ما الثمن الذي سيدفعه العرب إذا غزت روسيا أوكرانيا ؟
مع ارتفاع حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا، تزداد المخاوف من عواقب وخيمة على الدول العربية ولكن ماهي هذه المخاوف وكيف يمكن أن تؤدي الحرب الوشيكة بين البلدين إلى حدوث كارثة ومجاعات في بعض الدول العربية – لا قدر الله –؟
يرى خبراء أن غزو روسيا لأوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى مزيد من تعطيل إمدادات الطاقة، وتفاقم أزمة انعدام الأمنالغذائي في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
مصير عدد من الدول العربية على المحك
تعزز الدبلوماسية الدولية المتجددة الآمال بالتوصل إلى تسوية مع الجانب الروسي لتفادي حدوث حرب ستكون عواقبها وخيمة على جميع الأطراف، وعلى الرغم من كل الجهود الا ان شبح الحرب الشاملة لا يزال يلوح في الأفق.
ومن المرجح أن تخلق الحرب في أوكرانيا مشاكل جديدة للدول العربية، فلن تكون قادرة بمفردها على استبدال روسيا كمزود رئيس للطاقة في أوروبا ،كما يأمل البعض.
ومن المرجح أن يؤدي تصاعد التوتر بين الغرب وروسيا إلى الإضرار بجهود تحقيق الاستقرار الإقليمي، لا سيما في ليبيا وسوريا.
وقد تؤدي الحرب المرتقبة بين روسيا وأوكرانيا إلى زيادة حادة في أسعار القمح ، والطاقة العالمية، حيث أن روسيا تعد أكبر مصدّر للغاز في العالم بينما تقع أوكرانيا في المرتبة الثالثة في قائمة الدول المصدرة للقمح عالميًا.
وقد يكون لهذا تأثير إنساني مدمر على الدول الفقيرة بالفعل في بلاد الشام وشمال إفريقيا، والتي قد تتفاقم مشاكل الحكم فيها.
ويمكن أن تجد الدول الإقليمية التي تعاني من مشاكل اقتصادية متفاقمة نفسها أكثر ضعفًا، بل وأكثر عرضةً للضغوط الخارجية.
الأمن الغذائي
هناك نذر خطر من أن يؤثر الصراع المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا بشكل كبير على صادرات القمح من البلدين “والتي تمثل نحو 29 في المائة من صادرات العالم من الدقيق“.
وفي وقتٍ ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية إلى حد كبير بسبب اضطرابات سلسلة التوريد المرتبطة بوباء كورونا ،فإن هذا من شأنه أن يزيد من خطر انعدام الأمن الغذائي في الدول العربية.
ويمكن أن يؤدي ارتفاع آخر في أسعار الخبز – إلى جانب الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة إلى تأثير هائل على الاستقرار في المنطقة التي تعاني بالفعل من “بعض أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي في العالم” ويمكن أن تؤدي الزيادات الإضافية في الأسعار إلى تعميق الأزمات الإنسانية وحدوث الاضطرابات على نطاق أوسع.
التهديد بالمجاعة
إن الدول العربية المهددة بالمجاعة بسبب هذا الصراع هي اليمن ولبنان، “وكلا الدولتين مستورد رئيسي للقمح الأوكراني” ومن المرجح أنهما ستواجهان أسوأ العواقب.
لكن ارتفاع الأسعار سيشكل أيضًا تهديدًا لدول مثل ليبيا ومصر اللتين تستوردان الإمدادات الأساسية من أوكرانيا، وكذلك تونس والجزائر حيث يثير ارتفاع أسعار المواد الغذائية غالبًا غضبًا شعبيًا.
وستراقب كل هذه الدول محمل التكورات بحذر شديد، بينما تحتشد القوات الروسية على حدود أوكرانيا.
قطر الحل البديل لأوروبا في إمدادات الطاقة
قد يؤدي تصعيد النزاع الروسي الأوكراني إلى خفض إمدادات النفط والغاز الروسية، التي ارتفعت أسعارها بالفعل.
وهذا من شأنه أن يزيد من حدة النقص الحالي في الطاقة ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار حتى بالنسبة للمستهلكين الأوروبيين الذين يعانون من أزمة حادة في تكلفة المعيشة.
وفي ظل هذه الحقائق، يبدو أن استبدال الغاز الروسي بغاز الشرق الأوسط هو حل جذاب للأوروبيين، لكن القول قد يكون أسهل من الفعل.
وكانت قطر باعتبارها ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم،المحور الرئيسي حتى الآن للجهود المبذولة لإيجاد إمدادات طاقة بديلة عن روسيا لدى الدول الأوروبية.
ومنذ أواخر كانون الثاني يناير، تضغط واشنطن على الدوحة لإعادة توجيه صادرات الغاز إلى أوروبا.
ومع ذلك، فإن الإنتاج القطري يقترب من طاقته القصوى، مع ربط الكثير من إمداداته بعقود مع المستوردين الرئيسيين في آسيا.
وإذا فشلت الولايات المتحدة في إقناع شركائها الآسيويين بالتخلي عن بعض حصصهم لصالح أوروبا فستكون إمدادات الغاز الجديدة محدودة ويتم تسليمها بأسعار السوق الفورية، والتي هي بالفعل في أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ماذا عن الإمارات والسعودية؟
تتعزز القوة التفاوضية لدولة قطر بسبب الافتقار إلى البدائل خاصة وأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لا تمتلكان إمكانات مماثلة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال وإمكانيات تصديره. لكن المملكة العربية السعودية مهمة جدًا لإنتاج الطاقة بطرق أخرى.
وتتعرض الرياض لضغوط أمريكية كبيرة لزيادة إنتاجها النفطي لخفض الأسعار.
ولكن السعودية لم تتخذ تلك الخطوة حتى الآن لأن الأسعار المرتفعة تعزز إيراداتها وتسرّع من تعافيها من وباء كورونا.
لكن الصراع المتصاعد سيكثف المطالب الغربية، وقد تشعر المملكة العربية السعودية أيضًا بوجود فرصة لتحدي هيمنة روسيا على سوق النفط في أوروبا الشرقية لمحاولة الاستيلاء على حصة أكبر في السوق العالمية.
هل تستطيع الجزائر وليبيا تغطية الحاجة من الغاز؟
يمثل شمال إفريقيا حلاً محتملاً آخر لمشاكل الطاقة في أوروبا، بالنظر إلى موقع الجزائر وليبيا كموردي غاز بديلين محتملين.
لكن هذا أيضًا سيأتي مع تعقيدات كبيرة “ليس أقلها الطريقة التي يمكن أن تهدد بها سياسات شمال إفريقيا غير المتقلبة استقرار إمدادات الغاز“.
فقد أدت التوترات المتصاعدة بين الجزائر والمغرب بالفعل إلى توقف صادرات الطاقة عبر خط الأنابيب الذي يربط الجزائر مع إسبانيا.
ولا توفر العلاقات المتوترة بين الدولتين سوى القليل من الأمل في التوصل إلى حل سريع، على الرغم من أن الأزمة الأوكرانية قد تدفع إلى بذل جهود أوروبية أقوى للتوسط في النزاع.
ومع ذلك، لا يزال بإمكان الجزائر توفير إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا أو تصدير المزيد من الغاز شرقًا عبر خط أنابيب إلى إيطاليا.
وفي الوقت ذاته، فإن عدم الاستقرار السياسي في ليبيا والتهديد المستمر بالصراع يجعلانها شريكًا لا يمكن الاعتماد عليه تمامًا في شؤون الطاقة، لا سيما بالنظر إلى قدرتها المحدودة.
وقد يدعم الأوروبيون من يرون أنه قادر على توفير استقرار قصير المدى في غرب ليبيا، موقع خط أنابيب الغاز الرئيسي. لكن هذا لن يكون حلاً مستدامًا.
ويمكن لروسيا أن تزيد من تعقيد هذه الترتيبات عبر الاستفادة من وجودها في شرق ليبيا حيث حقول النفط، لتعطيل تدفق الطاقة إلى أوروبا.
الرابط المختصر هنا ⬇