العرب في بريطانيا | من العراق إلى شيفيلد: كيف أصبح الطعام جسرًا بين...

1447 رجب 1 | 21 ديسمبر 2025

من العراق إلى شيفيلد: كيف أصبح الطعام جسرًا بين الثقافات في بريطانيا

من العراق إلى شيفيلد: كيف أصبح الطعام جسرًا بين الثقافات في بريطانيا
مروة كنيفد December 19, 2025

في عالم تتزايد فيه الأزمات الإنسانية، وتزداد فيه معدلات النزوح، والفقر، وانعدام الأمن الغذائي، تظهر مبادرات صغيرة، لكنها ذات أثر كبير، لتذكّرنا بقوة الإنسانية والتضامن. هذه المبادرات لا توفر الطعام فقط، بل تقدم الأمان، والدعم الاجتماعي، وفرصة لإعادة بناء الثقة بالنفس. واحدة من هذه المبادرات هي نادي المطبخ المفتوح الاجتماعي (Open Kitchen Social Club – OKSC) في شيفيلد، بريطانيا.

هذا المطبخ ليس مجرد مكان لتقديم الوجبات؛ إنه مساحة اجتماعية وإنسانية متكاملة، حيث يجد اللاجئون، والمهاجرون، والأشخاص بلا مأوى، والسكان المحليون مجتمعًا دافئًا يرحب بالجميع، بغض النظر عن الخلفية أو الدين أو الوضع المالي. هنا، الطعام ليس مجرد وجبة، بل تجربة مشتركة تبني جسورًا بين الثقافات وتعيد الكرامة إلى من فقدوها.

فراس: رحلة النزوح تتحول إلى مبادرة مجتمعية

في قلب هذه المبادرة يقف فراس، العراقي الذي وصل إلى المملكة المتحدة في عام 2008. محملاً بتجارب النزوح والصمود، كان يعلم جيدًا معنى البدء من جديد في بلد غريب. سنوات من العمل المجتمعي مع اللاجئين وطالبي اللجوء، وانخراطه في مشاريع تعليمية وثقافية، مهدت الطريق لإطلاق OKSC الذي أصبح اليوم يطعم مئات الأشخاص مجانًا ويخلق بيئة اجتماعية مليئة بالدعم والتشجيع.

يتمثل فلسفة OKSC في أن كل شخص مرحب به، بلا قيود أو شروط. الطعام هنا أداة للتواصل، لا مجرد صدقة؛ يجتمع الناس لتناول الطعام، ويتحدثون مع بعضهم، ويتعلمون مهارات جديدة. من خلال مشاركة الطعام، يسعى النادي إلى:

  • تقليل الهدر الغذائي
  • محاربة العزلة الاجتماعية
  • تمكين الأشخاص المهمشين من تطوير مهاراتهم

إلى جانب تقديم الطعام، يوفر النادي دروس اللغة الإنجليزية، ودورات تدريبية في المهارات الرقمية، وتدريبات على سلامة الغذاء مع شهادة المستوى 2، ليمنح المستفيدين أدوات حقيقية نحو الاستقلالية.

قصص ملهمة وتجربة مجتمعية حقيقية

المتطوعون والمستفيدون من OKSC يأتون من خلفيات متنوعة: لاجئون جدد، أسر محلية، بلا مأوى، ومتطوعون من جميع الأعمار والخلفيات. قصص النجاح كثيرة:

  • متطوع اكتسب الثقة وتمكن لاحقًا من الحصول على عمل.
  • رجل بلا مأوى وجد روتينًا ومسؤولية وشعورًا بالانتماء.
  • آخرون شعروا لأول مرة بأنهم جزء من مجتمع حقيقي.

الأنشطة الثقافية والاجتماعية جزء أساسي من فلسفة OKSC: رحلات، جلسات فنية، واحتفالات بالعيد، والكريسماس، وديوالي، ليست مجرد طقوس رمزية، بل تعبير حي عن الشمولية والانتماء.

رؤية فراس واضحة: تأمين مقر دائم لـ OKSC، وتوسيع برامج المهارات لتشمل التدريب المالي والتقني المتقدم. الهدف ليس خلق تبعية، بل تمكين الأفراد من بناء حياة مستقلة ومستدامة.

من العراق إلى شيفيلد، ومن تجربة النزوح إلى قيادة المجتمع، قصة فراس تذكّرنا أن التغيير الحقيقي يبدأ أحيانًا بخطوة بسيطة: باب مفتوح، وجبة مشتركة، وإيمان بأن لكل شخص مكان على الطاولة.


اقرأ أيضًا:

 

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة