لماذا تتعطل القطارات في بريطانيا خلال موسم أعياد 2025؟
في كل عام تقريبًا، يتحول موسم أعياد الميلاد ورأس السنة في بريطانيا إلى نافذة زمنية لتنفيذ أضخم أعمال الهندسة والتحديث على شبكة السكك الحديدية. وفي 2025، يتكرر المشهد بصورة أكثر وضوحًا: إغلاق مسارات حيوية، وتعليق خدمات مباشرة بين مدن رئيسية، وتبدّل خطط السفر لملايين الركاب. لكن لماذا تُجدول هذه الأعمال في أكثر فترات السنة حساسية من ناحية السفر؟ وهل هي ضرورة تنظيمية منطقية أم علامة على ضغوط أعمق داخل شبكة القطارات؟
مشروع هانسلوپ جنكشن… سبب الإغلاق الأطول على الخط الرئيسي للساحل الغربي

يُعدّ مشروع هانسلوپ جنكشن الأبرز على جدول أعمال موسم الأعياد هذا العام، بكلفة تصل إلى 26 مليون باوند. ويستهدف هذا التقاطع المحوري على الخط الرئيسي للساحل الغربي (West Coast Main Line)، الذي بات يعاني اهتراءً متسارعًا. ومع مرور نحو 500 قطار يوميًا عبره، تكاثرت الأعطال في الفترة الأخيرة، ما أدى إلى تأخيرات تمتد آثارها إلى نطاق واسع من شبكة القطارات.
وتتطلب أعمال التطوير تجديد التقاطع بالكامل، بما يشمل أربعة مسارات، عبر تركيب نظام شديد التعقيد أشبه بـ“أحجية” ضخمة مؤلفة من 130 لوح مسار منفصل. ولأن هذا العمل لا يمكن إنجازه مع استمرار حركة القطارات بصورة اعتيادية، تقرر تعليق الخدمات على بعض المسارات الرئيسية لفترة طويلة لإتمام المشروع.
11 يومًا بلا قطارات مباشرة بين لندن وشمال غرب إنجلترا واسكتلندا
نتيجة لهذه الأعمال، لن تكون هناك قطارات بين:
- ميلتون كينز وروغبي
- ميلتون كينز ونورثهامبتون
وليس الإغلاق محصورًا في ليلة عيد الميلاد ويوم العيد كما اعتاد الركاب في سنوات سابقة، بل يستمر حتى صباح 5 يناير. وبذلك، تنقطع القطارات المباشرة التي تربط لندن يوستن بشمال غرب إنجلترا واسكتلندا لمدة 11 يومًا كاملًا.
إغلاق 5% من الشبكة خلال الأعياد… ضمن خطة هندسية بـ160 مليون باوند

لا يقتصر الأمر على هانسلوپ جنكشن. فحسب الخطة المعلنة، سيُغلق نحو 5% من شبكة السكك الحديدية خلال فترة الأعياد، ضمن برنامج هندسي بقيمة 160 مليون باوند تنظمه Network Rail. وتشمل الأعمال أيضًا مشاريع تحديث لتقنيات الإشارات وأنظمة التشغيل.
وتؤكد Network Rail أن كثيرًا من هذه الأعمال ليست “صيانة روتينية”، بل مشاريع ضخمة خضعت للتخطيط طويلًا، وجاء تمويلها ضمن خطط الأعمال الخمسية المعتمدة لدى المؤسسة.
لماذا الأعياد؟ “أهدأ وقت للسكك… فننجز أكبر قدر ممكن”
تشرح Network Rail أن موسم عيد الميلاد ورأس السنة هو الفترة الأهدأ سنويًا على الشبكة من حيث سفر العمل اليومي، ما يجعله أفضل وقت لتنفيذ الأعمال الكبرى.
ويقول جيك كيلي، المدير الإقليمي في Network Rail، إن المؤسسة “تستغل هذا التوقيت لإنجاز أكبر قدر من الأعمال بهدف إزعاج أقل عدد ممكن من الركاب”، معتبرًا أن تقليل تأثير الإغلاق على تنقلات العمل هو عامل حاسم في اختيار هذه النافذة.
تذكير مؤلم: حادث هاتفلد 2000 وتبعاته على تجديد السكك

إحدى الإشارات التي يستحضرها التقرير لتفسير حساسية موضوع تجديد السكك هي حادث هاتفلد في أكتوبر 2000، عندما خرج قطار عن السكة خارج المدينة، وانقلبت عربات، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص. وأظهر التحقيق الرسمي سلسلة أخطاء لدى المسؤولين والمهندسين، وكان من بين الأسباب التي أبرزها التحقيق فشل في رصد تدهور سريع في السكة وإصلاحها أو استبدالها في الوقت المناسب.
ويشرح غاريث دينيس أن هذا الحادث أدى لاحقًا إلى موجة واسعة من التحقيقات الهندسية وتجديد كميات كبيرة من السكك “دفعة واحدة وفي فترة قصيرة”.
هل سيشهد موسم الأعياد المقبل هدوءًا أكبر؟
وفق رؤية Network Rail، لا تبدو الإجابة متفائلة. فمشروع مثل هانسلوپ جنكشن يُخطط له لسنوات، ومع وجود “سلسلة مشاريع تمتد ثلاث أو أربع سنوات” بحسب جيك كيلي، فإن التخطيط لموسم الأعياد المقبل يبدأ عمليًا قبل وقت طويل، ما يجعل تكرار الإغلاقات الهندسية خلال العطل أمرًا مرجحًا.
وترى منصة العرب في بريطانيا AUK أن تعطّل القطارات خلال موسم الأعياد في بريطانيا لا يمكن اختزاله في كونه إجراءً موسميًا عابرًا، بل هو حصيلة تراكُم عوامل هيكلية متشابكة؛ من بينها الضغط الهائل على شبكة تُعدّ من الأكثر استخدامًا، وتأخر أعمال التجديد والصيانة لسنوات طويلة، وتؤكد المنصة أن الأولوية يجب أن تبقى لسلامة الركاب واستقرار الخدمة على المدى البعيد، مع حاجة ملحّة لخطط إغلاق أكثر شفافية ووضوحًا للجمهور، وإعلان مبكر عن بدائل نقل واقعية وقابلة للتطبيق، بما يحدّ من الأثر على العائلات والمسافرين في أكثر فترات السنة حساسية.
المصدر: بي بي سي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
