برنامج الأغذية العالمي يحذّر: خطر المجاعة يقترب من الخرطوم

بين أنقاض الحرب، وتحت سماء تُمطر نيرانًا أكثر مما تُمطر ماء، يلوح شبح المجاعة فوق الخرطوم. لم تعد المجاعة مجرد كلمة في تقارير الأمم المتحدة، بل واقع يقرع أبواب العاصمة السودانية، ويهدد أرواح آلاف المدنيين العالقين بين جبهات القتال وانهيار الخدمات الأساسية. فهل يُدرك العالم حجم الكارثة القادمة؟ وهل يتحرّك قبل فوات الأوان؟
انتشار الجوع في جنوب الخرطوم

أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن خطر المجاعة أصبح يتهدد مناطق قريبة من العاصمة السودانية، بعد رصده “مستويات مروّعة من الجوع والبؤس واليأس” في منطقة جبل أولياء، الواقعة على بعد 40 كيلومترًا جنوب الخرطوم. جاء ذلك على لسان ممثل البرنامج في السودان، لوران بوكيرا، خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة بورتسودان عقب زيارته لولاية الخرطوم.
وقال بوكيرا إن “عدة مناطق في جنوب الخرطوم أصبحت في خطر شديد”، مشيرًا إلى دمار واسع النطاق، ونقص حاد في المياه، والرعاية الصحية، والكهرباء، بالإضافة إلى تفشي وباء الكوليرا في المنطقة.
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث. ووفقًا للأمم المتحدة، أودى الصراع بحياة عشرات الآلاف، وأجبر أكثر من أربعة ملايين شخص على الفرار خارج البلاد، فيما بلغ عدد النازحين داخليًا 10.5 ملايين، في أكبر موجة نزوح تشهدها الساحة الدولية حاليًا.
وعلى الرغم من استعادة الجيش السوداني السيطرة على الخرطوم في مارس، وإعلانه “تحرير المدينة بالكامل” في مايو، فإن آثار الحرب ما تزال تفتك بالبنية التحتية وتُفرغ المناطق السكنية من سبل الحياة.
تقليص المساعدات الغذائية بسبب نقص التمويل
أشار برنامج الأغذية العالمي إلى أنه يقدّم مساعدات لنحو أربعة ملايين شخص داخل السودان، لكنه اضطر إلى تقليص الحصص الغذائية في المناطق الأكثر تضررًا بنسبة 30% نتيجة نقص التمويل، ما يعني أن السكان يتلقّون فقط 70% من احتياجاتهم اليومية.
وفي هذا السياق، شدد بوكيرا على أن “الاحتياجات هائلة، والمجتمع الدولي مطالب بالتحرك فورًا، سواء لوقف تقدم المجاعة في المناطق المنكوبة، أو للاستثمار في جهود التعافي وإعادة البناء”.
مجاعة معلنة وأخرى صامتة
أكد بوكيرا أن المجاعة أُعلنت بالفعل في خمس مناطق بالسودان، من بينها ثلاثة مخيمات للنازحين قرب مدينة الفاشر في غرب البلاد. كما رجّح أن تكون مدينة الفاشر نفسها على حافة المجاعة، غير أن غياب البيانات الميدانية بسبب انعدام الوصول الإنساني حال دون الإعلان الرسمي عن ذلك.
وتوقّع أن يؤدي عودة السكان تدريجيًا إلى الخرطوم، رغم الدمار الواسع، إلى مزيد من الضغط على الموارد الشحيحة، مضيفًا أن “توفير الاحتياجات الأساسية – وعلى رأسها الغذاء – بات أمرًا حرجًا لا يقبل التأجيل”.
تتابع منصة “العرب في بريطانيا (AUK)” بقلق بالغ تطورات الأزمة الإنسانية في السودان، وتدعو إلى تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته الأخلاقية والسياسية تجاه الشعب السوداني. إن المجاعة ليست حدثًا طبيعيًا، بل نتيجة مباشرة لصراع دموي وتقصير دولي في الاستجابة. وبحسب السياسة التحريرية للمنصة، فإننا نؤمن أن التضامن الإنساني لا يكون بالبيانات فقط، بل بخطوات ملموسة توقف نزيف الأرواح، وتدعم وصول الغذاء والدواء والمساعدات إلى كل من تهدده المجاعة أو النزوح أو القصف.
المصدر الجزيرة انجلش
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇