حملة عنصرية في بريطانيا بغطاء وطني قد تكلف الدولة مئات الألوف لتنظيف مخلفاتها

تشهد مدن بريطانية منذ أسابيع انتشارًا لافتًا لأعلام إنجلترا (صليب القديس جورج) على أعمدة الإنارة والجدران والدوارات المرورية، في ظاهرة تثير جدلًا واسعًا بين من يصفها بأنها تعبير عن “الوطنية” وبين من يراها غطاءً لحملة عنصرية تستهدف المهاجرين والأقليات.
في مدينة بليموث وحدها، رصد المجلس البلدي أكثر من 20 موقعًا جرى تشويهه بعلامات غير مصرح بها خلال عطلة نهاية الأسبوع. وأوضح أن إزالة كل موقع قد تكلف ما يصل إلى 660 باوند، بسبب الحاجة لاستخدام مواد خاصة وإجراءات أمان مرورية لحماية فرق العمل، وهو ما يعني أن الفاتورة الإجمالية قد تتجاوز مئات الآلاف من أموال دافعي الضرائب.
وأكد المجلس أن هذه الممارسات مخالفة لقانون الطرق السريعة لعام 1980، وأحيلت إلى الشرطة باعتبارها أعمال تخريب.
من كرة القدم إلى حملة منظمة
القضية بدأت كحملة دعم للمنتخب الإنجليزي للسيدات خلال بطولة “يورو 2025″، لكنها سرعان ما تحولت إلى حملة واسعة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تحت اسم “ارفعوا الألوان” (Operation Raise the Colours)، وشجعت على تعليق آلاف الأعلام في الشوارع، بل وطلاء الصلبان الحمراء على الدوارات والإشارات المرورية.
بينما رحّب بعض السياسيين المحافظين بما اعتبروه “مظاهر فخر وطني”، حذّر آخرون من أن هذه الحملة لم تعد بريئة، بعدما استغلها اليمين المتطرف وحوّلها إلى رمز استفزازي في وقت تتصاعد فيه التوترات المرتبطة بالهجرة.
سكان محليون في برمنغهام وصفوا المشهد بأنه “مقلق” و”مستفز”، معتبرين أن رفع الأعلام بهذه الطريقة لا يعكس الوطنية بقدر ما يعكس نزعات إقصائية تستهدف الأقليات.
تخريب يخفي نفسه خلف “الهوية”
لم يقتصر الأمر على الطرق العامة، بل طال مؤسسات خاصة بينها عيادات ومتاجر، اضطرت إلى دفع تكاليف تنظيف إضافية. بعض شركات التنظيف المحلية تدخلت تطوعًا لإزالة الطلاء، لكنها شددت على أن “إظهار حب الوطن لا يكون بتخريب ممتلكات الآخرين”.
هكذا تحوّل صليب القديس جورج من رمز للهوية الوطنية إلى شعار تستغله الحركات العنصرية، وفاتورة باهظة تتحملها الدولة، في وقت يطالب فيه كثيرون بخطاب وطني جامع بدلًا من حملات لا تزيد إلا في تعميق الانقسام.
الرابط المختصر هنا ⬇