العرب في بريطانيا | أريد أن أصبح " سبّاكًا" - العرب في بر...

1445 ربيع الأول 16 | 01 أكتوبر 2023

أريد أن أصبح ” سبّاكًا”

أريد أن أصبح " سبّاكًا"
صلاح عبد الله August 22, 2022

أريد أن أصبح ” سبّاكًا” .. بهذه العبارة اختتم الطالب البريطانيّ أكسندر سميث لقاءً مباشرًا على شاشة إحدى القنوات المحلية في بريطانيا بعد أن فتح المغلف الذي توجد فيه نتيجة شهادة مرحلة “A-Level” المؤدية إلى الجامعة.

 

أريد أن أصبح “سبّاكًا”

أكسندر الطالب الذي يبلغ من العمر 18 عامًا حصل على درجات عالية يستطيع أن يتقدّم بها للتسجيل في أرقى الجامعات البريطانية، لكنّه اتبع حلمه وأكّد بأنّه لا يريد الذهاب إلى الجامعة لأنّه يحبُّ مهنة السباكة (مواسرجي)، حيث لاقى تشجيعًا من المذيعة التي أكّدت بأنّها ستكون أول زبائنه.

ما شاهدته في هذا اللقاء أيقظ في داخلي صراعًا عميقًا حيث أحاطني الاستغراب من اختيار هذا الطالب النجيب الذي يمكن أن يصبح طبيبًا أو مهندسًا أو مخترعًا، لكنّه اختار بدلًا من ذلك مهنة “دنيئة” .. نعم “دنيئة” هكذا نسميها في دولنا العربية.

بعد تفكير عميق وجدت أنّني ولدت وتربيت “كما هو حال معظمنا ممن ولدوا وتربوا في الدول العربية” على تصنيف بعض المهن بين السمو والدناءة. فقد تفقد مكانتك بين مجتمعك وأهلك وقد تمنع من الزواج بحجة أنّ البعض لن يصاهروا شخصًا يعمل في مهنة “دنيئة”، وفي المقابل قد تعلو مكانتك بمجرد عملك بمهنة يعتبرونها سامية.

 

أريد أن أصبح " سبّاكًا"
أريد أن أصبح ” سبّاكًا” (Unsplash)

 

بين ما تربيت عليه وبين ما شاهدته هنا في بريطانيا من تقدير لكلّ من يعمل بجهد ويساهم في بناء المجتمع دون تقليل من مهنته أو استنكار لفعلته، أصبحت حائرًا من هو الذي على صواب؟!

تساءلت ما الذي دعانا إلى تحقير السّباك والجزّار والحلّاق وغيرها “باختلاف المهنة المحتقرة في كلّ دولة ومنطقة” ومن المتسبب في عزل من يمتهنون هذه المهن مع أنّهم يعملون لكسب رزقهم بالحلال. هل نحن عنصريون متكبرون أم أنّنا من سلالة سامية لن ترضى بأنّ تخالط شخصًا أو تزوجه فقط بسبب مهنته التي يقتات منها بالحلال. (www.jonesaroundtheworld.com)

 

تساءلت أيضًا هل أمرنا ديننا أن نحتقر أو ننفر من أولئك الذين يعملون في هذه المهن؟ أم أنّنا ابتدعنا هذه البدعة وعشنا بها وأمرنا كلّ سلالتنا أن تتقبلها كما هي دون حتى السؤال أو مجرد التفكير في النقاش حول ذلك؟

احتقار البشر لأنّهم يعملون في مهن نراها دنيئة لا ينبع إلا عن تفكير رجعي لم يأمر به ديننا ولم يتحدث عنه عاقل، بل هي بدعة سيئة يلام من سنّها ولكنّ المشكلة الكبرى هي استمرارنا في اتباعها رغم علمنا بأنّها مقيتة. أؤمن بأنّ على المسلم أن يجتهد في تطوير نفسه ورفعة مكانته ولكنّ الانتقاص من مكانة الآخرين أمر خاطئ تمامًا ويضعنا في خانة الأمم المتخلفة.

وكما قال الله عز وجل: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).


 

اقرأ المزيد

نبحث عن عروس لابننا المغترب!

رسالة جوردان بيترسون للمسلمين تثير حفيظة الملايين

نحن الرياح ونحن البحر والسفن