السلطة الفلسطينية تتحدى مطالب العمال بحذف “معاداة السامية” من الكتب المدرسية
عاد تقرير بريطاني جديد صادر عن مؤسسة IMPACT-se المعروفة بارتباطها بجماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل لاتهام المناهج الفلسطينية بأنها تتضمن “موادًا معادية للسامية”، في محاولة لإعادة فتح النقاش حول شروط المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية وإصلاح قطاع التعليم.
ويشير التقرير إلى أن كتب العام الدراسي 2025–2026 في الضفة الغربية وغزة تحتوي على ما يعتبره “تحريضًا” و“محتوى عنيفًا”، مستخدمًا ذلك كدليل على تجاهل السلطة الفلسطينية دعوات الإصلاح.
غير أن مراقبين يرون أن هذه الاتهامات تستند إلى خلط سياسي بين نقد الاحتلال وبين معاداة اليهود كديانة، وأنها تُستخدم لإدانة الرواية الفلسطينية لا لمراجعة تربوية حقيقية.
ما الذي ورد في التقرير البريطاني؟
التقرير يورد مجموعة أمثلة من كتب فلسطينية، أبرزها:
- دليل المعلم للصف السابع: يتضمن نصًا يصف “إسرائيليين يضربون رؤوس أطفال أمام أمهاتهم ويشوّهون النساء لسرقة حُليّهن”، ويطلب من الطلاب رسم المشهد.
- كتاب اللغة العربية للصف الثامن (14 عامًا): يتضمن نصًا “يمجّد منفذي العمليات الانتحارية الذين يرتدون أحزمة ناسفة” ويتحدث عن “طعن الإسرائيليين بالسكاكين”.
- كتاب العربية للصف الثاني عشر (التوجيهي): يضمّ قصيدة تحثّ الطلاب على “الرجوع للوطن وسلاحهم بأيديهم”، بحيث ذكرها التقرير “العودة إلى مدن داخل إسرائيل..”.
- كتاب العلوم للصف العاشر: يحتوي رسما لمقلاع مستخدمًا في شرح قوانين نيوتن في الحركة.

هذه الأمثلة تُعرض في التقرير باعتبارها دليلاً على “التحريض”، بينما يشير متخصصون في التعليم إلى أن معظمها يُدرج ضمن مواد سردية أو أدبية أو سياقية تتناول واقع الاحتلال وتاريخه ولا علاقة لها بالديانة اليهودية.
الفصل بين اليهودية والصهيونية: رؤية يقدّمها يهود أنفسهم
يشدد باحثون وحقوقيون على أن نقد الصهيونية لا علاقة له بمعاداة السامية، وأن الخلط بينهما أصبح أداة ضغط سياسية تُستخدم لتجريم أي حديث عن الاحتلال.
ويوافق هذا الطرح عدد كبير من اليهود الأرثوذكس المناهضين للصهيونية، ومنهم الحاخام ياعقوب دافيد فايس (Yaakov Dovid Weiss)، الذي يقول:
“اليهودية ديانة عمرها ثلاثة آلاف عام، أما الصهيونية فحركة سياسية عمرها 140 عامًا فقط… اليهودية تعاليم أخلاقية تمنع القتل وإقامة السيادة بالقوة، وربطها بمشروع سياسي عنيف هو تشويه للدين نفسه.”
يعكس هذا ما يقوله كثير من الناشطين اليهود: انتقاد الاحتلال والصهيونية ليس معاداة لليهود، بل رفض لنظام سياسي قائم على القوة.
السياق السياسي ودور بريطانيا

التقرير يأتي بعد توقيع مذكرة التفاهم بين بريطانيا والسلطة الفلسطينية في أبريل 2025، والتي خلت من أي شرط صريح بخصوص المناهج.
ومع ذلك، تعهّد وزراء في الحكومة البريطانية — من بينهم وزيرة الخارجية إيفيت كوبر — بالضغط من أجل “إصلاحات في قطاع التعليم”، وربطوا ذلك بدعم بريطانيا المتواصل لمسار الاعتراف بدولة فلسطين.
جهات برلمانية موالية لإسرائيل استغلت التقرير للمطالبة بفرض شروط إضافية على السلطة الفلسطينية، فيما يدعو خبراء مستقلون إلى التفريق بين سوء استخدام مصطلح معاداة السامية وبين النقاش التربوي الحقيقي.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
