدون حظر تصدير الأسلحة وقطع الغيار إلى إسرائيل، مقابل 17 في المئة ضده.
- 59 في المئة يرون أن إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان في غزة، بمعارضة 12 في المئة فقط.
- الدعم لحظر الأسلحة قوي بين ناخبي حزب العمال (71 في المئة مقابل 9 في المئة)، والديمقراطيين الأحرار (70 في المئة مقابل 14 في المئة)، في حين انقسم الناخبون المحافظون في مواقفهم (38 في المئة مؤيدون مقابل 36 في المئة معارضون).
مطالبات وقف إطلاق النار
وكشف استطلاع للرأي، أجرته يوغوف بتكليف من منظمة الإغاثة الطبية للفلسطينيين (MAP) ومجلس التفاهم العربي البريطاني (Caabu)، دعمًا هائلًا من الجمهور البريطاني لوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وكشف الاستطلاع، الذي أُجري في الـ20 والـ21 من ديسمبر 2023، أن 71 في المئة من الشعب البريطاني يرون أنه يجب بلا ريب (48 في المئة) أو ربما (23 في المئة) أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في إسرائيل وفلسطين.
وبالمقابل شعر 12 في المئة فقط من الناس بأنه لا يجب بالتأكيد (6 في المئة) أو ربما (6 في المئة) أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار.
ونظرًا إلى تصويت نواب البرلمان البريطاني على المطالبة بوقف إطلاق للنار، فقد يتحاشى الناخبون الداعمون لفلسطين التصويت لأي نائب صوّت ضد وقف إطلاق النار.
الرغبة في دور وسيط محايد
وسلط استطلاع إبسوس الضوء على الرغبة الشعبية في المملكة المتحدة بأن تتخذ دور الوسيط المحايد في النزاع.
وازداد القلق بشأن تأثير العدوان على المدنيين، سواء كانوا فلسطينيين أو إسرائيليين، إذ أعرب أكثر من 70 في المئة من البريطانيين عن قلقهم تجاه الطرفين.
الدلالات السياسية
هذه الاستطلاعات تبين أن العدوان على غزة قد يتحول إلى موضوع حاسم في الانتخابات البريطانية القادمة، وأن بإمكانه تشكيل منصات الأحزاب واستراتيجيات تواصلها مع الناخبين.
ويشير تراجع دعم حزب العمال التقليدي بين الناخبين المسلمين إلى ضرورة إعادة تقييم موقف الحزب من غزة وسياساته تجاه الشرق الأوسط على نطاق أوسع. من جانبه، يواجه حزب المحافظين عقبات بسبب تراجع قاعدته الشعبية، ما قد يشير إلى ثغرات انتخابية محتملة.
والإجماع العريض ضد بيع الأسلحة لإسرائيل والقلق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان يمثل تحديًا لكلا الحزبين الرئيسَين. ويدل ذلك على أن الناخبين في المملكة المتحدة يراجعون بعناية القرارات السياسية الخارجية لحكومتهم وتأثيراتها الأخلاقية، ما قد يجعل القضية الفلسطينية اختبارًا للدعم الانتخابي.
ومع استمرار تطور الأوضاع في غزة، يتأكد تأثيرها على الساحة السياسية البريطانية، ما يسلط الضوء على التداخل بين الأحداث العالمية والديناميات الانتخابية المحلية. الرأي العام يطالب بالتغيير، والسؤال المطروح هو كيف ستترجم هذه المطالب إلى أصوات في صناديق الاقتراع مع نهاية 2024.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇