كيف تستمتع بالعزلة دون الشعور بالوحدة ؟!
على الرغم من التشابه بين مفهومي العُزلة والوَحدة، ففي الغالب يُخطئ الناس في إدراك الفرق الرئيس بين المصطلحين.
فبينما تنطوي الوَحدة على الشعور بالفراغ النفسي والعواطف السلبية، تتخذ العزلة معنى مخالفًا، وتتجلى بنوع من الغنى والثراء النفسي بعيدًا عن الضجيج المحيط، وتتخذ بُعدًا نفسيًّا وبدنيًّا على حد سواء.
وأظهر استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة غالوب تراجع معدلات الشعور بالوحدة بعد أن تسبب الوباء بحالة من الخوف وانعدام الأمان، في حين أثرت قواعد التباعد الاجتماعي التي فُرِضت عام 2020 في الصحة النفسية لكثير من الناس.
وبعد عام 2020 أصبح الناس أكثر تقبُّلًا للعزلة؛ بسبب انتشار الوباء.
الفرق بين العزلة والشعور بالوحدة
وبالمقابل عانى عدد أكبر من الناس من أعراض الوحدة، وتراجعت مهاراتهم الاجتماعية وقدرتهم على تكوين صداقات.
ويمكن القول: إن أولئك الذين لا يكتفون بأنفسهم يفتقرون غالبًا إلى الراحة، سواء كانوا وحيدين أم برفقة آخرين.
أضف إلى ذلك أن الشعور بعدم الاكتفاء بالذات يصبح في الغالب عبئًا على صاحبه؛ إذ يلتحق بعض الناس بوظائف لا تناسبهم أو يقيمون علاقات مزيفة لأنهم غير قادرين على تحمل فكرة البقاء بمفردهم.
إلا أن العزلة توفر مِساحة للتأمل الذاتي والاسترخاء والتفكير الإبداعي ونمو الشخصية، وتُسهِم في التركيز على الأفكار والمشاعر، واكتساب نظرة موضوعية تجاه الصعوبات التي تواجه الإنسان، والوصول إلى فهم أعمق للذات.
هذا ويعمد كثير من الناس إلى عزل أنفسهم بين الفينة والأخرى؛ لإعادة شحن طاقتهم وبلوغ الطمأنينة والسلام في صخب الحياة، ولا سيما الأشخاص الانطوائيين الذين يواجهون صعوبة في التواصل مع الآخرين.
والطريقة المثلى -بلا شك- هي تحقيق التوازن بين أوقات العزلة وقضاء الوقت مع الآخرين؛ لأن المبالغة في اعتزال الناس قد تسبب نوعًا من الشعور بالوحدة، إضافة إلى تبعاتها السلبية على الصحة النفسية.
وتجدر الإشارة إلى أن احتياجات الآخرين إلى العزلة تختلف من شخص إلى آخر، ولا بد من تحقيق التوازن بين العزلة والحياة الاجتماعية للوصول إلى حياة مُرضِية.
وفيما يلي بعض الاقتراحات المهمة بهذا الصدد
1- تخصيص وقت للعزلة
يمكن تخصيص بعض الوقت يوميًّا للاستفادة من العزلة، مثل التأمل 10 دقائق إلى 20 دقيقة عند الاستيقاظ في الصباح الباكر.
ويمكن أيضًا تخصيص ثلاثين دقيقة من يومك لكتابة وتلخيص الأحداث التي تمر بها كل يوم، أو التنزُّه قبل الغداء.
2- تفهّم الأحكام التي يُطلِقها الآخرون
قد لا يتفهّم بعض الناس رغبة الآخرين في قضاء الوقت بمفردهم، وقد يشعر كثير منا بأن هؤلاء الناس أنانيون لمجرد بقائهم بمفردهم، أو لأنهم لا يُخصِّصون وقت فراغهم لمساعدة الآخرين.
لكن ما لا يعلمه كثيرون هو أن قضاء بعض الوقت بمعزل عن الناس ينعكس بشكل إيجابي على صحتهم النفسية، ويساعدهم في شحن طاقتهم قبل العودة للحياة الاجتماعية.
3- ممارسة التأمل الذاتي
تساعد العزلة على ممارسة التامل الذاتي الذي يُسهِم في زيادة وعي الناس بأنفسهم، ويُغذِّي الاتصال بالذات وبالآخرين من خلال تعزيز التعاطف والثقة بالنفس.
إن تعزيز علاقة المرء بنفسه تعود بالعديد من النتائج الإيجابية، ولعل أبرزها تطوير العلاقات مع الآخرين على الصعيدين الشخصي والمهني، أضف إلى ذلك أن الثقة بالنفس تؤدي ضرورة إلى تحديد كيفية قضاء الوقت واختيار أكثر الأشخاص أهمية وتأثيرًا.
المصدر: Psychology Today
اقرأ أيضًا:
مؤسسة خيرية تطلق مشروعا لتسليط الضوء على عزلة المهاجرين
أهم ثلاثة أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك في العشرينيات من عمرك
بريطانيا وأيرلندا ضمن أكثر دول العالم سعادة لعام 2023
الرابط المختصر هنا ⬇
17°C
