ما الذي تعهّد به حزب العمال بشأن ضريبة الدخل؟
قبل أيام من تقديم الموازنة الجديدة يوم الأربعاء المقبل، يشتد الجدل في بريطانيا بشأن ما إذا كانت الحكومة ستلتزم حقًّا بوعودها الانتخابية المتعلقة بضريبة الدخل، أم ستلجأ إلى تمديد تجميد الشرائح الضريبية، وهو الإجراء الذي تُبقي فيه الحكومة حدود المداخيل لكل شريحة ضريبية ثابتة دون رفعها مع ارتفاع الأجور، ما يؤدي فعليًّا إلى دفع الناس ضرائب أعلى رغم عدم تحسن قوتهم الشرائية. وبين الاتهامات المتبادلة والتكهنات المتواصلة، يعود السؤال إلى جوهر ما ورد فعلًا في بيان حزب العمال الانتخابي.
مراجعة وعود حزب العمال قبل الموازنة
نشر فريق “Full Fact“، أكبر مؤسسة تدقيق معلومات مستقلة في بريطانيا، مراجعة تفصيلية للالتزامات الواردة في بيان حزب العمال الانتخابي، في ظل تقارير متزايدة تفيد بأن الحكومة قد تمدد تجميد شرائح ضريبة الدخل.
وفي جلسة أسئلة رئيس الوزراء هذا الأسبوع، اتهمت زعيمة حزب المحافظين، كيمي بادينوك، الحكومة بالتراجع عن تعهدها، مطالِبة رئيس الوزراء كير ستارمر بأن “يؤكد اليوم أنه لن يُخلف وعدًا آخر عبر تجميد شرائح ضريبة الدخل”.
مناقشات متصاعدة لمسألة الضرائب

تأتي هذه الانتقادات بعد أسابيع من التكهنات بشأن ما قد تتضمّنه الموازنة. وكانت تقارير الشهر الماضي قد أشارت إلى احتمال أن ترفع الحكومة المعدلات الأساسية لضريبة الدخل، قبل أن تتراجع تلك التوقعات مؤخرًا عقب تقديرات جديدة من مكتب مسؤولية الموازنة تشير إلى فجوة مالية أصغر من المتوقع.
وبرغم عدم وضوح ما ستقرره الموازنة، فقد درس فريق (Full Fact) بدقة ما التزم به حزب العمال بشأن ضريبة الدخل.
ماذا قال بيان حزب العمال عن الضرائب؟
ورد في بيان انتخابات 2024 لحزب العمال: “لن نزيد الضرائب على العاملين، ولذلك لن نزيد التأمين الوطني، أو المعدلات الأساسية أو العليا أو الإضافية لضريبة الدخل، أو ضريبة القيمة المضافة”.
وقد أثارت هذه الصياغة نقاشًا واسع النطاق، وبخاصة فيما يتعلق بالتأمين الوطني. وبعد زيادة الحكومة لمساهمات التأمين الوطني الخاصة بأصحاب العمل في موازنة 2024، رأى بعض الناس أن ذلك يخالف التعهد، في حين رد حزب العمال بأن تعهده يخص “العاملين” لا الشركات.
أما تعهده بشأن ضريبة الدخل، فلم يثر الخلاف نفسه، لكنه مع ذلك لا يقدّم صياغة قطعية، إذ يشير فقط إلى عدم زيادة “المعدلات”، ويتجاهل ذكر الشرائح الضريبية التي تُعد جزءًا حاسمًا في تحديد مقدار الضريبة الفعلية التي يدفعها الأفراد.
هل تراجعت الحكومة عن رفع معدلات الضريبة؟
لا تعلن الحكومات عادة تفاصيل الموازنة قبل موعدها، لكن تقارير إعلامية متتالية كانت قد ذكرت أن الحكومة تدرس رفع معدلات ضريبة الدخل، وهو ما كان سيمثل خرقًا واضحًا لتعهدات الحزب.
غير أن هذه الخطة تراجعت، وفق التقارير الأخيرة، بعد ظهور تقديرات جديدة للموازنة تقلل الحاجة إلى زيادة المعدلات.
هل سيمتد تجميد الشرائح الضريبية؟

برزت مؤخرًا توقعات بأن وزيرة المالية، راشيل رييفز، قد تمدد تجميد شرائح ضريبة الدخل -أو حتى تخفضها وفق بعض المصادر- وهي خطوة قد تزيد العبء الضريبي على ملايين العاملين عبر ما يُعرف بالسحب المالي (fiscal drag)، الذي يجعل ارتفاع الأجور الاسمي ينقل الأفراد إلى شرائح أعلى دون أن تتحسن قوتهم الشرائية فعليًّا.
وقد بدأ تجميد الشرائح في نيسان/إبريل 2022 بقرار من الحكومة السابقة، وينتهي نظريًّا في نيسان/إبريل 2028، لكن ترجيحات واسعة تشير إلى تمديده لعامين إضافيين.
ورغم أن بيان حزب العمال يتحدث صراحة عن المعدلات دون الشرائح، فإن تصريحات ريفز نفسها تربط الالتزام الانتخابي بقضية الشرائح.
ففي خطاب الموازنة عام 2024، قالت رييفز: “توصلت إلى أن تمديد تجميد الشرائح سيضر بالعاملين؛ لأنه سيأخذ مزيدًا من أموالهم”.
وأضافت: “أحافظ على كل وعد قطعته في بياننا الانتخابي، ولذلك لن يكون هناك تمديد لتجميد شرائح ضريبة الدخل أو التأمين الوطني بعد القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة”.
وهذا يعني أن رييفز فسّرت بنفسها التعهد ليشمل الشرائح، رغم أن البيان لم ينص على ذلك حرفيًّا.
أما (Full Fact) فقالت إنها تواصلت مع حزب العمال لسؤاله عمّا إذا كانت هذه التصريحات تعني أن تمديد التجميد سيخرق التعهدات. وحتى لحظة كتابة التقرير، لم يصلها رد.
هل يمكن خفض الشرائح الضريبية؟
وفي الوقت نفسه، تراجعت التقارير التي تحدثت عن إمكانية خفض الشرائح الضريبية، بعد أن قللت وزارة الخزانة من شأنها. لكن إذا تمّ الخفض فعلًا، فسيضع ذلك تعهد حزب العمال تحت تدقيق أشد؛ لأن عددًا كبيرًا من الناس سيدفعون ضرائب أعلى دون زيادة في رواتبهم.
وقال متحدث باسم الخزانة لـ(Full Fact): “لا نعلّق على التكهنات المتعلقة بالضرائب خارج المناسبات المالية. الوزيرة ستقدّم موازنة تبني أسسًا قوية لمستقبل بريطانيا”.
جدل يعكس حساسية المرحلة

تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن الجدل بشأن ضريبة الدخل يعكس حساسية المرحلة الحالية، إذ تواجه الحكومة اختبارًا مباشرًا بين الحفاظ على وعودها الانتخابية وبين إدارة فجوة مالية تحتاج إلى خيارات صعبة. وترى المنصة أن تباين تعريفات “عدم الزيادة” -هل يشمل المعدلات فقط أم الشرائح أيضًا- قد يصبح نقطة خلاف مركزية في الأشهر المقبلة، ولا سيما إذا لجأت الحكومة إلى تمديد تجميد الشرائح باعتباره زيادة ضريبية غير معلنة.
المصدر: Express & Star
اقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇
