جمعيات بريطانية تدين خطط الحكومة لإجبار المهاجرين على العمل التطوعي
أعلنت مئات الجمعيات الخيرية في بريطانيا رفضها التعاون مع خطط حكومية تهدف إلى إلزام اللاجئين والمهاجرين بالقيام بأعمال تطوعية كشرط للسماح لهم بالاستقرار في بريطانيا. ووصفَت الجمعيات هذه الخطط بأنها غير أخلاقية، واستغلالية، وتناقض القيم البريطانية التي تقوم على مبدأ أن العمل التطوعي يتم بمحض الإرادة.
مقترح حكومي ضمن خطة “التسوية القائمة على المساهمة”

وتأتي هذه الانتقادات في وقت تستعد فيه الحكومة لنشر تفاصيل مقترح التطوع الإلزامي ضمن مشاورات رسمية حول نموذج جديد للتسوية يعتمد على “المساهمة” بهدف تقليل الهجرة. وكانت وزيرة الداخلية شابانا محمود قد أعلنت سابقًا أن الراغبين في البقاء في بريطانيا سيتعيّن عليهم إثبات مساهمات اجتماعية، مثل التطوع في مؤسسات محلية، للحصول على إذن الإقامة.
وأشارت الوزيرة إلى شروط أخرى ضمن النموذج الجديد، تشمل:
- إتقان اللغة الإنجليزية “بمستوى عالٍ”
- سجل جنائي نظيف
- عدم الاعتماد على إعانات الدولة
وتهدف الحكومة من وراء ذلك إلى تعزيز سياستها الصارمة تجاه الهجرة.
أكثر من 320 منظمة تطوعية تعلن رفضها القاطع
وقّعت أكثر من 320 منظمة تطوعية، من بينها المجلس الوطني للمنظمات التطوعية (NCVO)، ورابطة تجارة الجمعيات الخيرية التي تمثل أكثر من 8,000 متجر خيري، إلى جانب فروع محلية لـ Age UK وCitizens Advice، رسالة موجَّهة لوزارة الداخلية ترفض فيها المقترح وتصفه بأنه “غير قابل للتطبيق”.
وقالت الجمعيات في رسالتها: “إن جعل العمل التطوعي إلزاميًا يقوِّض فوائده العديدة، ويخلق فئة من السكان مجبَرين على العمل مجانًا تحت تهديد فقدان حقهم في البقاء في هذا البلد.”
وأكدت المنظمات أنها لن تتعاون في أي شكل من أشكال تطبيق هذا المقترح، وأنها لن تبلّغ وزارة الداخلية بساعات التطوع، ولن تسمح باستخدام جهود المتطوعين ضد مهاجرين آخرين غير قادرين على المشاركة.
الجمعيات: المهاجرون يتطوعون بالفعل طوعًا ولا يحتاجون للتهديد

وأشارت منظمات كثيرة موقعة على الرسالة إلى أنها تعمل مباشرة مع اللاجئين وطالبي اللجوء، وأنها فخورة بأن الكثير منهم يقدمون خدمات تطوعية للمجتمع المحلي دون أي إلزام. وحذّرت من أن فرض التطوع بالإكراه سيحوّل هذه المبادرات الإنسانية إلى واجبات مفروضة، وهو ما وصفته بأنه غير أخلاقي وغير عملي.
وحذّرت المنظمات من أن المقترح سيُثقل كاهل الجمعيات الخيرية التي تعاني أصلًا من ضغوط مالية وإدارية، عبر فرض أنظمة مراقبة وتوثيق لساعات العمل التطوعي.
كما نبهت إلى المخاطر النفسية التي قد يتعرض لها ناجون من الحروب أو ضحايا الاتجار بالبشر، إذا فُرض عليهم العمل دون أجر في مرحلة حساسة من تعافيهم.
انتقادات مباشرة من منظمات معنية باللجوء
وصفت لويز كالفاي، مديرة منظمة Asylum Matters، سياسة الحكومة بأنها “غير منطقية”، مؤكدة أن الجهات التي يُفترض أن تطبّق هذه السياسة ترفضها بشكل كامل.
كما قالت سارة ويلسون من شبكة PERN إن العديد من متطوعيهم هم من طالبي اللجوء واللاجئين، مشددة على أن التطوع نابع من “اللطف والرغبة في مساعدة الآخرين” وليس وسيلة لإثبات “المساهمة” في المجتمع البريطاني.
وأكدت لي برميكومب من مجلس NCVO أن فرض التطوع كشرط للحصول على إقامة دائمة يتعارض تمامًا مع جوهر فكرة التطوع.
وطُلب من وزارة الداخلية التعليق على هذه الانتقادات.
وتؤكد منصة العرب في بريطانيا AUK أن التطوع قيمة إنسانية لا يمكن أن تُفرض بالقوة، وأنه يجب التعامل مع اللاجئين والمهاجرين بإنسانية واحترام لظروفهم الصعبة. وتشدد المنصة على ضرورة أن تراعي السياسات الحكومية المبادئ الأخلاقية والقانونية، وألا تتحول إلى أدوات ضغط قد تؤدي إلى استغلال الفئات الأكثر ضعفًا. كما تحث المنصة على تبني مقاربات تشاركية تُعزز الاندماج الحقيقي بدلاً من فرض التزامات قد تُفاقم التوتر بين المجتمع والوافدين الجدد.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
