المالية تراهن على 25 مليار باوند لـ”إصلاح بريطانيا”.. فهل يدفع ذلك إلى خفض الهجرة؟
في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد البريطاني وتقليل الاعتماد على العمالة المهاجرة، أعلنت وزارة المالية عن فرض ضرائب جديدة بقيمة 25 مليار باوند. وهذه السياسة التي تروج لها الحكومة على أنها وسيلة لدفع الشركات نحو الاستثمار في التكنولوجيا ورفع الإنتاجية، تواجه انتقادات حادة بسبب تأثيرها المحتمل على الوظائف والاستثمارات.
فهل تنجح هذه الخطة في تقليل الهجرة وخلق اقتصاد أكثر كفاءة، أم أنها ستؤدي إلى موجة جديدة من تسريح العمال ورفع الأسعار؟
هل تدفع الضرائب الشركات نحو الاستثمار في التكنولوجيا؟
هناك وجهة نظر ترى أن الضرائب الجديدة ليست مجرد وسيلة لزيادة الإيرادات، بل أداة لدفع الشركات إلى تقليل اعتمادها على العمالة الرخيصة واستبدالها بالاستثمار في التكنولوجيا والتدريب. فمنذ الأزمة المالية العالمية، تعاني بريطانيا من ضعف في نمو الإنتاجية، وهو ما انعكس على الأجور ومستوى المعيشة.
وفقًا لمكتب مسؤولية الميزانية (OBR)، فإن تحسين الإنتاجية بمعدل 0.5% سنويًا يمكن أن يقلل الاقتراض الحكومي بأكثر من 40 مليار باوند بحلول 2028-2029، وهو تقريبًا نفس المبلغ الذي تهدف الضرائب الجديدة إلى تحصيله.
الخبير الاقتصادي جون فان رينن، أحد مستشاري وزيرة المالية راشيل ريفز، يشير إلى أن اعتماد بريطانيا على العمالة المهاجرة الرخيصة كان أحد أسباب تراجع الإنتاجية، معتبرًا أن رفع تكلفة التوظيف قد يكون جزءًا من الحل لإصلاح هذا الخلل.
الضيافة تحت الضغط.. التكنولوجيا ليست الحل دائمًا
ولكن هذه السياسة تواجه تحديًا كبيرًا في القطاعات التي تعتمد بشكل أساسي على العنصر البشري، مثل الضيافة. فبينما قد تكون الأتمتة مفيدة في المصانع والمكاتب، لا يمكن استبدال تجربة الخدمة في المطاعم والفنادق بالروبوتات.
تقول كيت نيكولز، الرئيسة التنفيذية لمنظمة “الضيافة في المملكة المتحدة”:
“يمكنك أتمتة بعض المهام مثل الطلبات أو جدولة العمل، لكن لا يمكنك الاستغناء عن العامل البشري في تقديم الخدمة. رفع تكلفة التوظيف لن يؤدي إلا إلى تقليل فرص العمل ورفع الأسعار على المستهلكين.”
الهجرة والوظائف.. هل تتحقق رؤية الحكومة؟
في السنوات الأخيرة، كان نمو التوظيف في قطاعات الصحة والرعاية الاجتماعية والفنادق والتجزئة يعتمد بشكل شبه كامل على العمالة الأجنبية. ويتوقع مكتب الإحصاء الوطني أن تستمر الهجرة في دفع النمو السكاني لعقود قادمة.
يقول أشوين كومار، الباحث في معهد أبحاث السياسات العامة (IPPR):
“لدينا مشكلة حقيقية في سوق العمل البريطاني، حيث لا يحصل الكثير من العاملين ذوي الأجور المنخفضة على فرصتدريب حقيقية أو مسارات للتطور المهني. في المقابل، تعتمد بعض الشركات على توظيف العمالة الأجنبية لسهولة الوصولإليها بدلاً من الاستثمار في تدريب موظفيها.”
لكن إذا كانت الحكومة تسعى إلى خفض الهجرة من خلال رفع تكلفة التوظيف، فالسؤال هو: هل ستستثمر الشركات بالفعل في تطوير موظفيها، أم أنها ستلجأ ببساطة إلى خفض التوظيف والاستعانة بالروبوتات؟
المصدر: التلغراف
إقرأ أيضًأ:
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
14°C
