فاراج تحت النار بسبب وظيفة بـ400 ألف باوند مقابل أربع ساعات عمل أسبوعيًا
أثار الدور التجاري الذي يلعبه النائب البريطاني وزعيم حزب ريفورم جدلًا واسعًا في بريطانيا، بعد الكشف عن حصوله على دخل سنوي ضخم من نشاط ترويجي مالي، في وقت يُنظر فيه إلى موقعه السياسي بوصفه مصدر تأثير مباشر على قرارات شريحة من الجمهور. ويتمحور الجدل حول حدود المسؤولية الأخلاقية عندما يختلط النفوذ السياسي بالتسويق الاستثماري.
دخل يفوق راتبه النيابي بأضعاف

تعرّض نايجل فاراج لانتقادات بسبب وظيفة ثانية تدرّ عليه نحو 400 ألف باوند سنويًا، مقابل عمل يُقدَّر بنحو أربع ساعات شهريًا، يروّج خلالها لفكرة شراء الذهب المادي وإدخاله ضمن خطط التقاعد.
فوفقا لتقرير نشرته صحيفة الجارديان، فأن نايجل فاراج يحصل على هذا الدخل من خلال تعاونه مع شركة «دايركت بوليون» (Direct Bullion)، حيث يظهر في مقاطع مصوّرة على منصات التواصل الاجتماعي، يشرح فيها كيف يمكن «حماية الثروة وتنميتها عبر الذهب المعفى ضريبيًا»، من خلال ضمّه إلى خطط التقاعد الشخصية المستقلة. ويفوق هذا المقابل المالي أكثر من أربعة أضعاف راتبه كنائب في البرلمان البريطاني.
غياب التحذيرات الاستثمارية
أشار منتقدو فاراج إلى أن عددًا من المقاطع الترويجية لا يتضمن تحذيرات واضحة تفيد بأن قيمة الذهب قد ترتفع أو تنخفض، أو أن ما يُقدَّم لا يُعد نصيحة استثمارية. كما لا تتطرق هذه المواد إلى تكاليف تخزين الذهب، ولا إلى حقيقة أن الذهب لا يدر دخلًا منتظمًا على شكل فوائد أو توزيعات أرباح.
خبراء: خيار «نخبوي» لا يناسب الأغلبية
وصف توم مكفيل، أحد خبراء أنظمة التقاعد وعضو مجلس إدارة معهد سياسات التقاعد، فكرة تحويل جزء من مدخرات التقاعد إلى ذهب مادي بأنها «خيار متخصص جدًا»، ولا يناسب إلا المستثمرين ذوي الخبرة العالية.
وقال إن الاحتفاظ بالذهب بحد ذاته ليس خطأ، لكن يجب النظر إلى تكاليف الشراء والتخزين والمخاطر الكلية. وأضاف أن الغالبية العظمى من الناس سيكونون في وضع أفضل إذا التزموا بخطط التقاعد الوظيفية الافتراضية، التي تجمع بين الأسهم والسندات والعقارات والنقد.
وأكد أن الاستثمار في الذهب المادي لا ينبغي أن يكون خيارًا لمعظم الناس، بل لمن يفهمون جيدًا كيفية دمجه ضمن محفظة متنوعة.
تأثير الاسم السياسي على قرارات الجمهور
اعتبر مكفيل أن المشكلة لا تكمن فقط في طبيعة الاستثمار، بل في وزن الاسم الذي يروّج له. وقال إن فاراج يتمتع بحضور جماهيري قوي، وإن بعض المتابعين قد يتعاملون مع توصياته باعتبارها إرشادات موثوقة، ما قد يدفعهم إلى اتخاذ قرارات عالية المخاطر من دون وعي كافٍ.
وأضاف أن وضع كل المدخرات في الذهب يمثل مخاطرة كبيرة، ولا يصلح كنموذج يُحتذى به.
شكوى رسمية لهيئة الإعلانات
قال توم بريك، الرئيس التنفيذي لمنظمة «أنلوك ديموكراسي» (Unlock Democracy)، إنه أحال مقاطع الفيديو الترويجية التي يظهر فيها فاراج إلى هيئة معايير الإعلانات البريطانية، مطالبًا بالتحقيق في مدى التزامها بالمعايير الإعلانية.
وأشار إلى وجود مقاطع خلت تمامًا من أي تحذيرات، بينما تضمنت مقاطع أخرى تنبيهات مكتوبة بخط صغير للغاية وتظهر لثوانٍ معدودة، بما يجعل من السهل على المشاهد تفويتها.
رد ساخر من حزب ريفورم

ردّ متحدث باسم حزب ريفورم (Reform UK) على الانتقادات بسخرية، معتبرًا أن إثارة القضية تعكس انشغال صحيفة الجارديان بأمور هامشية، بدل التركيز على قضايا أكثر أهمية.
من جانبه، قال فاراج إنه يوصي بالاستثمار في الذهب منذ خمس سنوات، مؤكدًا أن من اتبعوا نصيحته منذ بداية تعاونه مع الشركة حققوا عوائد تجاوزت 100 في المئة، بحسب تعبيره.
شركة بلا تعليق… وعلاقات سابقة
لم ترد شركة «دايركت بوليون» (Direct Bullion)على طلبات التعليق. وقالت مصادر في حزب ريفورم إن علاقة فاراج بالشركة سبقت دخوله البرلمان.
ويُعد الترويج لسبائك وعملات الذهب واحدة من عدة وظائف يشغلها فاراج بالتوازي مع منصبه النيابي؛ إذ يعمل أيضًا مقدمًا في قناة «جي بي نيوز»، حصل منها على نحو 450 ألف باوند منذ دخوله البرلمان، إضافة إلى عمله كاتب عمود في صحيفة «ديلي تلغراف» مقابل 48 ألف باوند سنويًا، ومعلقًا لدى شبكة «سكاي نيوز أستراليا» بأجر يزيد على 50 ألف باوند سنويًا.
آراء أكثر توازنًا حول الذهب
في المقابل، أشار خبراء آخرون إلى أن الذهب قد يكون جزءًا من محفظة تقاعد متنوعة إذا استُخدم بحذر. وقالت كيت مارشال، كبيرة محللي الاستثمار في شركة «هارجريفز لانسداون» (Hargreaves Lansdown)، إن الذهب قد يلعب دورًا مفيدًا، لكن بشرط عدم المبالغة في نسبته داخل المحفظة.
وأضافت أن الاستثمار عبر أدوات متداولة في البورصة مرتبطة بالذهب قد يكون وسيلة أبسط وأقل تكلفة للحصول على تعرّض لهذا المعدن، مقارنة بشرائه وتخزينه فعليًا.
تضارب المصالح وحدود الخطاب السياسي
تنبه منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن الجدل المثار حول نايجل فاراج لا ينفصل عن موقعه السياسي وخطاب حزبه اليميني، الذي يقوم على الدعوة إلى «الإصلاح» ومناهضة الهجرة، ويستخدم في كثير من الأحيان لغة تمييزية حادة تجاه فئات اجتماعية بعينها. وفي هذا السياق، يثير الجمع بين المنصب النيابي والترويج التجاري المدفوع تساؤلات جدية حول تضارب المصالح، وحدود التربح من المكانة السياسية، وتأثير النفوذ الحزبي والشخصي على قرارات مالية قد يتخذها أنصار الحزب أو المتعاطفون مع خطابه.
المصدر: الجارديان
اقرأ أيضاً
الرابط المختصر هنا ⬇
