العرب في بريطانيا | أقدم مكتبة إسلامية في لندن تواجه خطر الإغلاق بع...

1447 جمادى الأولى 4 | 26 أكتوبر 2025

أقدم مكتبة إسلامية في لندن تواجه خطر الإغلاق بعد عقود من العمل الثقافي

أقدم مكتبة إسلامية في لندن تواجه خطر الإغلاق بعد عقود من العمل الثقافي
اية محمد October 25, 2025

تأسست مكتبة دار التقوى عام 1985 على يد الناشر المصري سمير العطار، لتصبح منذ ذلك الحين ركيزة أساسية في الحياة الثقافية والدينية للمسلمين في بريطانيا. على مدى أربعة عقود، كانت المكتبة ملتقىً للعلماء والطلاب والمعتنقين الجدد للإسلام، وفضاءً يجمع بين القراءة والنقاش والتواصل الفكري.

مكتبة غير طائفية تجمع الفكر الإسلامي

يقول العاملون في دار التقوى إنّها الوحيدة من نوعها غير الطائفية في بريطانيا، إذ تضم على رفوفها كتبًا تغطي طيفًا واسعًا من المجالات، تشمل السياسة والثقافة وكتب الأطفال وترجمات القرآن الكريم إلى مختلف اللغات العالمية. وقد أراد مؤسسها أن تكون منبرًا مفتوحًا أمام جميع الاتجاهات الفكرية داخل العالم الإسلامي.

منذ وفاة العطار عام 2022، تولّت زوجته نورة العطار، وهي بريطانية مسلمة من مدينة ليدز تبلغ من العمر 69 عامًا، إدارة المكتبة بكل تفانٍ. نورة، التي كرّست وقتها وجهدها للحفاظ على هذا الصرح الثقافي، أطلقت حملة تبرعات بقيمة 25 ألف باوند لتغطية تكاليف الإيجار والتشغيل، مؤكدة أن المشروع بدأ “عضويًا، دون قروض أو فوائد، وبتمويل من المجتمع المسلم نفسه”.

فكرة نشأت من حاجة واقعية

انبثقت فكرة تأسيس دار التقوى في ثمانينيات القرن الماضي بعد أن لاحظ العطار نقص الموارد الإسلامية الموثوقة في بريطانيا. وتروي نورة: “كان زوجي طموحًا جدًا وعمل بجد كبير. أنا من شجعته على افتتاح المكتبة بسبب حبي الطويل للقراءة”.

واختار الزوجان موقع المكتبة في شارع بيكر لقربه من المسجد المركزي في لندن، ولاستقطابه العديد من الزوار العرب والدوليين خلال الصيف، ما جعل الموقع مثاليًا لاحتياجات المجتمع المسلم المحلي والعالمي.

إدارة تقوم على القيم الإسلامية

تدير نورة المكتبة اليوم بمساعدة ثلاثة موظفين بدوام جزئي فقط، محافظين على النهج الإسلامي في تجنب القروض الربوية، والاعتماد على التمويل المجتمعي والمدخرات الشخصية. تصف نورة الأجواء قائلة: “نحن هنا عائلة واحدة؛ زبائننا يصبحون جزءًا منّا مع الوقت”.

وتضم رفوف دار التقوى العديد من الكتب النادرة أو التي نفدت طباعتها، وتقول نورة بفخر: “هناك كتب لن تجدها في أي مكان آخر”. كما تبرع عدد من المؤلفين بأعمالهم الخاصة للمكتبة، بينهم الباحث الأمريكي حمزة يوسف، أحد أبرز المفكرين المسلمين في الغرب.

وتبيع المكتبة أيضًا عناوين أكاديمية من دور نشر عالمية مثل Routledge وMacmillan، إلى جانب تنظيم فعاليات قراءات وجلسات ثقافية، واستضافة مناسبات مجتمعية وروحية.

مركز ثقافي وروحي نابض بالحياة

في العام الماضي، أطلقت دار التقوى جلسات للكتاب وتخطط قريبًا لتأسيس نادي للكتاب والشعر. كما تُستخدم أحيانًا لإقامة عقود الزواج الإسلامي، ما يعزز مكانتها كمركز ثقافي وروحي يتجاوز حدود بيع الكتب.

ويقول الموظف القديم إبراهيم عبد الرحمن حسن (60 عامًا)، الذي بدأ كزبون قبل أن ينضم إلى الفريق عام 1996: “الكثير من الناس توقفوا عن الزيارة لأنهم يقرأون عبر الإنترنت الآن. في التسعينيات، كان الناس يأتون خصيصًا لشراء الكتب”.

ورغم التراجع في عدد الزوار، يضيف حسن: “ما زلت مرتبطًا بالمكان، فهو مركز الأحداث. تعرف الأخبار هنا؛ إذا صدر كتاب جديد، يخبرك الناس فورًا”.

زيارات بارزة وتاريخ من الحضور العالمي

استقبلت دار التقوى على مر السنين شخصيات بارزة مثل الفنان المسلم يوسف إسلام (كات ستيفنز)، والدبلوماسي البريطاني غاي إيتون، والأمير غازي بن محمد من الأردن، مما جعلها وجهة مميزة للمثقفين والزوار من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

وفي زيارة حديثة، قال الزائر الماليزي يسري يوسف إنه حرص على زيارة المكتبة بعد سماعه خبر احتمال إغلاقها قبل يوم من عودته إلى بلاده: “إنها مكتبة فريدة من نوعها، لا يوجد مثلها حتى في ماليزيا. ليست مجرد مكتبة، بل بوتقة تنصهر فيها الثقافات.”

وأضاف بأسى: “يأتي الناس من جميع أنحاء العالم للبحث عن الكتب والمعرفة التي تحتويها. هذا أمر مهم جدًا ويعكس شخصية لندن. سيكون فقدانها خسارة كبيرة.”

وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن إغلاق دار التقوى – أقدم مكتبة إسلامية في لندن – لن يكون مجرد فقدان لمحل تجاري، بل خسارة لمؤسسة ثقافية وروحية شكّلت ذاكرة أجيال من المسلمين في بريطانيا.

وتؤكد المنصة أن دعم هذه المبادرات الثقافية ضرورة مجتمعية، لأنها تمثل جسورًا للحوار والمعرفة والانتماء في مجتمع متعدد الثقافات.

المصدر: الغارديان


إقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
7:28 pm, Oct 26, 2025
temperature icon 9°C
light rain
87 %
1005 mb
16 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 75%
Visibility 10 km
Sunrise 6:43 am
Sunset 4:45 pm

آخر فيديوهات القناة