هيئة رقابية تحذّر: محطات الوقود في بريطانيا تبالغ بأسعار البنزين والديزل
حذّرت هيئة رقابية بريطانية من أن سائقي السيارات في بريطانيا يتعرّضون لفرض أسعار مبالغ فيها عند محطات الوقود، في ظل فشل أسعار البنزين والديزل في مواكبة التراجع المسجّل في أسواق النفط العالمية، ما يثير تساؤلات متزايدة حول مستوى المنافسة في قطاع بيع الوقود بالتجزئة.
رفض مبررات تجار الوقود بشأن تكاليف التشغيل

وأفادت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية (CMA)، وهي الجهة المسؤولة عن حماية المستهلك وتعزيز المنافسة، بأن مبررات مشغلي محطات الوقود للإبقاء على الأسعار المرتفعة عند المضخات لا تستند إلى أسس واقعية، رافضة الادعاءات التي تشير إلى أن ارتفاع تكاليف التشغيل يحول دون تمرير انخفاض أسعار الجملة إلى المستهلكين.
وكان تجار بيع الوقود قد برروا عدم خفض الأسعار بالحاجة إلى تعويض الزيادة في التكاليف غير المرتبطة بالوقود، مثل الأجور وفواتير الطاقة.
غير أن تحليلًا حديثًا أجرته الهيئة خلص إلى أن هذه الحجج لا تفسّر استمرار ارتفاع الأسعار، مؤكدة أن البيانات المتوافرة تشير إلى بقاء هوامش الربح عند مستويات قوية، سواء على صعيد الوقود نفسه أو على مستوى هوامش التشغيل.
هوامش أرباح مرتفعة ومنافسة ضعيفة في السوق

وقالت الهيئة إن تجار التجزئة لا يزالون يحققون أرباحًا أعلى من المعدلات التاريخية، على الرغم من انخفاض أسعار النفط الخام وتكاليف التكرير وتغيّر أسعار الصرف، وهي عوامل كان من المفترض أن تنعكس بانخفاض أوضح في الأسعار النهائية التي يدفعها السائقون.
وفي هذا السياق، قال دان تورنبول، المدير التنفيذي الأول للأسواق في هيئة المنافسة والأسواق، إن «هوامش الوقود لا تزال عند مستويات مرتفعة بشكل مستمر، ويُظهر تحليلنا الجديد بوضوح أن تكاليف التشغيل لا تفسّر هذا الارتفاع».
وأضاف أن هذه النتائج «تشير إلى ضعف المنافسة في القطاع، ولو كانت المنافسة تعمل بشكل فعّال، لكان السائقون قد لمسوا انخفاضًا أكبر في الأسعار عند المضخات».
انتقادات من منظمات السائقين لتسعير «الصاروخ والريشة»

وقد لقيت نتائج التقرير صدى واسعًا لدى منظمات سائقي السيارات، إذ أكدت كل من مجموعتي «AA» و«RAC» أن ما خلصت إليه الهيئة يعزّز الشكوك القائمة منذ فترة بشأن تحميل المستهلكين أعباء إضافية غير مبررة.
وقال رئيس السياسات في «RAC»، سايمون ويليامز، إن الهيئة الرقابية «رفضت بوضوح» المبررات التي قدّمها تجار البنزين لتسويغ استمرار الأسعار المرتفعة.
من جهتها، أشارت «AA» إلى أن تكلفة الجملة للبنزين التي يدفعها تجار التجزئة تراجعت بأكثر من 7 بنسات للتر منذ نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، مؤكدة أن هذا الانخفاض، ومع احتساب ضريبة القيمة المضافة، كان ينبغي أن يوفّر على السائقين نحو 8.4 بنسات للتر، أي ما يعادل 4.60 باوند لخزان الوقود الواحد.
إلا أن الواقع، بحسب المنظمة، يظهر أن متوسط سعر البنزين عند المضخات لم ينخفض سوى بمقدار ثلثي بنس فقط.
ووصف المتحدث باسم «AA» هذا السلوك بأنه مثال واضح على ما يُعرف بتسعير «الصاروخ والريشة»، في إشارة إلى الوتيرة السريعة التي ترتفع بها الأسعار عند صعود أسواق الوقود، مقابل البطء الشديد في خفضها عندما تنخفض تكاليف الجملة، وهو ما اعتبره «آفة مزمنة يعاني منها سائقو السيارات في بريطانيا».
خطوات مرتقبة لتعزيز الشفافية وحماية المستهلك

وكانت هيئة المنافسة والأسواق قد أعربت في أيلول/ سبتمبر الماضي عن «قلق عميق» إزاء احتمال فرض أسعار مبالغ فيها من قبل تجار الوقود، لكنها أوضحت آنذاك أنها لم تكن قد أنجزت تقييمًا تفصيليًا لتأثير تغيّر تكاليف التشغيل على الشركات.
وجاء التقرير الصادر يوم الاثنين ليسد هذه الفجوة، مؤكدًا أن الأسعار، رغم تراجعها، لم تنخفض بالقدر الذي كان ممكنًا.
ووفقًا للتقرير، تراجعت أسعار الوقود إلى متوسط 135 بنسًا للتر للبنزين و142 بنسًا للتر للديزل، أي أقل بنحو 8 بنسات للتر مقارنة بالعام السابق، ويُعزى ذلك بدرجة كبيرة إلى انخفاض أسعار النفط الخام وتحسّن أسعار الصرف وتراجع تكاليف التكرير.
إلا أن الهيئة لاحظت أن هذا الانخفاض ظل محدودًا، خاصة لدى محطات الوقود غير التابعة لسلاسل المتاجر الكبرى، التي تمسّكت بهوامش ربح تاريخيًا مرتفعة.
«محدد أسعار الوقود» خطوة لتعزيز الشفافية وتمكين السائقين
وفي محاولة لتعزيز الشفافية ودعم المستهلكين، أعلنت هيئة المنافسة والأسواق أنها تعتزم إطلاق برنامج «محدد أسعار الوقود» خلال العام المقبل، وهو نظام يتيح للسائقين مقارنة أسعار الوقود في الوقت الحقيقي، سواء عبر تطبيقات الملاحة أو مواقع مقارنة الأسعار.
وقال تورنبول إن تكاليف الوقود تمثل عبئًا كبيرًا على السائقين، لا سيما في هذا الوقت من العام الذي يشهد تنقّل ملايين الأشخاص عبر أنحاء البلاد، مشددًا على أن هذا البرنامج «سيعيد القوة إلى أيدي سائقي السيارات، ويساعد الأسر على توفير المال».
وفي ختام التقرير، أشارت صحيفة «الغارديان» إلى أنها تواصلت مع اتحاد صناعة السيارات بالتجزئة للحصول على تعليق، دون أن يصدر رد فوري.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
