العرب في بريطانيا | هل أصبحت أيام الملكية معدودة في بريطانيا بعد وف...

1446 شعبان 24 | 23 فبراير 2025

هل أصبحت أيام الملكية معدودة في بريطانيا بعد وفاة الملكة إليزابيث؟

هل أصبحت أيام الملكية معدودة في بريطانيا بعد وفاة الملكة إليزابيث؟
فريق التحرير September 26, 2022

شهدت المملكة المتحدة بعض النشاطات السياسية للجمهوريين المناهضين للنظام الملكي، بعد أن انتظروا عقودًا من الزمن لإعادة طرح مشروعهم السياسي بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية.

وليس مستغربًا أن يضطر أنصار النظام الجمهوري إلى الانتظار فترة طويلة من الزمن في ظل استقرار النظام الملكي في عهد الملكة إليزابيث التي تميزت بطول فترة حكمها.

هذا ولم يتخذ مناهضو النظام الملكي أي مواقف تُذكَر خلال احتفالات اليوبيل البلاتيني التي شارك فيها الآلاف من سكان المملكة المتحدة في وقت سابق من هذا العام بمناسبة مرور 70 عامًا على حكم الملكة الراحلة إليزابيث الثانية.

كيف يرى “الجمهوريون” إمكانية تغيير نظام الحكم بعد وفاة الملكة إليزابيث؟

لكن السياسي الوحيد الذي أظهر موقفًا متعاطفًا مع أنصار النظام الجمهوري في ذلك الوقت كان النائب عن حزب العمال والمرشح لقيادة الحزب عام 2020 كلايف لويس الذي تحدث عن إشكالية تحويل النظام الملكي في إنجلترا إلى جمهوري، وقال كلايف في ذلك الوقت: “إن الملكة تعمل بكل جد وتسعى لخدمة أمتها، وهي سيدة متواضعة جدًّا”.

“وهذا ما كان يصعب من نقاش مسألة تحويل النظام الملكي إلى جمهوري، لكن ذلك يختلف اختلافًا كبيرًا بعد وفاة الملكة، فلا بد أن نتساءل حول مستقبل الديمقراطية في بريطانيا”.

وبعد وفاة الملكة إليزابيث شهدت البلاد أطول فترة من الإشادة بالحكم الملكي، وبدا الدعم الشعبي الكبير واضحًا للنظام الملكي وهو غير مسبوق منذ تتويج الملكة عام 1953.

لكن جزءًا كبيرًا من الفعاليات التي حصلت بعد وفاة الملكة إليزابيث كان مرتبطًا بمكانة الملكة إليزابيث بالدرجة الأولى، وليس فقط بتتويج الملك الجديد تشارلز الثالث، إلا أن الحزن الكبير الذي خيَّم على الأمة البريطانية يؤكد مركزية النظام الملكي ودوره في الحياة البريطانية.

وبينما غطت وسائل العالم حدث وفاة الملكة إليزابيث تغطية مبالغًا فيها، انتشرت الملصقات التي تُخلِّد ذكرى الملكة في جميع شوارع المملكة المتحدة، وأظهرت الشركات التجارية تعاطفها مع العائلة المالكة، وأُرجِئت الأحداث الرياضية، وتدفقت الحشود إلى قصر باكنغهام.

ونُقِل التابوت الملكي من اسكتلندا إلى جنوب البلاد في رحلة كانت الأكثر تتبُّعًا من قبل الجماهير في العالم.

وسادت في البلاد أجواء من الحزن الجماعي استطاع خلالها الأمير أندرو العودة إلى الحياة العامة في البلاد!

ووُضِع جثمان الملكة في بناء وستمنستر، ووقف الناس في طوابير طويلة لإلقاء نظرة الوداع على نعش الملكة، واضطر بعضهم إلى الانتظار 24 ساعة، كما وجهت السلطات البريطانية بتعطيل الجهات العامة في يوم وفاة الملكة.

لم يكن المشهد مشجعًا لأنصار النظام الجمهوري، وبالنسبة إلى غراهام سميث الذي يترأس مؤيدي إقامة النظام الجمهوري في بريطانيا، فإن الحداد على الملكة الراحلة لم يكن بالزخم المتوقع، وقال سميث: “اعتقدت أن البلاد ستشهد موجة حزن وحداد أوسع من تلك التي حدثت، ولم تواجه الحملة التي أطلقها مؤيدو النظام الجهوري أي معارضة شعبية”.

لكن ما مدى صحة هذا القول، وما مظاهر الحداد التي ينتظرها مناهضو الملكية؟ لقد كان مشهد زيارة نعش الملكة في قاعة وستمنستر مذهلًا للغاية وبدا أشبه بطقس ديني يمارسه زوار النعش، أما فيما يتعلق بتسامح السلطة مع مناهضي النظام الملكي فيبدو الأمر غير صحيح بعد أن هُدِّد المحامي باول باولسلاتد بالاعتقال لحمله ورقة بيضاء في وسط لندن (تعبيرًا عن عدم انتخابه للملك)، وتلقى الأخير تحذيرًا من رجال الشرطة بالاعتقال إذا تعرض بالإهانة للحاشية الملكية.

لكن سميث الذي يقود جماعة المناهضين للنظام الملكي أكد أن تفاعل الجماهير مع وفاة الملكة إليزابيث لم يكن بالزخم المتوقع قائلًا: “لقد ضخَّم الإعلام فعاليات الجنازة التي كان معظم المشاركين فيها من الأقليات العرقية والدينية!”.

هل عززت وفاة الملكة إليزابيث الولاء للقصر أم ساهمت في إضعافه؟

كيف كان رد فعل الجمهوريين على وفاة الملكة إليزابيث؟
كيف كان رد فعل الجمهوريين على وفاة الملكة إليزابيث؟

وأضاف سميث: “يبدو أن مراسل بي بي سي في القصر الملكي نيكولاس ويتشل كان يتحكم بتغطية معظم القنوات والإذاعات لفعاليات الجنازة الملكية، وقد بدا الأمر مبتذلًا ومنفرًا للآلاف من الناس الذين أعلنوا انضمامهم إلى الحملة المناهضة للمَلكية”.

وعلى الرغم مما قاله سميث فيبدو أن النظام الملكي في بريطانيا حظي بملايين الداعمين الذين أظهروا احترامهم وإشادتهم بعهد الملكة إليزابيث.

وقد عززت مشاهد الحزن الأخيرة على وفاة الملكة إليزابيث الانقسام الكبير بين أنصار الحكم الملكي والجمهوري، وقد عُرِف عن الجمهوريين خلال الحرب الأهلية الإنجليزية أنهم العقل السياسية البارد، في حين انقاد أنصار النظام الملكي بالعواطف، إنها المعركة بين العاطفة والعقل.

إنها المعركة التاريخية بين السياسيين الجمهوريين وفرسان القصر الملكي، بين الطهرانية المسيحية ونزعة التمرد، وقد استفاد الجمهوريون من فضائح القصر الملكي البريطاني التي كان أكبرها فضيحة الملك أندرو التي أكدت أن الرفاهية المالية يمكن أن تؤدي إلى حالة من الانحلال الأخلاقي الذي يرافق صاحبه دائمًا.

يقول سميث زعيم الجماعة المؤيدة لإقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة: إنه لم يكن يخطط لأي نشاط جاد خلال فترة الحداد على وفاة الملكة، لكن النقاشات التي انتشرت عبر الإنترنت حول ذلك شجعته على تغيير السياسة المتبعة خلال فترة الحداد.

وبطبيعة الأحوال فإن عددًا كبيرًا من البريطانيين لا يعرف من هو سميث، كما أن جماعة مؤيدي النظام الجمهوري لم تحظ بشعبية بعد وفاة زعيمها أوليفر كرومويل، ولعل أبرز العقبات التي حالت دون تنظيم مناهضي الحكم الملكي في جسد سياسي كانت غياب القيادات المعروفة.

لكن رغم ذلك، يوجد العديد من الشخصيات العامة المعروفة بتأييدها لإقامة نظام جمهوري في بريطانيا، ويمكن قراءة قائمة الأسماء في موقع ويكيبديا مثل راسل براند وفرانكي بويل ولاعب كرة القدم السابق جوي بارتون وعدد كبير من الصحفيين.

لكن مجموعة الأسماء في موقع ويكيبديا اختيرت اختيارًا عشوائيًّا إلى حد كبير، كما أن العديد من الأشخاص الذين اختارهم الموقع لم يُظهِروا أي موقف صريح بمناهضتهم للنظام الملكي، وقد أشار بعضهم بخجل في بعض الأحيان إلى تأييده إقامة نظام جمهوري، وقد يتفاجأ بعضهم بإدراج اسمه ضمن الموقع رغم عدم اتخاذه لأي موقف بهذا الصدد.

وقال النائب السابق في حزب الديمقراطيين الأحرار نورمان بيكر والمؤيد لإقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة: “حقًّا نحن نفتقر إلى القيادات البارزة”، وكان بيكر قد ألَّف كتابًا يفضح فيه أسرار القصر الملكي بعنوان: (?And What Do You Do)، وقدم الكاتب بالتكاليف المدفوعة لتمويل أنشطة القصر الملكي، وقال بيكر: “إن الحركة المناهضة للنظام الملكي في بريطانيا ليس لديها شخصيات قيادية بارزة، وأعتقد أنني إلى جانب جراهام سميث أبرز قيادات الحركة”.

كما كشفت الكاتبة والناشطة كاثرين ماير تأييدها لحركة إقامة نظام جمهوري في بريطانيا، وكانت كاثرين قد كتبت سيرة ذاتية عن حياة الملك تشارلز، وشاركت في تأسيس حزب المساواة للنساء، وقالت الكاتبة: “على الرغم من تأييدي لإقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة فإنه لا بد من الاعتراف بالدور الكبير للنظام الملكي في تاريخ بريطانيا”.

وتعتقد ماير أن تراجع شعبية الحركة المؤيدة لإقامة نظام جمهوري في بريطانيا يعود إلى انعدام الرؤية الحقيقية لهذه الحركة وليس فقط لعدم وجود قيادات معروفة فيها.

وقالت ماير: “لا بد من تأصيل الفكر الجمهوري في أذهان الناس عبر مساعدتهم على فهم سبب سيادة النظام الملكي الذي يستبعد كثيرًا من الناس من الحكم، ولا يخدم البلاد كما ينبغي”.

وأضافت: “إن الحركة الداعة لإقامة نظام جمهوري في بريطانيا تفتقر إلى تكوين رؤية عن المجتمع الذي تريد إنشاءه”.

الجمهوريون في بريطانيا بين غياب القيادات وانعدام الرؤية..

وذكرت ماير في كتابها عن الملك تشارلز: “يقول زعيم الحركة المؤيدة لإقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة: “إن كل ما يجب علينا فعله هو حذف كلمة ملك أو ملكة واستبدالها بكلمة رئيس، وعلقت ماير على هذا التصريح بأنه خاطئ تمامًا”.

وقالت: “إن إرادة التغيير الحقيقية يجب ألا تنطوي على تغيير البنية الهيكلية للحكم الملكي بصفة مباشرة، إن التاج الملكي يضمن بلا شك حالة عدم المساواة في المجتمع، لكنه ليس المشكلة في بنية الحكم الملكية”.

ولطالما انتقدت ماير ما وصفته بانعدام التنوع في آراء الجمهوريين، وأشارت إلى أنها كانت تحضر اجتماعات الجماعة المؤيدة لإقامة نظام جمهوري في بريطانيا، وبدا أن الاجتماعات كان عبارة عن محادثة بسيطة بين مجموعة من السياسيين البيض الذين ينحدرون من الطبقة المتوسطة.

ورفض جراهام سميث قائد حركة الجمهوريين كلام ماير، حيث أكد الأخير أن آلية الالتحاق بالجماعة تغيرت تغيرًا كبيرًا.

وقال بهذا الصدد: “لقد اكتسبنا المزيد من الوجوه الشابة، وهناك تنوع كبير في الخلفيات الثقافية الخاصة بأعضاء جماعتنا”.

“على سبيل المثال: عبر الكثير من أعضاء جماعتنا المنحدرين من أصول كاريبية عن غضبهم بشأن القضايا التي واجهها هاري وميغان، كما عبروا عن امتعاضهم بشأن التعويضات التي يجب أن تدفعها المملكة المتحدة للعديد من الدول المستعمرة سابقًا”.

وبحسَب استطلاعات الرأي فإن نسبة الناس الذين دعموا إقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة تراوحت بين 15 و30 في المئة، لكن ذلك يتوقف بطبيعة الأحوال على نوع الأسئلة التي يطرحها الاستطلاع، وعلى طبيعة الأزمة التي كانت العائلة المالكة تمر بها لحظة تنفيذ الاستطلاع.

لكن معظم الداعمين لإقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة كانوا من الشبان.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه موقع الحكومة البريطانية في وقت سابق من هذا العام أن نسبة المؤيدين لإلغاء النظام الملكي في المملكة المتحدة بلغت 27 في المئة، لكن نسبة الشباب (بين 18 و24 عامًا) الذين صوتوا لهذا الخيار بلغت 40 في المئة، وهي أعلى من نسبة الشباب الذين صوتوا لاستمرار نظام الحكم الملكي في بريطانيا.

ويبدو أن كثيرًا من الشباب ينشؤون على مفهوم دعم إقامة نظام جمهوري في بريطانيا.

ويرى بعض الناس أن معظم الشباب الذين صوتوا لمصلحة إقامة نظام جمهوري هم من المناهضين للعنصرية ضد السود في المجتمعات الأوروبية.

ولكن المفاجئ هو أن الانتقادات لم تُوجَّه إلى النظام الملكي بصفة عامة بقدر ما وُجِّهت إلى الملكة.
وبوجه عام ما زالت العائلة المالكة في بريطانيا تحظى باهتمام العامة باستثناء أندرو، بسبب علاقة الصداقة التي تجمعه مع جيفري إبستين المتهم بالتحرش الجنسي بالأطفال، إلى جانب الاتهامات التي طالته بالتورط في محاولة اعتداء جنسي، وقد أصبح الأمير أندرو مكروهًا بعد تسوية قضية الاعتداء خارج المحكمة مقابل مبلغ مالي غير معروف.

وينتظر كثير من الناس أن يحاسب تشارلز أخاه أندرو بشكل جدي، علمًا أن أندرو لا يزال ضمن المستشارين الأربعة للملك الذين يمتلكون صلاحية اتخاذ بعض القرارات الملكية.

ويبدو أن من الصعب أن يتسامح النظام الملكي مع الحركات المناهضة للعنصرية والحكم الوراثي، إذ تُعَد الحرية والمساواة من ألد خصوم النظام الملكي المبني على مؤسسات إقطاعية تضمن حق الحكم على أساس الدم والسلالة المَلكية المختلفة عن بقية الشعب.

فضلًا عن أن معظم جرائم الاستغلال والعبودية التي ارتُكِبت خلال فترة الاستعمار كانت باسم التاج الملكي، وهي موضع انتقاد الشباب.

ويمكن للحركة المؤيدة لإقامة نظام جمهوري الاستفادة من غضب الشباب عبر توجيه النقاش نحو دور الإمبراطورية في الجرائم المرتكبة باسم التاج والتعويضات التي يجب دفعها لضحايا الحقبة الإمبراطورية، كل ذلك سيمنح الحركة زخمًا جديدًا.

وقال زعيم الحركة المؤيدة لإقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة: إن أحد أفضل الوجوه الشابة التي تقود حركة تغيير نظام الحكم هي المُعلِّقة السياسية آش ساركا التي ظهرت في المقابلة الشهيرة عندما وصفت الإعلامي بيرس مرغان بأنه أحمق، وأشارت حينها إلى أنها شيوعية.

وعبر كل من سميث وبيكر عن امتعاضهما من وسائل الإعلام التي لا تتجاهل الأصوات المطالبة بإقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة، وبخاصة قناة البي بي سي التي اتهمها بعض الناس بأنها “تتملق” العائلة المالكة في الأسابيع التالية لوفاة الملكة.

كما يتجنب بعض السياسيين المؤيدين لحركة إقامة النظام الجمهوري في بريطانيا نقاش الأمر في وسائل الإعلام، ما أثار حفيظة قادة الحركة.

ويعتقد النائب السابق في حزب العمال لويس أن أفراد العائلة المالكة ليسوا مجرد رموز للنظام الملكي فقط، وإنما هم جزء لا يتجزأ من السلطة ونظام الامتيازات، واستغرب لويس من إحجام اليسار البريطاني عن مناقشة قضية كهذه.

وقد رفض الزعيم السابق لحزب العمال مناقشة هذه القضية، على الرغم من موقفه الداعم لإقامة نظام جمهوري في المملكة المتحدة لكن كوربين لم ير أي طائل من الخوض في نقاش كهذا.

وهنا تكمن المشكلة الحقيقة في تحويل النظام الجمهوري من فكرة نظرية إلى حركة حية، وقد رأى كثيرون أن هذه القضية قانونية وليست مهمة، ووصفها الزعيم السابق لحزب العمال جورج لانسبري بمحاولة لصرف الانتباه عن القضايا الأساسية.

وقد وصف المؤرخ بيتر هينيسي عملية تفكيك النظام الملكي بـ”المعقدة”، وأشار إلى أن خطوة كهذه ستُشكِّل مشروعًا قانونيًّا وبيروقراطيًّا هائلًا سيستغرق سنوات طوالًا للتخلص من تبعات “ألف عام من تاريخ الحكم الملكي”.

وبغض النظر عن العقبات أمام تطبيق خطوة بهذه التعقيد فإن السياسية تتعلق اليوم بالرموز والهُوِيات، وقد انطلقت العديد من الحركات السياسية مثل (Black Lives Matter) والحركة الداعية لإزالة التماثيل المرتبطة بحقبة العبودية، ويمكن كسب تأييد هذه الحركات السياسية في دعم تغيير هيكلية النظام الحاكم.

ويرى كل من بيكر وسميث أنه يمكن الاستفادة من تجربة بريكست التي لم تحظ بشعبية واسعة في البداية، لكنها سرعان ما لاقت استحسان الجمهور الذي صوَّت أخيرًا على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

لكن من المبكر الحديث عن استفتاء لتحويل النظام في بريطانيا إلى الجمهوري في ظل غياب سياسيين شعبويين كنايجل فراج الذي قاد حملة بريكست، كما أنه لا توجد أحزاب قوية تؤيد تحول النظام الحاكم في بريطانيا مثل حزب (Ukip) الذي دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبالكاد يمكن إيجاد نواب داعمين لهذه الحركة.

الجمهوريون والملك تشارلز 

الملك تشارلز الثالث
كيف ينظر الجمهوريون إلى الملك تشارلز؟

ويرى بعض أنصار التحول إلى النظام الجمهوري أن وصول الملك تشارلز إلى سدة الحكم جدد الأمل بالنسبة إلى قضيتهم؛ فهو متقلب المزاج ولا يمتلك رأيًا حاسمًا في العديد من القضايا، ويُعَد الملك تشارلز منفتحًا على جميع الآراء أكثر من والدته التي كانت تعتقد أنه لا يجب سماع كلمة الملوك في كل شيء.

وقد قاد الملك تشارلز حملة ضد العمران الحديث، وأيَّد إقامة المزيد من المساحات الخضراء، ويرى بعض الناس أن الملك قدم خطابًا واعدًا، لكن يبدو أنه ارتكب بعض الأخطاء التي يمكن لأنصار إقامة نظام جمهوري في البلاد استغلالها.

وقالت الكاتبة كاثرين ماير: “إن أحد الأخطاء الكبرى التي يمكن لأنصار النظام الجمهوري الاستفادة منها هي تسريح العديد من الموظفين من مكان إقامته السابق في (Clarence House)، بالتزامن مع وفاة الملكة وانتقاله إلى منزله الجديد.

كما نصب الملك تشارلز ابنه ويليام أميرًا على ويلز، ما أثار حفيظة القوميين الويلزيين الذين يعتقدون أن لندن تتدخل في شؤونهم دون أدنى مراعاة لرأيهم الخاص.

وفي النهاية انتشر فيديو على الإنترنت يُظهِر غضب الملك بعد تسرب الحبر من القلم الذي يوقع به موافقته على قدوم الزوار لقلعة هيلزبرة بالقرب من بلفاست، حيث تضم القلعة نحو 12 منزلًا فخمًا تعود مِلكيتها للملك تشارلز.

ومع انحدار البلاد إلى حافة الركود الاقتصادي، وارتفاع نسبة التشرد وزيادة الاعتماد على بنوك الطعام فقد يستغل أنصار النظام الجمهوري ذلك لإطلاق شرارة التغيير كما حصل في الثورة الفرنسية.

وعلى الرغم من محاولة الملك لكسب تأييد ودعم الجمهور بشخصيته الحساسة والمرهفة لكنه قد يفشل في ذلك.

وتقول ماير:”لقد امتلك تشارلز القدرة على القيام بالواجبات الملكية أكثر من والدته، ويستطيع أن يقدم الكثير إلى النظام الملكي”.

“لكنه شخص حساس للغاية ما قد يشكل عائق أمام حكمه كملك لكنه نجح في تحقيق التوازن، ويبدو أن سيحافظ على توازنه النفسي خلال فترة حكمه الملكية”.

وبحسب ماير فقد ينجح الملك في السيطرة على نشاطه السياسي وتصريحاته، لكنه لن يستطيع محو سجله الذي يشكك كثيرون فيه، وينظرون بعين الريبة لطريقته في جمع التبرعات الخيرية، فقد تلقى الملك أكثر من 2.5 مليون باوند من رئيس الوزراء القطري السابق بين عامي 2011 و 2015، واستقال مساعد تشارلز المقرب مايكل فوسيت بعد اتهامات طالته بجمع المال للقصر مقابل الحصول على المزيد من الألقاب.

هل ينجح الملك تشارلز في مواجهة الضغوط على قصر باكينجهام؟

الملك تشارلز الثالث
هل يحافظ الملك تشارلز على وحدة الأقاليم بعد وفاة الملكة إليزابيث؟

وأشارت ماير إلى أن مواقف تشارلز من بعض القضايا قد تضعه في مواجه مع الحكومة مثل دعمه لتخفيض انبعاثات الكربون إلى الصفر، ومعارضته لاستخراج الغاز الصخري.

كما أن خلاف القصر مع حزب المحافظين يمكن أن يخلق المزيد من التقارب بين المحافظين وأنصار إقامة النظام الجمهوري، ما سيزيد من تعاطف العامة مع القصر الملكي.

ويعتبر ذلك من أكثر المناورات السياسية الملتوية التي يعتمدها أفراد العائلة الملكة بين وقت وآخر، إذ يظهر بعض أفراد القصر بمظهر الأبطال الذين يواجهون حكم المؤسسات الممثلة بحزب المحافظين.

وقد نجحت الأميرة ديانا وهي الزوجة الأولى للملك تشارلز في تنفيذ هذه الألعوبة السياسية، لكن عدائها كان موجهًا لبعض أفراد الأسرة الحاكمة وليست للحكومة أو المؤسسات.

ويبدو أن الأمير هاري وزجته ميغان يسيران على خطى الأميرة ديانا، إذ أن طريقة تعامل تشارلز مع دوق ساسكس ستؤثر على نجاح سياسته فيما يتعلق بالإرث الاستعماري والعنصري للمملكة المتحدة سواء ضمن البلد نفسها، أو على مستوى الكومنولث.

وتعمل المنظمات المناهضة للحكم الملكي على جذب المتعاطفين مع هاري وميغان لتوسيع قاعدتها الشعبية.

بعبارة أخرى يمكن القول إن النظام الملكي في بريطانيا متأصل في الوعي الجمعي لدرجة أنه لابد من الاستعانة بالمنشقين عن العائلة المالكة نفسها لمواجهة بقية أفراد العائلة.

ويواجه الملك خطر انفصال أقاليم ودول المملكة المتحدة، حيث أصبح الحزب القومي الأيرلندي صاحب اليد الطولى في سياسة إيرلندا الشمالية ما يعزز احتمال اتحاد الإيرلنديتين.

وتزايدت الأصوات التي تدعوا إلى انفصال اسكتلندا عن  المملكة المتحدة خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب وصول حكومة المحافظين لسدة الحكم والتي بالكاد قدمت أي دعم يذكر للمجتمع المحلي في اسكتلندا، كما تزايد الاستياء في ويلز من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

إن كل ما ذكر سابقًا يمكن أن يشكل فرصة مناسبة لدعم مطالب تحول النظام في بريطانيا إلى الجمهوري بدلًا من الملكي، إذ قد تسقط الحاجة إلى النظام الملكي إذا انفصلت المملكة المتحدة إلى مجموعة دول وأقاليم.

لكن هناك العديد من الأسئلة التي ستواجه أنصار النظام الجمهوري الذين قد ينظر إليهم كحلفاء للجمهوريين في إيرلندا، و كمعارضين غير وطنيين لنظام الحكم في بريطانيا.

وقال سميث :” لست متيقنًا من أن اسكتلندا ستنفصل عن بقية أقاليم المملكة المتحدة، لكن إذا حصل ذلك فستتحول المملكة المتحدة إلى جمهورية خلال عقد من الزمن، وسينسف ذلك أسس النظام الملكي إذ ستبرز الحاجة لإيجاد نظام بديل.

ويجدر القول أن أي تغيير البنية النظام الحاكم في بريطانيا سيزيد من الضغوط على اتحاد أقاليم المملكة المتحدة وسيخلق صداعًا حول طبيعة الدستور الذي يجب أن تقره البلاد في حال تغير النظام الحالي.

وبالتالي فإن غالبية البريطانيين وخاصة الإنجليز سيختارون الولاء الدائم للتاج ويدرك بيكر هذه الحقيقة لذلك فهو يدعم تقليص نفوذ العائلة المالكة بدلًا من إلغاء النظام الملكي بشكل كامل أي جعل النظام الملكي على الطريقة الاسكندنافية أو الهولندية.

ويقر بيكر بأنه يمكن الاحتفاظ بالقليل من أبهة وبهرج النظام الملكي، لكنه يرفض التداخل بين الطقوس الاحتفالية والملكية من جهة والعملية الديمقراطية من جهة أخرى.

ويقول بيكر:” هل يجب أن نبني نظامنا الديمقراطي ودستورنا على الطقوس الملكية التي يحب السياح رؤيتها؟!”.

وأضاف:” إن أكثر القصور الملكية زيارة في أوروبا هو قصر فرساي على الرغم من أن الفرنسيين تخلصوا من النظام الملكي في عام 1848″.

وأشار بيكر إلى أن كثيرًا من منتقدي فكرة النام الجمهوري يقولون:” إذ تحولنا إلى النظام الجمهوري، فهل ستقبل أن يعتلي سدة الحكم شخص مثل توني بلير؟!”.

وينتظر أنصار النظام الجمهوري موقف الملك تشارلز من المسألة، لكن يبدو أن الملك لن يتخلى عن كل امتيازاته وعنفوانه والتراق الملكي الذي ورثه لصالح حركة سياسية يبدو أنها ليست جاهزة لترجمة أفكارها على أرض الواقع.

 

 

المصدر: الغارديان 


 

 

اقرأ أيضاً : 

لماذا تثير ماسة التاج الكثير من الجدل في الهند بعد وفاة الملكة إليزابيث؟

زعماء العالم يتوافدون إلى لندن لتقديم التعازي في وفاة الملكة إليزابيث

ما الدول التي قد تنفصل عن التاج البريطاني بعد وفاة الملكة إليزابيث ؟

أخبار ذات صلة

loader-image
london
London, GB
5:05 pm, Feb 23, 2025
temperature icon 11°C
light rain
Humidity 85 %
Pressure 1017 mb
Wind 15 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 20%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 6:58 am
Sunset Sunset: 5:29 pm