تقرير صادم: ربع سكان لندن يعيشون تحت خط الفقر!
كشف تقرير جديد صادر عن مؤسسة جوزيف راونتري عن أرقام مقلقة تؤكد أن لندن تحتل المرتبة الثالثة بين المناطق الإنجليزية من حيث معدلات الفقر، حيث يعاني نحو 2.2 مليون شخص، أي ما يعادل 24 في المئة من سكان العاصمة، من الفقر. وتأتي هذه النسبة المرتفعة بعد منطقتي ويست ميدلاندز التي سجلت أعلى معدل بنسبة 27 في المئة، والشمال الغربي بنسبة 25 في المئة.
ورغم تسجيل تراجع طفيف في معدلات الفقر في العاصمة خلال العام الماضي، فإن مزيج أنماط السكن وتكاليف الإسكان المرتفعة لا يزالان يشكلان العوامل الأساسية في تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها ملايين اللندنيين.
الأطفال في دائرة الخطر
وأشار التقرير إلى أن معدلات الفقر بين الأطفال في لندن بلغت مستويات مقلقة، حيث يعيش أكثر من طفل من كل ثلاثة، أي 34.8 في المئة من الأطفال في العاصمة، تحت خط الفقر. إلا أن الصورة تزداد قتامة في بعض المناطق، حيث تصل نسبة الأطفال الفقراء في بيثنال غرين وستيبني، وستراتفورد وبو إلى 50 في المئة.
كما سجلت معدلات مرتفعة مماثلة في ويست هام وبيكتون بنسبة 49 في المئة، وإيست هام بنسبة 48 في المئة، في حين بلغت النسبة 44 في المئة في مناطق بوبلار، ولايمهاوس، وتوتنهام، وهاكني ساوث وشورديتش.
روسينا ألين-خان، النائبة العمالية عن توتينغ، وصفت هذه الأرقام بأنها “مروعة لكنها للأسف ليست مفاجئة”، مضيفة: “هذه الأرقام تعكس الواقع اليومي الذي أراه في رسائل المواطنين واجتماعاتي معهم. الناس يعانون من غلاء المعيشة، وعاجزون عن توفير الغذاء لأسرهم، ويعيشون في منازل مزدحمة تملؤها الرطوبة والعفن.”
وحملت المسؤولة العمالية حكومة المحافظين السابقة مسؤولية هذه الأزمة، مؤكدة أن “14 عامًا من سياسات التقشف وسوء الإدارة الاقتصادية خلفت اقتصادًا متعثرًا، ومجتمعات تعاني من الفقر المتزايد، وتراجعًا في الاستثمار في الخدمات الأساسية”.
ونبّهت إلى أن حكومة العمال الجديدة، بقيادة صادق خان في منصب عمدة لندن، وضعت خططًا طموحة لتحسين مستويات المعيشة والقضاء على الفقر في العاصمة.
الإيجارات المرتفعة تدفع آلاف الأسر إلى الفقر
راشيل إيرواكر، كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة جوزيف راونتري، وصفت نتائج التقرير بأنها “تعكس صورة قاتمة للفقر في لندن، حيث يعيش ما يقرب من شخص من كل أربعة في فقر”. وأضافت: “هذا يعني أن هناك أطفالًا يذهبون إلى مدارسهم وهم جوعى، وبالغين غير قادرين على تدفئة منازلهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة”.
ويعاني نصف سكان لندن من أعباء الإيجارات المرتفعة، حيث يدفع المستأجرون في القطاع الاجتماعي متوسط إيجارات يزيد بنسبة 50 في المئة عن بقية أنحاء المملكة المتحدة، في حين يتحمل المستأجرون في القطاع الخاص أعباء أكبر، حيث يدفعون أكثر بنسبة 80 في المئة من المتوسط الوطني.
ووفق التقرير، فإن لندن شهدت أعلى زيادة في معدلات الإيجارات مقارنة بأي منطقة أخرى في بريطانيا، تليها منطقتا الشمال الغربي وإيست ميدلاندز. وأوضحت إيرواكر أنه “عندما يعيش قرابة نصف سكان لندن في مساكن مستأجرة، ومع ارتفاع الإيجارات إلى مستويات غير مسبوقة، فمن غير المستغرب أن يكون نصف الفقراء في لندن قد انزلقوا إلى الفقر فقط بعد احتساب تكاليف السكن”.
أكد التقرير أن انعدام الأمن الغذائي لا يزال عند مستويات مرتفعة منذ عام 2022، في ظل استمرار أزمة غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ووفقًا للأرقام، وزعت شبكة “تروسيل تراست” 3.1 مليون سلة غذائية طارئة في أنحاء المملكة المتحدة خلال العام الماضي، وهو أعلى رقم سُجّل على الإطلاق، بزيادة بلغت 94 في المئة منذ 2018-2019.
وفي لندن، كانت الزيادة أكثر إثارة للقلق، حيث ازداد توزيع السلات الغذائية الطارئة بنسبة صادمة بلغت 171 في المئة، وهو ما يعكس حجم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في العاصمة. وحذرت إيرواكر من أن “التضاعف الكبير في الطلب على بنوك الطعام خلال السنوات الأخيرة يؤكد أن أعدادًا متزايدة من السكان لم تعد قادرة على تحمل تكاليف الضروريات الأساسية للحياة”.
دعوات لتدخل حكومي عاجل
دعا التقرير الحكومة البريطانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة المتفاقمة، من خلال إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية وتقديم دعم مالي مباشر لأكثر الأسر احتياجًا.
واقترحت إيرواكر أن تتبنى الحكومة سياسات جديدة تشمل: إدخال حد أدنى مضمون لمعدل دعم “يونيفرسال كريدت” بحيث يضمن الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم، ويشمل ذلك الغذاء والتدفئة.
إعادة ربط “بدل السكن المحلي” بالإيجارات الفعلية في السوق، بحيث يعكس المساعدات المقدمة تكاليف الإسكان الحقيقية.
حزب العمال:
من جهته ألقى النائب العمالي نيل كويل، ممثل بيرموندسي وأولد ساوثوارك، باللوم على الحكومات المحافظة والائتلافية السابقة، قائلًا:
“حكومة العمال السابقة نجحت في تقليص معدلات الفقر في لندن، لا سيما بين المتقاعدين والأسر الفقيرة. لكن خلال 14 عامًا من حكم المحافظين والتحالف مع الديمقراطيين الأحرار، جرى التخلي عن الأهداف المتعلقة بالقضاء على فقر الأطفال، وطبقت سياسات أفضت إلى انفجار معدلات الفقر”.
وأشار إلى أن حكومة العمال الجديدة بدأت منذ انتخابات يوليو الماضي بتشكيل فريق عمل خاص لمكافحة فقر الأطفال، حيث وضعت استراتيجيات لتعزيز بناء المنازل، وزيادة مستويات الدخل، وتقديم دعم أكبر للعائلات الفقيرة.
إقرأ أيَّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
12°C
