العرب في بريطانيا | كيف تراقب شرطة لندن احتجاجات غزة وتفشل في مواجه...

1447 رجب 1 | 21 ديسمبر 2025

كيف تراقب شرطة لندن احتجاجات غزة وتفشل في مواجهة العنصرية داخلها

كيف تراقب شرطة لندن احتجاجات غزة وتفشل في مواجهة العنصرية داخلها. بقلم جون ريس
جون ريس December 20, 2025

رغم اتفاقي مع الانتقادات الموجّهة إلى نظام السجون والشرطة، والتي تبرر الدعوات إلى «إلغاء الشرطة» أو «إلغاء السجون»، فإنني لم أعتبر هذا الشعار يومًا فعالًا على نحو خاص، لا سيما خارج الولايات المتحدة، حيث يكتسب زخمًا بفعل ارتباطه التاريخي بالنضال من أجل إلغاء العبودية في الجنوب الأميركي.

لكن هناك قوة شرطة واحدة في المملكة المتحدة جرى بالفعل إلغاؤها: شرطة أولستر الملكية (Royal Ulster Constabulary). فقد كان الطابع الطائفي المتجذّر لهذه القوة يجعل استمرارها مستحيلاً، فتم استبدالها بجهاز شرطة إيرلندا الشمالية، في إطار عملية السلام.

لحظة مشابهة تقترب في لندن

كيف تراقب شرطة لندن احتجاجات غزة وتفشل في مواجهة العنصرية داخلها
ارتفعت وتيرة الاعتقالات التي تنفذها الشرطة لقمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين

ثمة من يرى أن لحظة مشابهة قد تكون آتية بالنسبة لشرطة لندن الكبرى (Metropolitan Police).

قرار شرطة العاصمة إعادة تفسير القانون لتجريم عبارة «عولمة الانتفاضة- Globalise the Intifada» لم يكن سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من القرارات التي تجعل من الشرطة مشرّعًا للقانون ومنفّذه في آن واحد. فبقرار واحد، تحوّل شعار كان قانونيًا تمامًا في اليوم السابق إلى جريمة تستوجب الاعتقال في اليوم التالي، دون أي تشريع جديد أو حتى حكم قضائي.

عنصرية مؤسسية بتصميم إداري

لطالما كان واضحًا أن مع شرطة لندن قضايا بنيوية عميقة. وخلال الأشهر الأخيرة وحدها، كشف تقريران صادمان كيف تخطئ الشرطة في فهم التطرف، وكيف أن شرطة العاصمة نفسها متغلغلة في العنصرية.

خلص تحقيق مستقل نُشر في تشرين الثاني/نوفمبر إلى أن العنصرية داخل الشرطة «ممنهجة» ويُعاد إنتاجها عبر «التصميم المؤسسي». وقد أُنجز التقرير بتكليف من شركة الموارد البشرية «إتش آر ريوايرد» (HR Rewired)، ليظهر أنّ الموظّفين ذوي البشرة الداكنة يُوصمون بأنهم «تصادميون»، في حين يحظى ذوو البشرة الفاتحة بمعاملة أكثر تساهلاً.

تقارير متراكمة تدين الجهاز

كيف تراقب شرطة لندن احتجاجات غزة وتفشل في مواجهة العنصرية داخلها
انتقادات تطال التعامل الأمني مع الاحتجاجات السياسية: (PA)

جاءت هذه النتائج بعد عامين فقط من تقرير لويس كيسي، الذي أُنجز عقب مقتل سارة إيفرارد على يد ضابط شرطة عامل، وخلص إلى أن الجهاز يعاني من عنصرية وتمييز جنسي وعداء للمثليين على نحو مؤسسي.

أحدث إدانة لشرطة لندن جاءت عقب التقرير السنوي لبرنامج «بريفنت» لمكافحة التطرف، والذي أظهر أن الإحالات المرتبطة بالتطرف اليميني المتطرف كانت أكثر من ضعف تلك المرتبطة بما يُسمّى «التطرف الإسلامي» خلال العام الماضي.

فقد شكّلت المخاوف من اليمين المتطرف 21 بالمئة من الإحالات (1798 حالة)، مقابل 10 بالمئة (870 حالة) مرتبطة بأيديولوجيا إسلاموية. لكن النسبة الأكبر، 56 بالمئة (4917 حالة)، كانت لأشخاص لم تُحدَّد لهم أي أيديولوجيا واضحة، ما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى برنامج أُطلق أساسًا في إطار «الحرب على الإرهاب».

سجل طويل من الفضائح

ليست هذه المرة الأولى التي يُشار فيها إلى اليمين المتطرف بوصفه التهديد الأكبر. ففي عام 2018، نقلت صحيفة الغارديان عن الشرطة تعهّدها بالتصدي لصعود اليمين المتطرف باعتباره «أسرع التهديدات الإرهابية نموًا في المملكة المتحدة». لكن من الواضح أن هذا التعهد لم يُنفّذ.

تحقيق آخر، هذه المرة من برنامج «بانوراما» على بي بي سي، كشف عن مواقف عنصرية وجنسية متجذّرة بين ضباط في مركز شرطة تشارينغ كروس، حيث سُجّل ضباط وهم يدعون إلى إطلاق النار على مهاجرين، ويتفاخرون باستخدام القوة المفرطة، ويستهينون بشكاوى اغتصاب، ويطلقون تعليقات معادية للمسلمين والنساء.

ثم لدينا النتائج المؤقتة لتحقيق جون ميتنغ، رئيس تحقيق الشرطة السرية (Undercover Policing Inquiry)، الذي يفحص نشر ضباط من شرطة لندن على مدى عقود للتجسس على نشطاء يساريين، بما في ذلك الدخول في علاقات جنسية مع ناشطات كوسيلة للاختراق.

وخلص ميتنغ إلى أن الغاية لم تبرر الوسيلة، وأنه لو كانت هذه الممارسات معروفة علنًا في وقتها، لتم إنهاء وحدة «Special Demonstration Squad»  بسرعة.

جهاز غير قابل للإصلاح

كيف تراقب شرطة لندن احتجاجات غزة وتفشل في مواجهة العنصرية داخلها
هل أصبحت شرطة العاصمة لندن غير قابلة للإصلاح؟

فهل يمكن إصلاح شرطة لندن؟ لو كان التمثيل الرمزي كافيًا، لكان ذلك قد تحقق منذ زمن. فرغم أن نحو 13 بالمئة من سكان لندن من السود، لا تتجاوز نسبتهم بين ضباط الشرطة 3.5 بالمئة. ويشكّل الآسيويون 20.8 بالمئة من السكان، لكن نسبتهم في الجهاز لا تتعدى 5.9 بالمئة، فيما تقل نسبة النساء عن الثلث.

حتى لو تحسّنت هذه الأرقام، لا يوجد ما يدل على أن الجهاز قادر على تجاوز طابعه الرجعي المؤسسي. فقائدة الشرطة السابقة كريسيدا ديك أشرفت على قضية إيفرارد وعلى القمع العنيف لوقفة تأبينها.

شرطة عاجزة عن مهامها

اليوم، يوجد 878 ضابطًا موقوفين أو مقيّدين بسبب سوء السلوك، بينهم 46 برتبة مفتش أو أعلى. ومع ذلك، يرفض القائد الحالي مارك راولي حتى الاعتراف بوجود عنصرية مؤسسية.

وفي الوقت نفسه، تُكلّف الشرطة بتطبيق قوانين احتجاج أكثر تسلطًا، وتوسيع قوانين مكافحة الإرهاب لتشمل الاحتجاجات الداخلية، في مسار وُصف بأنه ينتج سجناء سياسيين أكثر من روسيا بوتين.

وقت الإلغاء الجذري

شرطة لندن اليوم غير مؤهلة لتطبيق قوانين الاحتجاج المشددة، ولا لمواجهة التطرف اليميني، ولا لإنفاذ قوانين مكافحة الإرهاب المسيسة. لقد أثبتت مرارًا أنها غير قابلة للإصلاح لا من الدّاخل، ولا من الخارج.  وقد حان الوقت لأن يتوقف السياسيون عن دعمها بلا تفكير، وأن يطالبوا بالحل الوحيد الممكن: الإلغاء الجذري لشرطة لندن.

المصدر: ميدل إيست  آي


اقرأ أيضاً

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة