الأسرة الذكية في رمضان.. كيف نخطط لشهر مليء بالطاعة؟

تتجلّى روعة الأسرة الذكية حين تُحسن استثمار نسمات شهر رمضان، فتُسابق الزمن لترسم لأبنائها برنامجًا روحانيًّا مفعمًا بالحبّ والتآلف. إنها أسرةٌ تتوخّى الحكمة في التخطيط، واضعةً أهدافًا تربويّة تتناسب مع أعمار الأبناء واحتياجاتهم، إذ تدرك أنّ رمضان فرصةٌ ذهبية لتعزيز انتمائهم للدين وغرس حبّ الطاعة في نفوسهم منذ الصغر.
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ… لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)
تُذكِّر هذه الآية الأسرة بعِظَم شعيرة الصيام وفضلها في تهذيب النفس وتقوية الإرادة.
في هذا الموسم المبارك، ينبض قلب الأسرة بالحنان والرحمة، فتخصِّص وقتًا يوميًّا للقاءٍ عائليٍّ حافلٍ بالخشوع والدفء قبل الإفطار، حيث تُزيَّن أركان المنزل بزينةٍ رمضانية تزيد من بهجة المكان وتُضفي سكينةً على النفوس. وعند اقتراب الأذان، يتكاتف الجميع لإعداد مائدة الإفطار بروحٍ تشاركيةٍ مرحة، ثم يرفعون أكفّ الضراعة شاكرين الله على نِعَمه التي لا تُحصى.
ومن حُسن تدبير هذه الأسرة الذكية، مراعاة قدرة الأبناء على الصيام بالتدرّج في ساعات الامتناع عن الطعام، مع توفير بدائل غذائية صحية ونشاطات مفيدة تشغل وقتهم. وقد قال رسول الله ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» (متفق عليه).
يذكّر هذا الحديث الوالدين بأهمية مسؤولية التربية، وضرورة المتابعة الحكيمة دون إفراطٍ أو تفريط.
يُعَدُّ تشجيع الأبناء على قراءة القرآن من أجمل ثمار رمضان، إذ يشعرون بالحفاوة حين يخصّص الأب والأم وقتًا لسماع تلاوتهم وتصحيحها، أو مشاركتهم في مسابقةٍ عائليةٍ لحفظ آياتٍ يسيرة. وقد أشار ابن القيم رحمه الله إلى أهمية التربية بالقدوة، حيث إنّ رؤية الصغار لآبائهم وهم يعظّمون القرآن ويعملون بأخلاقه تزرع فيهم قيم الإخلاص والالتزام.
ولا تغفل هذه الأسرة الذكية عن تهيئة أجواء مناسبة لصلاة التراويح أو قيام الليل بالمنزل عند تعذّر زيارة المسجد بانتظام، إذ يجتمع الأبناء والكبار في أجواءٍ إيمانية تُعلِّمهم معنى الجماعة وتقوّي روابط المحبة بينهم.
وبهذا التخطيط المتوازن، تُثمر التربيةُ الراقية في نفوس الأبناء، وتنغرس في قلوبهم روحانية الشهر الفضيل وقيمه العظيمة، ليكونوا أقوياء الإيمان، راسخي الهوية في مختلف محطّات حياتهم.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇