لاجئ سوري يروي قصة عبوره البحر إلى بريطانيا

يحكي لاجئ سوري يعيش في كو داون (Co Down) قصته والمعاناة التي تكبدها في طريق رحلته، بعد أن قرر الفرار من أهوال الحرب في سوريا في قارب صغير مكتظ وتهريبه من كاليه إلى دوفر داخل شاحنة.
عقب غرق أربعة أشخاص في القنال الإنجليزي قبل أيام، وبينما توقع الحكومة البريطانية على اتفاقية جديدة مع فرنسا؛ لمحاولة الحد من توافد المهاجرين بطريقة غير شرعية، كشف مازن ليغا حقيقة ما يتكبده هؤلاء اليائسون من معاناة وما يحدق بهم من أخطار. فعندما ركب قاربًا مكتظًا يحمل 45 شخصًا في رحلة خطرة من تركيا إلى اليونان في عام 2015، كانت الاحتمالات جميعها أمامه صعبة جدًّا لدرجة أنه لم يكن مهتمًّا بنجاته من عدمها!
لاجئ سوري يصل إلى بريطانيا بعد رحلة محفوفة بالمخاطر

وصل مازن إلى بريطانيا وهو لا يتحدث الإنجليزية ولا يملك أدنى فكرة عما يخبئه له المستقبل. وحصل بعدها على اللجوء، واستقر في دولينجستاون (Dollingstown)، ليبدأ حياته من جديد.
تزوج مازن السورية عبير أسعد، ولديهما الآن ابن يبلغ من العمر 15 شهرًا يدعى آدم، ومن المقرر أن تُنجِب زوجته طفلًا ثانيًا الشهر المقبل.
وفي وقت سابق من هذا العام وبمساعدة مؤسسة (ArtsEkta) الخيرية، ساعد مازن في إنشاء مدرسة عربية للأطفال اللاجئين في بلفاست (Belfast)، ويرتادها الآن زُهاء 60 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و15 عامًا كل يوم سبت.
وأدار مدرسة للرياضيات في نيوري (Newry)، حيث كانت زوجته -التي كانت أستاذة رياضيات في سوريا- تدرس الأطفال اللاجئين. ويعمل مازن الآن محاسبًا في مطعمين في لورغان (Lurgan)، ولكن بعد حصوله مؤخرًا على مخصصات لزراعة الخضار أصبح يطمح بنجاح مزرعته الصغيرة.
تفاصيل الرحلة

يعيش مازن -الذي يبلغ عمر والده 75 عامًا ولديه شقيقان وأخت- بين مطرقة الحنين إلى الوطن وسندان استحالة العودة إليه؛ بسبب الظروف الأمنية التي منعته من رؤية والدته قبل وفاتها العام الماضي.
ومع ذلك فيبقى الأمل المستمر بتحسين ظروف الحياة قائمًا لدى هذا اللاجئ السوري، الذي شرح دوافع هجرة الشباب والأسباب التي تدفعهم للمخاطرة بأنفسهم من أجل عيش حياة كريمة فحسب.
وصف مازن رحلته التي استمرت ثلاثة أشهر بإنجليزية ممتازة، مع أنه لم يكن يُتقن التحدث بها البتة عندما وصل إلى لندن عام 2015، وقال: بسبب الحرب اضطررت إلى الذهاب إلى لبنان للعمل وتوفير المال. واعتقدت أنني إذا استطعت الوصول إلى بريطانيا فسأكون في بلد آمن على الأقل.
“ثم وجدت مجموعة من الأشخاص على منصة فيسبوك، كانوا يخططون للذهاب إلى أوروبا فنظَّمنا لقاء. وكان هدفنا الوصول إلى تركيا أولًا، ثم العثور على طريقة نستطيع بها بلوغ اليونان. وذهبنا على متن قارب مطاطي غادر تركيا حاملًا 45 شخصًا. وكان مثقلًا لدرجة أنه توقف في منتصف البحر!
وأضاف موضحًا: لحسن الحظ، أنقذنا قارب يوناني رآنا في طريقه. ورغم علمي بأن الوضع خطير جدًّا فإني لم أكن أبالي ببقائي على قيد الحياة من عدمه!
دفع مازن للمهربين 900 دولار (نحو 750 باوند). وكانت رحلة اليونان مجرد بداية لرحلة أطول من ألمانيا ثم باريس وصولًا إلى مخيمات اللاجئين السيئة السمعة في كاليه ببريطانيا حيث مكث شهرًا، ما كلفه 2500 باوند.
وفي هذا السياق يقول مازن: كان هناك جمعيات خيرية تقدم لنا وجبة واحدة، وهي الوجبة الوحيدة التي نحصل عليها في اليوم!
“كانت رائحة الناس كريهة لعدم وجود مياه للاستحمام! لقد كان مكانًا سيئًا يستحيل العيش فيه”.

بدأ التحدي الثاني لمازن بمجرد وصوله إلى بريطانيا، حيث كان هو ومجموعة من المهاجرين الآخرين يراقبون المركبات على متن القوارب في ميناء دوفر. وذات يوم انتهزوا فرصة تحميل شاحنة بالجرارات فتخفّوا داخلها، وبعدما أدرك السائق وجود أشخاص على متن شاحنته توقف في منتصف الطريق وطلب منهم النزول، فنزل الجميع ما عدا مازن الذي كان يختبئ بين عجلتي جرار، ليصل بعدها إلى إنجلترا في يوليو 2015، ويتجه فورًا إلى وزارة الداخلية لطلب اللجوء.
حصل مازن على سكن وبدأ يتقاضى مبلغًا أسبوعيًّا خاصًّا بالطعام مقداره 35 باوند أثناء النظر في طلبه. وبعد أربعة أشهر، مُنح حق اللجوء ثم انتقل إلى كارديف، إلى أن استقر في أيرلندا الشمالية في عام 2016.
وفي ظل استحالة العودة إلى الوطن الأم، يشعر مازن بالامتنان للحياة التي يعيشها في بلده الثاني، ويرى أن الاستمرار في المحاولة والأمل مع بذل الأسباب يُجدي نفعًا على الدوام.
اقرأ أيضًا:
مطبخ كيلوبترا.. قصة نجاح لاجئ سوري في بيرمنغهام
الرابط المختصر هنا ⬇