الغارديان: نقص خطير في الكوادر الطبية يهدد سلامة المرضى في إنجلترا
حذّرت البروفيسورة كاميلا هوثورون، رئيسة الكلية الملكية للأطباء العموميين في بريطانيا، من أنّ نقص الأطباء العامين وصل إلى مرحلة «تهدد قدرة العيادات على تقديم رعاية آمنة لملايين المرضى»، في ظل ضغط متزايد على الخدمات الصحية وغياب التمويل الكافي لتوظيف كوادر جديدة.
وفي تصريحاتها لصحيفة الغارديان، أوضحت هوثورون أن العيادات تعاني عجزًا حادًّا في عدد الأطباء، حيث أصبح كثير من الأطباء العامين يعملون «لساعات غير آمنة أبدًا» نتيجة عدم توفر ميزانيات كافية لاستقدام موظفين جدد أو تعويض المستقيلين، ما يرفع احتمال وقوع أخطاء طبية خطرة أو تفويت حالات قد تكون مميتة.
ارتفاع أعباء العمل وتراجع القدرة على ضمان رعاية المرضى

وأكدت هوثورون أنّ «الأطباء العامين يبذلون أقصى ما لديهم من أجل المرضى، لكن لا يمكننا الاستمرار بهذه الطريقة»، مشيرة إلى أن الضغط الهائل في عبء العمل جعل العديد من الأطباء يشعرون بعدم القدرة على ضمان مستوى رعاية آمن في ظل نقص الأطباء.
وأضافت أن عقودًا من نقص التمويل دفعت طب العائلة إلى «حافة الانهيار»، إذ يتقلص عدد الأطباء في الوقت الذي يشهد فيه النظام الصحي طلبًا قياسيًّا، إلى جانب الزيادة في أعداد كبار السن والحالات الصحية المعقدة.
أرقام مقلقة بشأن أعداد المرضى ونقص التمويل

وتزامن هذا التحذير مع توقيع أكثر من 8 آلاف طبيب عام رسالة موجّهة إلى وزير الصحة ويس ستريتينغ، يطالبون فيها باتخاذ إجراءات عاجلة؛ لتدريب مزيد من الأطباء وتوظيفهم والاحتفاظ بهم، بهدف حماية المرضى ومنع تفاقم الأزمة.
وبيّنت هوثورون أن الطبيب العام بدوام كامل بات مسؤولًا في المتوسط عن 2,241 مريضًا في إنجلترا، بزيادة 304 مرضى لكل طبيب خلال عقد واحد فقط، ما يعادل ارتفاعًا بنسبة 16 في المئة.
وقالت: «عدد المرضى لكل طبيب يرتفع باستمرار، في حين تزداد تعقيدات العمل السريري مع تقدّم السكان في العمر. نحن ببساطة لا نملك القوى العاملة اللازمة لإدارة كل ذلك بأمان أو لضمان استمرارية الرعاية».
وأظهر مسح أجرته الكلية الملكية للأطباء العموميين أن 61 في المئة من مديري العيادات يحتاجون إلى توظيف طبيب إضافي على الأقل خلال العام المقبل لمواكبة الطلب، إلا أن 92 في المئة منهم أكدوا أن نقص التمويل الأساسي يمنعهم من ذلك.
وقال أحد مديري العيادات، الذي فضّل عدم الكشف عن هُويته: إن المشكلة لم تعد في توفر الأطباء، بل في عدم توفر المال لتوظيفهم.
تصاعد الخلافات مع الحكومة وغياب الحلول الواضحة

ورغم تقديم 386 مليون استشارة طبية في إنجلترا خلال 12 شهرًا حتى أيلول/سبتمبر 2025 -وهو رقم قياسي يعادل أكثر من مليون استشارة يوميًّا- فإن العديد من المرضى ما زالوا يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على موعد.
وقالت هوثورون: «ندرك خيبة أمل المرضى عندما يجدون صعوبة في رؤية طبيبهم، ونحن أيضًا نشعر بخيبة الأمل؛ لأننا نعلم أن المرضى يكافحون للحصول على الخدمات التي يحتاجونها».
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد الخلاف بين الأطباء ووزير الصحة، في حين يستعد استشاريو المستشفيات للانضمام إلى الأطباء المُضربين عن العمل لأسباب تتعلق بالأجور.
وفي رسالتها إلى ستريتينغ، نبّهت هوثورون على أن «طب العائلة لا يمكنه الاستمرار في تقديم رعاية آمنة وفي الوقت المناسب دون توفير الوسائل اللازمة لذلك»، مؤكدة أن القلق المتزايد بين المرضى بشأن الوصول إلى الأطباء ليس مفاجئًا؛ لأن العيادات ببساطة «لا تستطيع تحمل توظيف العدد الكافي من الأطباء العامين لتلبية الطلب».
تحذيرات من انهيار قدرة العيادات على تقديم رعاية آمنة

من جانبها قالت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية: إنها «ممتنة» للأطباء العامين لخدمتهم الحيوية، مؤكدة أنهم يمثلون جزءًا أساسيًّا من خطة الصحة الممتدة لعشر سنوات.
وذكر متحدث باسم الوزارة أن السلطات الصحية وظّفت 2,500 طبيب عام، وألغت نصف أهداف الأطباء لتقليل الأعباء البيروقراطية، إضافة إلى تخصيص 1.1 مليار باوند إضافية للتمويل.
لكن هوثورون أوضحت أن تأثير هذا التمويل أُضعف بفعل زيادة مساهمات التأمين الوطني، مؤكدة أن 83 في المئة من مديري العيادات ذكروا هذه الزيادات كأحد أبرز أسباب عجزهم عن توظيف أطباء.
واختتمت بالقول: «نحن بحاجة إلى آلاف الأطباء العامين الإضافيين، لكن العيادات تحتاج أيضًا إلى تمويل مناسب لتوظيفهم. نحن بحاجة إلى خطة حكومية واضحة تتضمن أرقامًا حقيقية. فخطة بلا أرقام ليست خطة على الإطلاق، ونحتاج إلى خارطة طريق واضحة للخروج من هذه الأزمة».
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
