محمد طاهر.. الطبيب الذي حمل ضميره إلى غزة وضيف لقاء العرب في بريطانيا
يستضيف اللقاء السنوي الثالث للعرب في بريطانيا (AUK Gala Dinner 2025) الطبيب البريطاني العراقي الدكتور محمد طاهر، الذي كرّس جزءًا من حياته لخدمة الإنسان في أكثر بقاع العالم ألمًا ومعاناة.
من غرف العمليات الميدانية في غزة إلى المستشفيات البريطانية، يمثّل الدكتور طاهر نموذجًا للطبيب الذي لم يفصل بين المهنة والرسالة، ولا بين الطبّ والضمير.
الطبيب الذي اختار الميدان على الراحة

في ذروة العدوان على غزة عام 2024، غادر الدكتور محمد طاهر عمله في بريطانيا متجهًا إلى القطاع المحاصر، حيث أمضى سبعة أشهر متواصلة يعمل تحت القصف في المستشفيات المدمّرة، محاوِلًا إنقاذ الأرواح وسط نقصٍ حادّ في المُعَدات والأدوية والكهرباء.
في مقابلات عدة، روى كيف كان الليل يتحول إلى سلسلة من الإنذارات والغارات، وكيف كان الأطباء يُجرون العمليات على ضوء الهواتف أو الشموع، في حين تتكدّس الجثامين في الممرات. ومع ذلك، لم يفكّر في مغادرة غزة، رغم أن المستشفى الذي عمل فيه تعرّض للقصف المباشر واستُشهد عدد من زملائه.
يقول طاهر: إنّ أكثر ما بقي عالقًا في ذاكرته ليس مشاهد الدمار، بل صمود الناس وكرمهم، حين كان أهل غزة يفتحون بيوتهم للأطباء رغم الجوع والحصار، ويقدّمون لهم ما تبقّى من قوتهم.
من تجربة إنسانية إلى شهادةٍ للعالم
بعد عودته إلى بريطانيا، تحوّل الدكتور محمد طاهر إلى صوتٍ شاهدٍ على ما جرى.
شارك في لقاءات ومقابلات عدّة نقل فيها ما عاشه بصفته طبيبًا في قلب الكارثة، رافضًا صمت المؤسسات الدولية تجاه ما وصفه بـ“الانهيار الأخلاقي العالمي أمام جريمةٍ تُرتكب على الهواء”.
وقدّم شهادته المؤلمة أيضًا في حوارٍ خاص ضمن برنامج “بودكاست عرب” الذي تنتجه منصة العرب في بريطانيا (AUK)، حيث تحدّث بصدقٍ يلامس الوجدان عن اللحظات التي كان يضطر فيها لإخبار أمٍّ أن طفلها لن يعود، وعن مقاومة الحياة للموت في كل زاوية من زوايا المستشفى.
لم تكن الحلقة مجرّد مقابلة إعلامية، بل وثيقة إنسانية تسجّل مأساة غزة بعين طبيبٍ عاشها لحظةً بلحظة.
حضور يُجسّد معنى الالتزام

يمثّل حضور الدكتور محمد طاهر في حفل العرب في بريطانيا امتدادًا لرسالته الإنسانية، وفرصةً لتسليط الضوء على نماذج عربية تُجسّد روح العطاء والتضامن خارج حدود الوطن.
فهو لا يقدَّم بصفته طبيبًا فحسب، بل كرمزٍ لإنسانٍ حمل همّ الآخرين، واختار أن يكون شاهدًا على الألم لا متفرجًا عليه.
وفي الأمسية التي تجمع الإعلاميين والأكاديميين وروّاد الأعمال العامة في بريطانيا، سيشارك الدكتور طاهر في حوارٍ يتناول الطب الإنساني في مناطق النزاع، والدور الذي يمكن أن يؤديه المجتمع العربي في دعم المبادرات الإغاثية والطبية عبر العالم.
ما بين المهنة والموقف

من لندن إلى غزة، ومن قاعات المؤتمرات إلى أروقة المستشفيات المهدّمة، يمضي الدكتور محمد طاهر حاملًا قناعةً واحدة: “إنّ الطبّ ليس علمًا فحسب، بل التزامًا بالحقّ في الحياة، مهما كان الثمن”.
إن حضوره في AUK Gala Dinner 2025 لا يضيف إلى الحفل بريقًا فحسب، بل يمنحه روحًا إنسانية تذكّر بأنّ العرب في المهجر ليسوا شهودًا صامتين على المآسي، بل جزءًا من ضميرٍ عالمي يسعى إلى إنقاذ ما تبقّى من إنسانية هذا العالم.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
