العرب في بريطانيا | صور مسرّبة تكشف انتهاكات مروعة ارتكبها الجيش ال...

1447 جمادى الأولى 22 | 13 نوفمبر 2025

صور مسرّبة تكشف انتهاكات مروعة ارتكبها الجيش البريطاني في العراق بعد غزو 2003

صور مسرّبة تكشف انتهاكات مروعة ارتكبها الجيش البريطاني في العراق بعد غزو 2003
محمد سعد November 12, 2025

بينما يشارك العراقيون بالتصويت في انتخاباتهم البرلمانية، تعود إلى الواجهة صورٌ صادمة توثّق جانبًا مظلمًا من تاريخ الاحتلال البريطاني للعراق. فقد نشرت منصة (Declassified UK) مجموعةً جديدة من الصور التي تُظهر انتهاكات مروّعة تعرّض لها مدنيون عراقيون على أيدي جنودٍ بريطانيين بعد غزو عام 2003، في وقتٍ تتزايد فيه الدعوات العراقية لخروج القوات الغربية من البلاد.

صور تكشف انتهاكات غير مسبوقة

من بين الصور يظهر جندي بريطاني عاري الصدر ممسكًا بشَعر رجلٍ عراقي غُطِّيت عيناه وأنفه بشريطٍ أسود، وأخرى تُظهر ثمانية عراقيين يضعون أكياسًا على رؤوسهم ويُجبرون على الجثوّ في أوضاعٍ مؤلمة بينما يشير إليهم جندي من بعيد.

هذه اللقطات، الملتقطة في مدينة البصرة في أيلول/سبتمبر 2003، توثّق ما عُرف لاحقًا بحادثة قبيلة الغرامشة، التي اعتقل جنود من فوج “لانكشاير الملكي” عددًا من أفرادها بأوامر “بمعاملتهم بقسوة”، بحسَب ما كشفت الوثائق التي استندت إليها لجنة التحقيق البريطانية في قضية بَهاء موسى عام 2011.

بعد أقل من أسبوع على تلك الحملة، تعرّض بهاء موسى -وهو موظف فندق يبلغ 26 عامًا- وثمانية معتقلين آخرين لتعذيبٍ وحشي شمل الضرب والإذلال الجنسي ووُصف في تقرير اللجنة بأنه “حلقة مروّعة من العنف المجاني الجسيم”، وقد عُثر على جثة موسى وعليها ما لا يقل عن 93 إصابة منفصلة.

صور لم تُنشر من قبل

ومع أن قضية بهاء موسى وثّقتها وسائل الإعلام البريطانية في حينها، فإن صور حادثة قبيلة الغرامشة -التي سُجّلت قبلها بأيام- لم تُنشر سابقًا في بريطانيا، إذ لم تعثر (Declassified) عليها إلا في موقع روسي يحمل توقيع خدمة بي بي سي الروسية وصحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية.

الصور كانت قد قُدّمت أصلًا كأدلةٍ للجنة التحقيق، واستشهد بها القاضي ويليام غيج في جلساته وتقريره النهائي، لكنها بقيت مدفونة في أرشيف اللجنة حتى اليوم.

انتهاكات بلا محاكمة

صور مسرّبة تكشف انتهاكات مروعة ارتكبها الجيش البريطاني في العراق بعد غزو 2003
شنت القوات البريطانية حملات عسكرية على قبائل عراقية مع انتهاكات ممنهجة للسكان المحليين

تفاصيل ما جرى في الـ 9 من أيلول/سبتمبر 2003 تظهر في الشهادات التي جمعها التحقيق. ذلك اليوم، شنّت كتيبة “سي كومباني” من فوج لانكشاير حملةً ضدّ قبيلة الغرامشة في شمال البصرة بزعم أنهم يبتزّون التجّار المحليين. أحد الجنود أدلى بشهادةٍ قال فيها إنه سمع ضابطًا كبيرًا يقول إن لديه “تفويضًا مطلقًا” للتعامل مع القبيلة كما يشاء.

وبحسَب شهادة العريف جيمس دن، فقد تعرّض أربعة من المعتقلين للركل واللكم أثناء نقلهم إلى مركز الاحتجاز، مضيفًا: “كانوا يصرخون ويصدرون أصواتًا كصياح الخنازير”. أما المسعف أليفيريتي ناسو فأكّد أنه شاهد رجالًا ينزفون بعد ضربهم، فيما ذكر الجندي جون موريس أنه رأى زميلًا له يضرب أحد المعتقلين بعقب بندقيته.

ويقول تقرير التحقيق: “المعتقلون غُطّيت رؤوسهم لأوقات طويلة بأكياس رملية أو بأشرطة سوداء، وصورٌ عديدة توثّق ذلك. أحد الجنود ظهر في أوضاعٍ مهينة إلى جانبهم وكان يصرخ ويضربهم”. ورغم توثيق هذه الانتهاكات، لم يُحاكم أيّ من الجنود المتورطين.

انتهاكات موثّقة قبل مقتل بهاء موسى

تكشف صورٌ أخرى التُقطت في آب/أغسطس 2003، قبل أسابيع من مقتل موسى، نمطًا مشابهًا من التعذيب. التقطها الرقيب السابق ديفيد براون من الفوج نفسه، وأفاد في شهادته بأن المعتقلين كانوا يُجلبون بانتظام إلى قاعدةٍ بريطانية في البصرة، حيث يُحتجزون في مبنى خانقٍ تفوح منه روائح العرق والفضلات، ويُجبرون على الجلوس في أوضاعٍ مؤلمة لساعاتٍ تحت الشمس.

كتب براون في مذكراته يوم الـ 15 من آب/أغسطس: “23 معتقلًا هذا الصباح، جميعهم في أوضاعٍ مجهدة ورؤوسهم مغطاة بأكياس الرمل. بعضهم بثلاث طبقات عقابًا لهم. مساكين!”. وأوضح أن مضاعفة عدد الأكياس كانت وسيلة “تأديب” تُستخدم لإجبار المعتقلين على الطاعة. ورغم ما قدّمه من صورٍ وشهادات، لم يُدَنْ أيّ من المسؤولين عن تلك الانتهاكات.

ممارسات مخالفة للقانون الدولي

يؤكد المستشار القانوني للجيش البريطاني في العراق عام 2003 نيكولاس ميرسر أن أوضاع الإجهاد الجسدي تمثّل “عنفًا ضد الأسرى” وتخرق اتفاقيات جنيف. وفي عام 2017، حكم القاضي جورج ليغّات في المحكمة العليا البريطانية بأن تغطية الرؤوس تمثّل دائمًا معاملة مهينة وغير قانونية.

كما اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية أن استخدام الأغطية على نحوٍ يعرقل التنفس يرقى إلى “جريمة حرب” هي التعذيب أو المعاملة القاسية.

ورغم ذلك، أشار تقرير لجنة حقوق الإنسان في البرلمان البريطاني إلى أن رئاسة اللواء في العراق سمحت رسميًّا باستخدام هذه الأساليب ضمن فوج لانكشاير، بموافقة المستشار القانوني هناك المقدم كليفتون.

في النهاية، أُدين جندي واحد فقط بسوء المعاملة في قضية بهاء موسى وحُكم عليه بالسجن سنة واحدة، في حين أفلت عشرات الجنود الذين شاركوا أو تغاضوا عن الانتهاكات من أي مساءلة قانونية.

ذاكرة مفتوحة على الجراح

صور مسرّبة تكشف انتهاكات مروعة ارتكبها الجيش البريطاني في العراق بعد غزو 2003
نشر الصور المتعلقة بالغزو الأنجلو-أمريكي للعراق يعيد الأسئلة حول المسؤولية الأخلاقية والقانونية

ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن نشر هذه الصور اليوم يعيد طرح الأسئلة حول المسؤولية الأخلاقية والقانونية لبريطانيا في العراق بعد أكثر من عقدين على الغزو. فبينما تحاول لندن طيّ صفحة الحرب، تبقى هذه الوثائق والشهادات شاهدًا على مرحلةٍ من انتهاكات أفلتت من المساءلة، ولا تزال جراحها مفتوحة في الذاكرة العراقية.

المصدر: Declassified UK


اقرأ ايضا

اترك تعليقا

3 تعليقاً على “صور مسرّبة تكشف انتهاكات مروعة ارتكبها الجيش البريطاني في العراق بعد غزو 2003”

  1. الصور المسربة في انتهاك الجيش البريطاني عند غزوھ للعراق ھي اثبات واضح في انتھاك القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة والمواثيق الدوليھ ويحتاج ھذا الاعتداء على المواطنيين العراقيين العزل الى تحقيق دولي تشارك بھ روسيا والجمعورية الاسلامية ايران والمقاومة العراقية الباسلة ومحكمة الجنايات الدولية حيث ان في بريطانيا لا توجد محاكم مستقلة تستطيع اتخاذ القرار القانوني ضد جرائم الحرب وان العراق لا يزال تحت الوصايا الامريكية الغربية الإسرائيلية الشكر والتقدير اليكم

آخر فيديوهات القناة