الهجرة الصافية تقود ثاني أكبر زيادة سكانية في بريطانيا خلال 75 عامًا
أظهرت بيانات رسمية جديدة أن بريطانيا سجّلت ثاني أكبر ارتفاع سنوي في عدد السكان منذ عام 1949، حيث ارتفع عدد سكان إنجلترا وويلز بأكثر من 700 ألف نسمة خلال عام واحد فقط، ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى الهجرة الصافية، في وقت يشهد فيه ملف الهجرة جدلاً سياسيًا محتدمًا وخططًا حكومية لتقييد التأشيرات وتنظيم سوق العمل.
زيادة غير مسبوقة مدفوعة بالهجرة

وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني (ONS)، بلغ عدد السكان في إنجلترا وويلز 61.8 مليون نسمة في يونيو 2024، بزيادة قدرها 706,881 شخصًا عن منتصف عام 2023، أي بمعدل نمو سنوي بلغ 1.2%، وهو ما يفوق متوسط العقد الماضي البالغ 0.7%.
وسُجّلت 690,147 من هذه الزيادة نتيجة للهجرة الصافية، بينما ساهمت الزيادة الطبيعية بنسبة 2% فقط، إذ فاقت الولادات عدد الوفيات بـ29,982 حالة.
وبذلك يكون عدد السكان قد ارتفع بمقدار 1.5 مليون نسمة بين يونيو 2022 ويونيو 2024، وهي أكبر قفزة في غضون عامين منذ بدء تسجيل الأرقام الحديثة.
تشديد القيود وتراجع لاحق في الأعداد

ورغم هذا الارتفاع الكبير، أظهرت أرقام منفصلة أن الهجرة الصافية بدأت في التراجع بعد يونيو 2024، حيث انخفضت إلى 431,000 شخص بحلول نهاية العام، بفعل قيود جديدة على تأشيرات الطلاب والعمال الأجانب.
ومن بين هذه القيود: منع معظم الطلاب الدوليين من إحضار أفراد أسرهم، وتقليص مدة الإقامة بعد التخرج من عامين إلى 18 شهرًا، إضافة إلى قيود مشابهة على عمال قطاع الرعاية.
ويرى خبراء الهجرة أن هذه التحولات تعبّر عن فترة “صعود وانكماش” سريعة في سياسات الهجرة البريطانية بعد بريكست، حيث سمحت تسهيلات سابقة بدخول أعداد كبيرة من الطلبة والعمال الأجانب، قبل أن تُستبدل لاحقًا بإجراءات تقنين وتشديد.
سجال سياسي حاد بين الأحزاب

ألقت وزيرة الداخلية العمالية، يفيت كوبر، باللوم على حكومة المحافظين السابقة، متهمةً إياها بـ”التوسّع المفرط في الاستقدام من الخارج” على حساب التدريب المحلي، ومنح التأشيرات دون اشتراط إتقان اللغة الإنجليزية.
من جانبها، رأت المعارضة المحافظة أن الزيادة السكانية الحالية “غير مستدامة”، مشيرة إلى الضغط المتزايد على السكن، والمدارس، والقطاع الصحي.
أما زعيم حزب الإصلاح، نايجل فاراج، فقد وصف الأرقام بـ”الكارثية”، معتبرًا أنها تهدد جودة الحياة وتزيد من الانقسامات داخل المجتمع البريطاني.
تكشف هذه الأرقام حجم التحوّلات الديمغرافية التي تعيشها بريطانيا، وتضع ملف الهجرة في صدارة النقاش العام. وبين من يرى في المهاجرين رافعة اقتصادية وسدًّا لفجوات السوق، ومن يروّج لخطاب الخوف والضغط، تغيب في كثير من الأحيان المقاربة العقلانية التي تُوازن بين الحقوق والسياسات.
تؤكد منصة العرب في بريطانيا أن النقاش حول الهجرة يجب أن يُبنى على بيانات لا على تحريض، وعلى مصلحة عامة لا على حسابات انتخابية. فالهجرة ليست عبئًا بحد ذاتها، بل مسؤولية تتطلّب إدارة عادلة ومنصفة تضمن الاستقرار، وتحفظ كرامة الجميع.
المصدر: تايمز
إقرأ أيّضا
فوضى المطارات البريطانية: ما هي حقوقك في الحصول على تعويض عن الرحلات الملغاة؟
ناشيونال جيوغرافيك: الحرارة الشديدة قد تُسرّع شيخوخة الجسم كالنيكوتين والكحول
تقرير يكشف تضاعف الهجمات الإلكترونية ضد المهاجرين بعد هجوم ساوثبورت
الرابط المختصر هنا ⬇
