مؤسس “ريفولت” الملياردير يغادر بريطانيا إلى الإمارات: ضربة لسياسات رايتشل ريفز وسط موجة نزوح الأثرياء

أثار إعلان مؤسس شركة “ريفولت” الملياردير نيكولاي ستورونسكي عن انتقال إقامته من بريطانيا إلى الإمارات العربية المتحدة جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية البريطانية، وسط مخاوف من تسارع ما يُعرف بـ”نزوح الأثرياء” بعد التعديلات الضريبية الأخيرة التي تبنتها الحكومة العمالية برئاسة رايتشل ريفز.
بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2025، فقد غيّر ستورونسكي إقامته رسميًا من المملكة المتحدة إلى دولة الإمارات، وفق بيانات حديثة أُدرجت في سجل الشركات البريطاني.
ورفض متحدث باسم الشركة التعليق على أسباب الخطوة، مكتفيًا بالقول إن مقر الشركة الرئيس ما زال في لندن.
تُعد شركة ريفولت من أكبر شركات التكنولوجيا المالية في أوروبا، تأسّست عام 2015، ويملك ستورونسكي أكثر من 25 في المئة من أسهمها بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقد بلغت قيمة الشركة السوقية في آخر تقييم نحو خمسة وسبعين مليار دولار أمريكي، ما يجعلها من أبرز قصص النجاح في قطاع الخدمات المالية الرقمية العالمي.
سياق أوسع: نزوح الأثرياء بعد إلغاء نظام “نون-دوم”
يرى محللون أن مغادرة ستورونسكي ليست حدثًا فرديًا، بل تأتي ضمن موجة أوسع من انتقال أصحاب الثروات والشركات الناشئة من بريطانيا إلى وجهات أكثر جذبًا ضريبيًا، مثل الإمارات وسويسرا وسنغافورة.
ويُعزى هذا الاتجاه إلى قرار الحكومة العمالية إلغاء نظام الإقامة غير الدائمة (نون-دوم)، الذي كان يسمح للأثرياء المقيمين في بريطانيا بتجنّب الضرائب على الدخل الخارجي. وقد أثار هذا القرار قلقًا واسعًا في أوساط المستثمرين الدوليين.
ووفقًا لتقرير نشرته مجلة “بيزنس إنسايدر” الأمريكية في حزيران/يونيو 2025، يُتوقّع أن يغادر نحو مئة واثنان وأربعون ألفًا من أصحاب الثروات العالية المملكة المتحدة خلال هذا العام، وهو أكبر رقم يُسجَّل في تاريخ البلاد من حيث الهجرة المالية إلى الخارج.
وتُعد الإمارات واحدة من أبرز الوجهات التي يقصدها هؤلاء الأثرياء، لما توفره من بيئة ضريبية مرنة واستقرار اقتصادي جاذب.
كما ذكرت مجلة فوربس أن الإمارات تستعد لاستقطاب نحو تسعة آلاف وثمانمئة من أصحاب الثروات الكبيرة خلال عام 2025، لتصبح بذلك “المغناطيس الأكبر للثروة” عالميًا.
وتُظهر هذه الأرقام أن المنافسة على استقطاب رؤوس الأموال والأفراد ذوي الثروات العالية أصبحت عاملًا استراتيجيًا في السياسات الاقتصادية الدولية.
الإمارات مركز متنامٍ للتكنولوجيا المالية
تشير تقارير اقتصادية إلى أن الإمارات، وخصوصًا دبي وأبوظبي، أصبحت مركزًا إقليميًا مهمًا لشركات التكنولوجيا المالية.
وقد حصلت شركة “ريفولت” على موافقات مبدئية من المصرف المركزي الإماراتي لتقديم خدمات المدفوعات والتخزين الإلكتروني، تمهيدًا لتوسيع نشاطها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويرى مراقبون أن انتقال مؤسس الشركة إلى الإمارات قد يُعزّز من حضور “ريفولت” في المنطقة، خاصة بعد إعلانها خططًا لإطلاق خدمات مصرفية متكاملة في الخليج خلال عام 2026.
جدل سياسي واقتصادي في بريطانيا
تأتي هذه الخطوة في وقت حساس للحكومة البريطانية التي تواجه انتقادات متزايدة من مجتمع الأعمال.
فبينما تؤكد رايتشل ريفز أن هدفها تحقيق العدالة الضريبية، يرى خبراء اقتصاديون أن السياسات الجديدة قد تدفع بالمزيد من المستثمرين والمبتكرين إلى مغادرة البلاد.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن رحيل ستورونسكي يُعد “ضربة رمزية لجهود الحكومة في الحفاظ على جاذبية لندن كمركز مالي عالمي”، مشيرة إلى أن الإمارات أصبحت وجهة مفضلة للأثرياء بفضل نظامها الضريبي المرن وبنيتها التحتية المتطورة في مجال المال والأعمال.
كما نقلت وكالة رويترز عن تقرير اقتصادي أن بريطانيا مهددة بفقدان واحد من كل ستة من أصحاب الملايين بحلول عام 2028، في حال استمرّ النهج الضريبي الحالي.
علاقة مستمرة ببريطانيا رغم الرحيل
ورغم انتقاله إلى الإمارات، تشير مصادر مطلعة إلى أن ستورونسكي لا يزال يحتفظ بمنزل في لندن، ويعتزم زيارتها بانتظام لمتابعة أعماله.
وتؤكد شركة “ريفولت” أن مركزها التشغيلي وفريقها الرئيسي ما زالا في العاصمة البريطانية، مع استمرار خطط التوسع العالمي.
يبدو أن انتقال مؤسس “ريفولت” من بريطانيا إلى الإمارات لا يمثل مجرد تغيير شخصي في محل الإقامة، بل يُجسّد تحوّلًا اقتصاديًا عالميًا في موازين الجذب المالي.
فبينما تواجه بريطانيا نزوحًا متزايدًا في رؤوس الأموال البشرية والمالية بسبب سياساتها الضريبية الجديدة، تواصل الإمارات ترسيخ مكانتها كأحد أبرز المراكز المالية والتكنولوجية في العالم، وجاذب رئيسي للأثرياء والمستثمرين من مختلف القارات.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇