كير ستارمر يستشعر الخطر بعد فوز أندريا إيغان برئاسة أكبر اتحاد عمالي
انتُخبت المرشحة اليسارية أندريا إيغان زعيمةً جديدة لاتحاد يونيسون (Unison)، أكبر اتحاد عمالي في بريطانيا، في نتيجة تُعدّ انتكاسة سياسية لرئيس الوزراء السير كير ستارمر. وجاء فوز إيغان على حساب الأمينة العامة الحالية للاتحاد كريستينا ماكنيا، المعروفة بقربها من رئيس الوزراء.
وفي أول تعليق بعد إعلان النتائج، شددت إيغان على أنها ستقف «في وجه أي صاحب عمل أو سياسي أو وزير في الحكومة يتصرف ضد مصالحنا»،
مؤكدة أن فوزها يعني أن «الأعضاء العاديين في يونيسون أصبحوا أخيراً يتولّون زمام قيادة نقابتهم».
وخلال حملتها، تعهّدت إيغان بإبقاء حزب العمال تحت الضغط عبر «محاسبة قيادته بصرامة»، ورفض تقديم «شيكات على بياض»، مع مراجعة علاقة الاتحاد بالحزب لضمان «قيمة مقابل المال» ودفع سياسات الاتحاد قدماً، وإنهاء ما وصفته بـ«خضوع» يونيسون للعمال.
تهنئة من ستارمر

(Anadolu Agency)
رغم وقع النتيجة، هنّأ ستارمر إيغان على فوزها، وقال إنه يتطلع للعمل معها. كما أثنى على «المساهمة المميزة» لماكنيا في حزب العمال والحركة النقابية، مشيراً إلى أنها ساهمت في تمرير مشروع قانون حقوق التوظيف، وأن عملها عزز التوجه نحو اتفاق عادل للأجور يهدف إلى رفع أجور العاملين في الرعاية الاجتماعية.
وحصلت إيغان على ما يقل قليلاً عن 60% من الأصوات، لكن المشاركة وُصفت بالمنخفضة، إذ صوّت أقل من 100 ألف عضو من أعضاء يونيسون. ومن المقرر أن تبدأ إيغان ولاية مدتها خمس سنوات اعتباراً من يناير.
من هي إيغان؟ مواقف اقتصادية حادة ومواجهة مع ستارمر
تتولى إيغان رئاسة يونيسون منذ 2022، وتتبنى مواقف يسارية واضحة؛ إذ انتقدت خفض الإنفاق على الرفاه، ودعمت ضريبة على الثروة، وطالبت بعكس مسار «التقشف» في المدارس والحكم المحلي. كما وصفت أجندة ستارمر بأنها «رجعية»، واتهمت الحكومة بـ«مهاجمة مستويات معيشة» أعضاء الاتحاد.
وفي البعد الحزبي، كانت إيغان قد طُردت من حزب العمال في 2022 بعد مشاركتها مقالات عبر الإنترنت تعود إلى مجموعة ماركسية. ووفق القواعد، يمكنها التقدم لطلب العودة إلى الحزب في 2027 بعد حظر لمدة خمس سنوات.
الدعم المالي للعمال على المحك

يونيسون من أبرز ممولي حزب العمال؛ إذ تبرع بمبلغ 1.49 مليون باوند خلال حملة الانتخابات العامة العام الماضي. وعلى مستوى الامتيازات، أعلنت إيغان أنها لن تتقاضى راتب الأمين العام البالغ 181 ألف باوند، وستكتفي بأجر عاملة رعاية اجتماعية، وهو عملها الحالي.
وترى مصادر داخل حزب العمال أن خسارة ماكنيا تُضعف قبضة ستارمر على الهيئة التنفيذية الوطنية (NEC)، التي يمتلك يونيسون فيها مقعدين. وبحسب مصدر حزبي: «هذا يجعل السيطرة على الهيئة التنفيذية الوطنية أصعب».
وكانت ماكنيا تُعد من أكثر قادة النقابات ثباتاً وعلانيةً في دعم ستارمر، كما أنها مقرّبة من مورغان مكسويني، رئيس موظفي رئيس الوزراء. في المقابل، تُصنَّف إيغان على يسار حزب العمال وبعيدة عن خط الحكومة الحالي.
لماذا حدثت المفاجأة؟ اقتصاد متعب وحملة باهتة
يرى مطّلعون في الحزب أن تأثير النتيجة «ضخم» على ستارمر، لكنهم يلمحون إلى أن انخفاض نسبة المشاركة يعكس ضعفاً في التعبئة لصالح ماكنيا. كما رجّح مصدر آخر أن الإحباط من الوضع الاقتصادي و«انخفاض الدخل الحقيقي» لعبا دوراً في تحريك الأصوات المعارضة، قائلاً إن ذلك «لا بد أن ينعكس على ستارمر ورايتشل ريفز، لكنه ليس السبب الرئيسي».
ومع انتخاب إيغان، تصبح أكبر نقابتين في بريطانيا، يونايت (Unite) ويونيسون، بقيادة شخصيات يسارية تنتقد الحكومة. وتعتقد بعض الدوائر داخل حزب العمال أن ذلك قد يدفع اتحادات تُعد أكثر اعتدالاً مثل USDAW وGMB إلى رفع مستوى نقدها لسياسات الحكومة.
وترى منصة العرب في بريطانيا AUK أن انتخاب قيادة نقابية أكثر صدامية داخل أكبر اتحاد عمالي في بريطانيا يعكس توتراً اجتماعياً واقتصادياً حقيقياً تعيشه قطاعات الخدمات العامة، ويكشف في الوقت نفسه عن اتساع الفجوة بين جزء من القاعدة النقابية وخط الحكومة. وبمنطق المصلحة العامة، تؤكد المنصة أن نجاح أي حكومة يُقاس بقدرتها على حماية مستويات المعيشة وتحسين شروط العمل في قطاعات التعليم والصحة والحكم المحلي، وأن العلاقة بين حزب العمال والنقابات يجب أن تُدار بشفافية ومحاسبة متبادلة تضمن حقوق العمال دون أن تتحول إلى صراع يربك الاستقرار الاقتصادي أو يضعف الخدمات التي يعتمد عليها ملايين السكان.
المصدر: بي بي سي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
