هل تسمح القوانين للاجئين بزيارة أوطانهم بعد اللجوء في بريطانيا؟

أثارت صحيفة The Sun البريطانية الشهر الماضي جدلًا واسعًا بعد نشرها تقريرًا عن لاجئ أفغاني حصل على حق اللجوء في بريطانيا، ثم سافر في عطلة استمرت ثمانية أسابيع إلى أفغانستان عام 2024، حيث نشر صورًا ومقاطع فيديو من هناك على وسائل التواصل الاجتماعي.

وسرعان ما تبع ذلك تغطيات مشابهة في صحيفة The Telegraph، ما دفع وزارة الداخلية البريطانية إلى فتح تحقيق بشأن ما إذا كانت عودته إلى بلده الأصلي تُعدّ انتهاكًا لشروط اللجوء أو دليلاً على أن خوفه من الاضطهاد لم يكن حقيقيًا.

تعريف اللاجئ في القانون البريطاني

تتبنى بريطانيا تعريف اللاجئ الوارد في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، التي تنص على أن اللاجئ هو من يفر من وطنه “بسبب خوف مبرر من الاضطهاد لأسباب تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو الرأي السياسي”، ولا يستطيع أو لا يرغب في طلب الحماية من بلده الأصلي.

أنظمة اللجوء وإعادة التوطين

تدير بريطانيا نظامًا عامًا للجوء إلى جانب برامج إعادة توطين اللاجئين، وبرامج خاصة مثل برنامج إعادة توطين المواطنين الأفغان (ACRS) وسياسة إعادة توطين ومساعدة الأفغان (ARAP)، واللذين استهدفا الأفغان الذين عملوا مع القوات البريطانية أو ينتمون إلى فئات ضعيفة مثل النساء والأطفال.

كما يوجد تصنيف قانوني آخر يُعرف بـ الحماية الإنسانية أو الإقامة التقديرية، يُمنح لمن لا تنطبق عليهم شروط اللجوء الكامل، لكنهم لا يستطيعون العودة إلى وطنهم بأمان.

وتُعد هذه الفروقات مهمة لأنها تحدد القواعد والحقوق التي يتمتع بها كل فئة.

شروط الإقامة والسفر بعد اللجوء

يحصل اللاجئون الذين يُمنحون اللجوء عبر النظام العام عادة على إقامة محدودة لمدة خمس سنوات (LLR)، وبعدها يمكنهم التقدم للحصول على إقامة دائمة (ILR) التي تتيح حقوقًا أوسع تشمل العمل والجنسية.

ويُمنح اللاجئون بعد ذلك وثيقة سفر اللاجئ الصادرة عن وزارة الداخلية، التي تسمح لهم بالسفر إلى دول أخرى باستثناء بلدهم الأصلي.

ويمكن تقديم طلب خاص لوزارة الداخلية للسفر إلى الوطن لأسباب “ملحة وإنسانية”، إلا أن الأسباب العائلية مثل زيارة الأقارب عادة لا تُعتبر مبررًا كافيًا.

مخاطر فقدان صفة اللجوء

تنص القوانين البريطانية على أن سفر اللاجئ إلى بلده الأصلي من دون إذن مسبق قد يؤدي إلى إلغاء أو إنهاء صفة اللجوء، لأن ذلك يُعتبر دليلاً على أن الشخص لم يعد يخشى الاضطهاد أو أن خوفه لم يكن مبررًا.

وتملك وزارة الداخلية صلاحية مراجعة أو سحب صفة اللجوء إذا رأت أن الشخص أعاد الاستفادة من حماية بلده الأصلي، وذلك استنادًا إلى المعايير الدولية لاتفاقية اللاجئين لعام 1951.

وضع اللاجئين الأفغان تحديدًا

تختلف القواعد بالنسبة للأفغان حسب طريقة وصولهم إلى المملكة المتحدة:

• من دخلوا بطرق غير نظامية وحصلوا على اللجوء يمنحون إقامة محدودة لخمس سنوات.
• أما من جاؤوا عبر برامج ACRS أو ARAP فيُمنحون إقامة دائمة مباشرة عند الوصول، تتيح لهم العمل والحصول على المساعدات.

ورغم أن الإقامة الدائمة ضمن برامج إعادة التوطين لا تتضمن نصًا صريحًا يمنع العودة إلى أفغانستان، إلا أن السفر إلى هناك يمكن أن يُفسَّر على أنه مبالغة في الخطر أو انتفاء سبب اللجوء.

أما اللاجئون الذين حصلوا على اللجوء بطرق غير نظامية، ثم على إقامة دائمة لاحقًا، فهم غير مسموح لهم قانونًا بالسفر إلى أفغانستان، ويواجهون تحقيقات وربما سحب وضعهم القانوني إذا خالفوا ذلك.

توجهات الحكومة ومقترحات المعارضة

تُشير الحكومة البريطانية إلى نيتها تشديد قواعد الإقامة الدائمة (ILR) بحيث يصبح حصول اللاجئين على الاستقرار بعد خمس سنوات أكثر صعوبة.

في المقابل، يقترح حزب Reform UK إلغاء الإقامة الدائمة تمامًا، معتبرًا أن ذلك سيمنع إساءة استخدام نظام اللجوء.

لكن تطبيق مثل هذه الخطط قد يؤدي إلى سهولة سحب الإقامة من اللاجئين الذين يزورون بلدانهم، وإلى زيادة حالة عدم اليقين القانوني للمهاجرين المستقرين في بريطانيا.

وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن قضية عودة اللاجئين إلى أوطانهم تثير إشكالية إنسانية وقانونية معقدة، تتطلب موازنة دقيقة بين متطلبات الأمن القومي والتزامات المملكة المتحدة الإنسانية تجاه الفارين من الاضطهاد.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه المنصة أن القوانين يجب أن تُطبَّق بحزم لضمان مصداقية نظام اللجوء، فإنها تشدد في الوقت نفسه على ضرورة عدم شيطنة اللاجئين أو استغلال الحالات الفردية لتأجيج الرأي العام.

المصدر: ukandeu

إقرأ أيضًا:

• ستارمر يعلن رغبته في تغيير طريقة تطبيق القانون الدولي تمهيدًا لترحيل اللاجئين
• قاتل اللاجئ أحمد الإبراهيم يدّعي أنه كان يستهدف خده لا عنقه
• الداخلية البريطانية تشدد رقابتها على سيارات الأجرة الخاصة باللاجئين